في كل عدد من مجلة CAJ الدولية، نسعى لإبراز الأصوات التي تسلط الضوء على واقع إفريقيا المتعدد الأوجه—قصصها، وتحدياتها، وانتصاراتها، وسردياتها المتجددة. يقدم عدد هذا الشهر باقة غنية من النقاشات التي تمتد من السينما والتاريخ إلى الإيمان ورحلة شخصية استثنائية.
لطالما كانت السينما الإفريقية وسيلة للتعبير الثقافي والتأمل الاجتماعي. في مقالها “السينما الإفريقية: قضايا محلية حرجة وشاشة عالمية”، تستعرض المخرجة والكاتبة المصرية فاطمة الزهراء حسن التوتر القائم بين الأصالة المحلية والاعتراف العالمي. أفلام مثل دكتور بيلو، وأطفال كينشاسا، ونيروبي نصف حياة، تشهد على حيوية السرد الإفريقي. ويعكس موقع “نوليوود” كأكبر ثالث صناعة سينمائية في العالم براعة القارة في هذا المجال، فيما تواصل الأعمال من كينيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية تأكيد حضورها على الساحة العالمية.
في مقالنا الثاني، “رحلتي إلى إفريقيا، وطن أ. حنبعل”، يأخذنا الشاعر الروسي فيكتور كليكوف في جولة تاريخية وأدبية. اكتشافه لجذور حنبعل الإفريقية من خلال مجلة Présence Africaine يفتح حوارًا حول مدى ترابط تاريخنا الإنساني. فإرث شخصيات مثل حنبعل، التي غالبًا ما تُطمس في السرديات الغربية، يذكرنا بأن لإفريقيا مساهمات عميقة في الثقافة العالمية.
أما في السجال المعاصر، فإن مقال خالد سليمان “حقيقة التسامح الديني وسوء الفهم” يتحدى الخطاب الانقسامي والتزييف الفكري في مناقشة قضايا الإيمان. ففي عصر المعلومات المضللة الرقمية، من الضروري الدفاع عن الحوار العقلاني والدقة التاريخية. تسليط الضوء في مقال سليمان على ضرورة اليقظة الفكرية في مواجهة التفسيرات المغلوطة التي تزرع الفُرقة.
ويتناول موضوع الغلاف هذا الشهر شخصية أصبح اسمها مرادفًا للصمود والذكاء والإخلاص اللامتناهي لوطنها—الدكتورة حنان عوّاد: الوردة الفلسطينية. يرسم الدكتور نبيه القاسم في مقاله صورة معبّرة لمسيرتها الأكاديمية والنضالية، من خلال استعراض كتابها الممتع (ذاكرة الترف النرجسي)، حيث تُجسّد جوهر حياة أُمضيت في خدمة شعب وقضية. إن إنجازاتها العلمية، وإسهاماتها الأدبية، ومواقفها السياسية، تروي حكاية امرأة لا تنفصل هويتها عن الأرض التي تناضل من أجلها.
وفي كوريا، كان الإعلان عن الأحكام العرفية وعزل القيادة السياسية نهاية العام الماضي محل تركيز كبير. في هذا السياق، عقد ألف صحفي من أكثر من 30 دولة من جمعية الصحفيين الآسيويين (AJA) مؤتمرًا صحفيًا طارئًا في الرابع من مارس بمركز الصحافة في سيول، مطالبين بإعادة الديمقراطية إلى كوريا، ولا يزالون ينظمون حملة جمع توقيعات في البلدان الآسيوية. وقال لي سانج كي، ناشر صحيفة TheAsiaN والرئيس المؤسس لـ AJA: “أُعرب عن تقديري العميق لتعاون ودعم الصحفيين من باكستان، قيرغيزستان، سريلانكا، ماليزيا، أوزبكستان، أفغانستان، اليابان، وإيران وغيرهم. وأنا واثق بأن كوريا ستقدم المزيد للبلدان الآسيوية من خلال تجاوز هذه الأزمة.”
كما نُلقي الضوء على موضوع “أدب الرحلة وتأثيره في الأدب العربي”، فالسفر هو الحياة، والكتابة عنه هي حياة أخرى. فالأدب يُحوّل الرحلة إلى تجربة مشتركة، ينسج عبرها حكايات تتجاوز حدود الزمان والمكان. يكتب عبد الناصر لمجلة CAJ الدولية عن هذا الأثر العميق.
وفي تنزانيا، يكتب مراسل المجلة موتايوبا أربوغاست عن إرث البروفيسور هوبرت موومبيكي كايروكي، الذي وُلد عام 1940 في قرية كيغاراما بمنطقة كاجيرا شمال غرب البلاد. ويصفه بأنه طبيب نساء ورائد بصيرة أسّس مستشفى كايروكي، ساعيًا لتقديم رعاية صحية شاملة وعالية الجودة وبأسعار معقولة لمجتمعه المحلي.
وبعد وفاته في السادس من فبراير عام 1999، لم تمت رسالته. يذكر أربوغاست أن أسرته واصلت التزامه بالرعاية الصحية والتعليم في تنزانيا، مما يضمن استمرار إرثه الحي.
من خلال هذه السرديات المتنوعة، يُعيد هذا العدد تأكيد قوة الحكاية—سواء عبر الفيلم أو الأدب أو الشهادة الشخصية—في تشكيل الوعي الإفريقي والعالمي. وبينما نواصل توثيق هذه الأصوات والاحتفاء بها، ندعو قرّاءنا إلى التفاعل والتأمل والمساهمة في الخطاب الذي يُعيد رسم ملامح مستقبلنا المشترك.
ولقراءنا، نعدكم بمتعة القراءة من قصص البلدان الإفريقية الأخرى، ومن قارات العالم كافة… قراءة ممتعة!
