أدبإعلام

أقلام عربية تستعيد رحلة صربية إلى مصر قبل 99 عامًا

أعلنت مجلة أقلام عربية، التي تصدر شهريا في العاصمة اليمنية عن إصدار عددها الجديد، والذي يأتي زاخرًا بمجموعةمن المواضيع الثقافية والأدبية المتميزة التي تتنوع بين التحقيقات الخبرية، التحليلات النقدية، والتأملات الاجتماعية،والإبداعات الأدبية

في موضوعه (رحلة صربية إلى مصر قبل 99 سنة!) يسافر الكاتب أشرف أبو اليزيد عبر الزمن، وهو يترجم رسالتين منكتابات السفر للروائية والرحالة الصربية يلينا ديميتريجيفيتش. وكانت رحلتها إلى مصر فرصة فريدة للقاء شخصياتبارزة وممتعة في عصرها مثل الزعيمة النسوية المصرية هدى شعراوي،مثلما التقت في رحلات أخرى الأميرة البارسيةالليدي دوراب تاتا والشاعر الهندي رابندرانات طاغور؛ الذي التقته عندما زارت الهند. وقدمت كتب رحلاتها الانطباعاتالتي أصبحت شهادة أنثروبولوجية وإثنوغرافية عن زمانها. 

وهكذا أضحت يلينا ديميترييفيتش أول كاتبة سفر صربية وأول مؤلفة صربية غزيرة الإنتاج، فقد نشرت خلال حياتهاخمسة كتب سفر  شاملة بشكل غير عادي، عن نيش وسالونيك، وعن أماكن بعيدة وغير معروفة مثل الهند (Pisma iz Indije، Letters from India، 1928) والولايات المتحدة (Novi svet ili U Americi godinu dana / The New World، الاسم المستعار: One Year in America، 1934)، وشمال إفريقيا والشرق الأوسط (Sedam mora i tri okeana. Putem oko sveta / Seven Seas and Three Oceans. رحلة حول العالم، 1940). كما نشرت ستةأعمال أخرى في الشعر والقصص القصيرة و المرأة الأمريكية، وشيء حدث في أمريكا)، ورواية (المرأة الجديدة) 1912).

وترجمت بعض كتب يلينا ديميترييفيتش خلال حياتها إلى الإنجليزية والألمانية والروسية والبولندية والبلغارية. فيالوقت نفسه، كانت الكاتبات الصربيات يكافحن للحصول على اهتمام محلي جاد. على الرغم من أن ديميترييفيتش كانتفي ذلك الوقت أول كاتبة مشهورة في صربيا   وأول كاتبة صربية تقدم نفسها شخصيًا إلى العالم، ولكن لم يتم الاعترافبها رسميًا من قبل من هم في السلطة . ربما يمكن تفسير هذا الرفض على أنه مقاومة لـ تفانيها في تحسين دور ومكانةالمرأة في المجتمع الصربي.

تأتي الرسالة الأهم من لقاء يلينا ديميتريجيفيتش، في ديسمبر 1926، مع رئيسة ومؤسِّسة الحركة النسوية المصرية،هدى الشعراوي،  والتي كانت أيضًا مؤسِّسة مجلة المرأة المصرية النسوية. سألت ديمترييفيتش الشعراوي، وكانت علىاطلاع واستعداد تامين للمقابلة،هل ستطالبين بالحق في التصويت لنسائك؟وبعد ملاحظة تغيير مفاجئ في التعبيرعلى وجه الشعراويوكأن هذا السؤال الأخير قد أحرجها”. ردت الشعراوي بأنها ستطلب أولاً منح حق التصويتللمثقفات المصريات فقط. تكشف رواية ديميترييفيتش عن المصلحة الذاتية لـالنسوياتفي مصر والحقوق السياسية المتميزة والمقيدة والمقيدةللمفكرات، والتي لم تحسن وضع جميع النساء في مصر.

بين بحار سبعة ومحيطات ثلاثة

   تقول سفيتلانا توميتش: “تمثل روايات رحلات  يلينا   ديميترييفيتش، التي كُتبت في الثلاثينيات من القرن الماضي،مساهمة كبيرة في الأدب والثقافة والسياسة الصربية. تتمثل إحدى الرسائل الرئيسية للبحار السبعة والمحيطات الثلاثةفي أن ثروة الناس تكمن في مراقبة العالم وفهمه والتعرف عليه، وهو قريب من فكرة اليوم الحالية عن التعددية الثقافيةوالحاجة إلى تحمل التنوع البشري “.

بدأت يلينا ديميترييفيتش كتابة الشعر. واعتبرتها الباحثة الشاعرةسافو الصربية”. تذكرت وجها آخر للتحرر وقدنشرتُ ترجمة أشعار سافو  الونانية. كم هو صغير هذا العالم!

لقد أرسلت لي د. آنا ستيليا نص هاتين الرسالتين بالكتاب في نسختهما المترجمة للإنجليزية؛ الأولى بتاريخ 30 نوفمبر1926، والثانية بعدها أيام (ديسمبر 1926)، وتعرضان بصدق أسلوب يلينا الأدبي في التوثيق وأدب الرحلة، ويكشفعبر تضميناتها لخلفيتها الثقافية والدينية.

من الإسكندرية إلى القاهرة (من الرسالة السابعة) لن تُنسى أبدًا تلك الرحلة من الإسكندرية إلى القاهرة، مارَّة بنا عبرالحقول المزروعة في وادي النيل. إنها رحلة حقيقية تجوب مصر، لكنها تبدو وكأنها حلم: “مصر أرض مقدسة مثلهاكفلسطين أرض مقدسة. لا أعتقد أن هناك مشاعر دينية يمكن أن تغمرني أكثر مما أنا فيه بأي مكان سواها، ولا حتى فيبيت لحم ، حيث وُلد مُخَلّصنا وفادي خطايانا، أو في القدس، حيث مات من أجلنا؛ نحن الخُطاة.… أنظر إلى النيل فيإثارة هائلة، وكأنه يقترب من أجداث أجدادي، رغم أن النيل حي: يتدفق ويتحدثطوبى لمن يفهم لغة هذا الرجلالعجوز، الشاب الأبدي، وهو يفي بطعامه حتى الآن، لأمة بأكملها، منذ العصور القديمة.

أنا أقف بجانب النافذة. وبينما يندفع القطار عبر وادي النيل، مارا بحقول قصب السكر وشجر الموز، وأحواض الأرز وزهرالقطن، بجانب النخلات الطويلة؛ وبأناس يسامقون أشجار النخيل طولا، بقفاطين ملونة مارين على الأقدام أو علىالجمال فوق الطريق الترابيةأفكر في النيل.

بمجرد ملاحظة شيء ما، أرتجف من بعيد. ولكن بدلاً من النيل، توجد قطعان كاملة من الإبل والجِمال العربية. هذاالحيوان ذو الشًّعر؛ الجمل، رغم قبحه، يحذرني من أن القطار يندفع عبر إفريقيا، عبر مصر، ويستثير صورة الصحراءالليبية والعربية والصحراء، رغم مروره عبر وادي النيل الخصب

ما زلتُ مهتمَّة بكل شيء، على الرغم من أنني مهووسة بفكرة واحدة، إلا أن هناك رغبة واحدة فقط: رؤية النّيل في أقربوقت ممكن. على طول الطريق تمر حمير البضائع عبر الحقول هنا وهناك. يركب الرجال الحمير والنساء يمشين. يرتديالرجال قفاطين بكل الألوان الزاهية، بينما تتزيَّ النساء بلباس الأسودوحلقات على فتحات الأنف. فقط جانب واحد منفتحة الأنف مثقوب بحلقة فضية وربما ذهبية، كلاهما يعطي الانطباع نفسه. بالنسبة لهؤلاء اللائي لهن حلقات أنف،أخبرني رفيق عربي أنهن من صعيد مصر. بعضهن يضعن وشما على الجبين والذقن مثلما توضع أختام كعلامة علىالماعز والأغنام لمعرفة من أي حظيرة جاءت…”

من عناوين العدد (أزمة الهوية الإسلامية في روايةحجر السعادةللروائي أزهر جرجيس) وهو تحليل أدبي بقلمإبراهيم رسول.  وتستهل المجلة صفحاتها المصورة بسوق الحكايات: حين تهدد الحكاية رسم الذاكرة، وهو تقريريستكشف دور الحكايات في تشكيل الوعي الجمعي.  وفي زوايا النقد: نقرأ (الناقدالعقل الاستراتيجي للإبداع ) بقلم محمد الحميدي،.كما نطالع (ذاكرة الحب)، لمحمد ناصر الجعمي ، ونبحر في المجتمع والصورة النمطية في السينما المصرية، مع دراسةنقدية للدكتور حاتم الشماع.

فريق التحرير يضم رئيسا التحرير الكاتبة سمر الرميمة ، ومدير التحرير د. مختار محرم ، ونائب مدير التحرير عليالنهام  المجلة متوفرة ورقيا في مكتبة (د) صنعاءقرب الجامعة القديمة.

للتواصل عبر البريد الإلكتروني: samarronima@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى