

مسقط، سلطنة عُمان – في إطار البرنامج الثقافي لمعرض مسقط الدولي للكتاب في دورته التاسعة والعشرين، ألقى الكاتب والمؤرخ الروسي ديمتري ستريشنيف محاضرة مؤثرة حول التاجر والمستكشف الروسي في القرن الخامس عشر أفاناسي نيكيتين، كاشفًا عن واحدة من أقدم اللقاءات الموثقة بين روسيا وشبه الجزيرة العربية.
وقد دُعي ستريشنيف كضيف شرف من ضمن الكُتّاب المشاركين، حيث قدم نتائج أبحاثه حول الرحلة الاستثنائية لنيكيتين، والتي جرت قبل ما يقرب من ثلاثين عامًا من قيام المستكشف البرتغالي الشهير فاسكو دا غاما برحلته البحرية إلى الهند. ووفقًا للوثائق التاريخية، فإن أفاناسي نيكيتين يُعد أول أوروبي معروف زار مدينة مسقط، مقدمًا بذلك رؤية نادرة ومبكرة حول طرق التجارة البحرية التي ربطت روسيا بفارس والهند ومنطقة الخليج العربي.

عن أفاناسي نيكيتين
وُلِد أفاناسي نيكيتين حوالي عام 1433 في مدينة تفير الروسية، وكان تاجرًا ومستكشفًا شهيرًا قام برحلته الأسطورية بين عامي 1466 و1472، حيث سافر من روسيا مرورًا بفارس وعبر المحيط الهندي إلى الهند. ويُعد كتابه “الرحلة وراء البحار الثلاثة“ من أبرز أعمال أدب الرحلات في التاريخ الروسي، كما يُعتبر وثيقة نادرة تسجل أوصافًا دقيقة للثقافات والدينات والعادات والتقاليد في الهند والعالم الإسلامي خلال القرن الخامس عشر. وقد شملت رحلته المرور بشبه الجزيرة العربية، بما في ذلك محطة في مسقط، مما يجعله أول أوروبي يصل إلى سلطنة عُمان قبل وصول فاسكو دا غاما بـ 28 عامًا.
عن ديمتري ستريشنيف
ديمتري ستريشنيف هو كاتب ومؤرخ ثقافي روسي، متخصص في تاريخ الاستكشاف البحري الأوراسي المبكر. عُرف بأعماله البحثية المعمّقة ومحاضراته العامة التي تسلط الضوء على المساهمات السلافية المنسية في حركة الاستكشاف العالمية، مؤكدًا على أهمية الفهم المتبادل والدقة التاريخية. كتب ستريشنيف العديد من المقالات والدراسات حول شخصيات استكشافية روسية أسهمت في ربط الشرق بالغرب من خلال التجارة والمعرفة.
وخلال مشاركته في معرض مسقط الدولي للكتاب، ساهم أيضًا في إطلاق كتاب تذكاري من 108 صفحات حول الإرث البحري المشترك بين روسيا وسلطنة عُمان، إلى جانب إصدار طابع بريدي مشترك بين البلدين احتفالًا بمرور 40 عامًا على العلاقات الدبلوماسية بين موسكو ومسقط.
نحو جسور ثقافية جديدة
شهدت محاضرة ستريشنيف اهتمامًا كبيرًا من قبل الباحثين والقراء والمؤرخين الثقافيين، إذ سلطت الضوء على صلات تاريخية عميقة بين روسيا وعُمان سبقت التوسع الاستعماري الأوروبي. وتؤكد زيارته والأنشطة المصاحبة لها على الدور المتنامي الذي تؤديه سلطنة عُمان كمنصة للحوار الثقافي والبحث التاريخي.