

كيف تبدو فكرة العام الجديد لشخص عادي تمامًا
شخصٌ مثلي لم يكلِّفُ نفسَه كتابة قائمة بالكتب التي قرأها في عام كامل،
ولا بالأفلام التي شاهدها في غرفته وحيدًا…
شخصٌ لا يقتني المجلَّات المحكَّمة
ولا يهتمُّ بالأخطاء الشائعة في اللّغة،
ويكرهُ أبا الأسود الدؤلي…
***
في هذا العام الذي دخل من جحر “ووهان” وخرج من رأس “عدن”
ليس لي منجزات معروفة…
سوى التقاط الصور الهائلة للغروب
أهرب من ظلِّي الذي يسبقُني عادةً؛ حتى لا أفسدُ كادرَ الصورة التي تخضع لقرارِ سبَّابتي،
أتجنّب مكابرات الشمس لعدسة هاتفي في عزِّ السيلفي الذي يجمعني بفتاةٍ صينيَّةٍ بالكاد تراني على ما يبدو…
***
في هذا العام قررت الذهاب لطبيب العيون،
وها أنذا أشطفُ زجاجَ نظَّارتي بشيءٍ من الإخلاص لمشاهداتي اليوميَّة…
أنا أغرُبُ كثيرا،
ولا أشرقُ سوى مرّة كلَّما تذكرتُ (الماشورة)
أعني قريتَنا الصغيرة التي تفتح -في مخيلتي يوميًّا- أربع ذراعات وحضنين كاملين دون جدوى…
***
في منتصف هذا العام
تألقت سيرتي الرمليَّةُ جدًّا…
فكلَّما ذهبتُ لمشاهدة الغروب
أتذكَّر حبيبةً قديمة
كانت تدسُّ لي كلمات الحب في قصيدة بلا عنوان،
ثم تقرأها مرتين في لقاء واحد؛
وكأنَّها تسمع تصفيقًا قادمًا من أعماق أحدهم…
كل يوم أذهب لكتابة اسمها في رئة الصحراء القريبة،
أجلسُ بالقرب منها،
ثم نستسلم لعادات الريح،
وهي تحذف حبنا أمام مرأى الله وقلبي.
***
في نهاية هذا العام
سألتني صديقةٌ تقودُ مؤخرةً فارهةً
ما إذا كنتُ بصريًّا أم لا؟
تلعثمتُ بسبب خجلي الفادح
ثم حدّثتُها عن طبيعتي الاحتياطية المجهولة:
-أنا روائحي…
وكنتُ صادقًا معها؛
إذ لازلتُ أشمُّ رائحةَ امرأةٍ كانت تجلسُ بالقرب مني في تكريمٍ أدبيٍّ قبل عامين،
وأخرى -قبل ثمانية أعوام- مرَّت بجانبي في طارود كليَّة الآداب،
ولازلتُ أحتفظُ بنسبةِ الملوحة المخبوءة في عَرَقِها اللذيذ…
***
منجزاتي لهذا العام قليلة جدا
يكفي أنني تخلصتُ من كميّات السكَّر المخيفة،
وبدأت أتناولُ قهوتي بطريقةٍ جديدة كما ينبغي لحظي الـــ “سادة”…
أتذوق مرارتها ثم أنسى الفتاةَ التي سخرتْ من كرشي منذ أسبوعين بالضبط،
أنسى ملابسي التي تظهر في صوري القديمة،
والكتبَ التي استعارها أصدقاءٌ للأبد.
***
المهم أنني أصبحتُ ماهرًا في النسيان،
لدرجة أني جلست ذات مرة مع شاعرة شقراء، وسمعنا موسيقى هادئة للغاية،
ونسيتُ وقتها حرمة الغناء، والقسم المغلَّظة لابن عباس…
ومرة سابقة أيضا
وضعت يدي على كتفِ شاعرة، ونحن نأخذ صورة جماعية،
التفتتْ غاضبةً،
ثم شرحتُ لها لاحقًا أن هذه طريقتي عندما كنتُ قائدًا لفريق كرة قدم…
***
دعونا من سيرة النساء الآن…
هل تخيّل أحدُكم أن يكون كلبًا بوليسيًّا؟
هكذا أنا كل ليلة
أتخيَّلُ رائحةَ المطر،
كما لو أنها تعريفٌ طويلٌ لحلمات النساءِ الممتلئات…
أنا لا أعترفُ بملكات الجمال،
ولا بالمسابقات التي تخلو من محكَّمين خبراء
يملكون أنوفًا طويلة المدى…
وإلا ما المانع أن تتصدّرَ امرأةٌ ريَّانةٌ
بفارق نقاط العرق المعرضة للطحن على الحدود بين نهديها العظيمين؟!
***
في مطلع العام الماضي
سألتْني ناقدةٌ أربعينية مقرَّبة:
– ما الدور الذي ستختاره إن كنت بطلا يقيم في رواية ما؟
– “جون باتيست غرونوي”.
شهقتْ!
وإلى الآن تحبُني بطريقةٍ سيميائية.
***
توقفوا…
نسيتُ فعلًا!
سأعود لحذف امرأةٍ ما من النص.