كانت الحلقة الخاصة بسيرة الملك امنمحات الأول في برنامج (من زاوية أخرى) على شاشة قناة النيل الثقافية نموذجا للبرامج الحوارية المتخصصة؛ فضيفها العلامة الدكتور سليمان الحويلي أستاذ آثار مصر القديمة، بكلية الآثار، جامعة القاهرة، وقد منحته الإعلامية سوزان فضالي، ، ومنحتنا، الفرصة لنستمع إلى حديث شيق وموثق عن الملك امنمحات الأول، اول ملوك الاسرة الثانية عشرة وهي الأسرة التي تُمثل العصر الذهبي للدولة الوسطى في مصر.
تعددت الزوايا في سيرة امنمحات الأول؛ لانه منذ البداية لم يكن من السلالة الملكية فقد كان قادماً من الجنوب المصري العريق، تحيط المؤامرات والاغتيالات بداية حكمه حينما كان وزيرا للفرعون منتوحتب الرابع، وعندما تولى الحكم في مصر لجأ إلى حيلة غاية في الذكاء اقنع الرعية انه يحكمهم بتفويض من المعبود عن طريق الإله، وقدم الحويلي( تنبؤات نفرتي ) تلك البردية المحفوظة في متحف ليننجراد، التي كانت سلاحاً استخدمه الملك امنمحات، والتي تُعتبر من اقدم الأساليب الدعائية الموجهة التي استطاع بها ان يقنع بها الشعب انه مفوض من الإله.
امنمحات الأول هو صاحب البردية الأدبية الأشهر التي كتبها لابنه سنوسرت الأول وهو على فراش الموت متأثراً بحادث الاغتيال الذي تعرض له والذي لم يُعرف حتى الان من كان وراءه !!
قام الملك امنمحات الأول بنقل العاصمة من طيبة التي كانت مقراً ثابتاً لملوك مصر إلى مدينة ( إيثت تاوي) واستعان في بناء هرمه في (الليشت) بالفيوم، بنقوش مزخرفة من آثار الدولة القديمة خصوصا الطرق الصاعدة للأهرامات. والمعابد منها ما هو خاص بهرم خوفو. والكتل الجرانيتية مأخوذة من المجمع الهرمي للملك خفرع ؟ولماذا انهار قلب المجمع الهرمي ولم يتبق من هرم ومعبد اللشت إلا بناء صغير نسبياً قياساً بالأهرامات التي اعتدنا عليها؟
واستعرض الدكتور سليمان الحويلي وصايا امنمحات الأول لابنه سنوسرت الأول، كأحد أهم الأعمال الآدبية الشعرية المصرية القديمة، فهي تأخذ شكل مونولوج درامي، من المفترض أن شبح الفرعون المقتول أمنمحات الأول على ابنه سنوسرت الأول … تصف هذه القصيدة المؤامرة التي تعرض فيها امنمحات الأول للاغتيال ويأمر ابنه ألا يثق في أحد:
أنت يا من ظهرت إلهاً
أصبحت ملكاً
أصغ لما سألقيه عليك حتى تصير ملكاً على البلاد
وحاكما على شواطىء النهر:
خذ الحذر من مرؤوسيك
لاتقتربن منهم على انفراد
ولا تثقن بأخ
ولا تعرفن لنفسك صديقاً
ولا تصطفين لك خِلاناً
لأن ذلك عديم الفائدة ..
وعندما تكون نائما
اتخذ من قلبك حارساً
لأن الرجل لا صديق له وقت الشدة.
اختلفت الروايات حول مقتل الملك امنمحات الأول ، فقد تكون الوصايا التي تركها لابنه سنوسرت الأول مؤشرا ودليلا على المؤامرة التي تعرض لها امنمحات الأول على يد احد حراسه ، وكان ابنه وساعده الأيمن في الحكم سنوسرت الأول على راس حملة عسكرية الى ليبيا، والرواية الاخرى ان احدى زوجاته كانت وراء هذه المؤامرة …
وحكى الدكتور الحويلي، بطريقة درامية، تفاصيل المؤامرة التي أدت الى اغتيال امنمحات الأول وظهور شخصية (سنوهي ) تلك الشخصية التي كان لها حضور كبير في سيرة امنمحات الأول خصوصاً مشهد الاغتيال وقد تعددت الروايات حول هروبه الى فلسطين ومنها الى سوريا بعد موت الملك ، وهل عاد الى مصر مجددا ليموت فيها مما يثبت براءته.
وفي استنتاجه الخاص يقول الدكتور الحويلي أن هرب سنوهي إثر المؤامرة جاء خضية الزج باسمه فيها؛ خاصة وأنه كان يحبذ تولي ابن امنمحات الملكي على شقيقه من زوجة الملك الأولى التي ارتبط بها حين كان وزيرا لامنحتب الرابع. وأن هروب سنوهي إلى سورية غير منه شكلا وطباعا، إلا أنه نال العفو، وعاد للاستقرار في مصر بدعوة من الملك الجديد.
البرنامج من تنسيق المخرجة فاطمة الزهراء حسن، وإخراج المخرجة سهر منسي، وإعداد حسين الحسيسي، وتقديم الإعلامية سوزان الفضالي.
