
“إسمها ودّ” هي رواية ستجعلك تعيش كل لحظة من الحب والتضحية. هناك في هذا العالم أشخاص… عندما يولدون لا يتذكرون، وهناك حيث المكان البعيد في بلدة “إده” قضاء جبيل، حيث المكان الهادئ الذي يبعد عن المدينة وأضوائها الصاخبة، تدور أحداث بطلة قصتنا… الآنسة “وِدّ السعيد”، سيدة الأعمال العصامية التي عملت على بناء نفسها بنفسها وعملت على تطوير نفسها بين بلاد الاغتراب والعودة إلى ربوع الوطن. لعب القدر لعبته معها، فملكها قرية بأكملها، ورثتها بحكم القانون بعد أن توارثتها الأجيال جيلاً بعد جيل. فشاء القدر أن يكون حبيبها هو خصمها وعدوها اللدود. ومع مفارقات هذه القصة الغنية بمواقفها الإنسانية، نعيش أحداثها الممتعة.
مقطع من رواية الكاتب احمد عثمان وهي صادرة عن دار ابعاد للطباعه والنشر في بيروت ٢٠٢٥
اسمها ود
كان الطقس في ذلك اليوم من ديسمبر قاسيًا، تتساقط الأمطار بغزارة. الجميع اختبأ تحت مظلاتهم، إلا إيثان. لم يكن يبدو عليه أنه يبالغ في الانتباه للطقس. شعره الأسود المجعد امتص الماء حتى بدأ يتساقط على ياقة معطفه الصوفي السميك. كان يقف كصخرة ضخمة ناتئة على الشاطئ، يرفع وجهه المليء بالازدراء، والمطر يغسل معالمه القاسية. لم يكن وسيمًا بالمعنى التقليدي، بل كانت ملامحه خشنة تحمل عداءً غريبًا، وكأنها تثير الرعب في النفس. كانت عيناها الخضراوتان تلمعان كحقل بعيد، وكان حاجباه مرفوعين طوال الوقت وكأنه يحمل همومًا لا نهاية لها. كان شامخًا في وقفته، رأسه وكتفاه مرفوعان فوق الجميع. يداه العريضتان كانتا مدسوسين في جيبي معطفه، بينما كانت أخته الصغيرة تتعلق بذراعه كما لو كانت بعوضة، تكاد لا تزعجه بكلامها. شعرت بالكثير من الأسى تجاه هذه المرأة الهشة، التي لم يكن لها من يعتمد عليها سوى إيثان. لكنه، رغم القرب الجسدي، كان يثير حزنها بتباعده العاطفي، وكأن قلبه في مكان بعيد.