
بقلم: أوليغ بيلوف
كاتب عمود في صحيفة “الحجج والحقائق – كازاخستان“
الجبال هي مملكة الجليد، والأرقام القياسية، والتحديات. لكنها أيضًا مملكة الإلهام، حيث تولد القصائد. وقد اجتمعت كل هذه الأبعاد في مكان فريد — في أحد الأودية الكازاخية على منحدرات تيان شان الشمالية، قرب مدينة ألماتي.
هنا، على ارتفاع 1691 مترًا، بُني في الحقبة السوفييتية مضمار التزلج الأسطوري على الجليد “ميديو” — وهو ميدان شهد تحقيق 320 رقمًا قياسيًا عالميًا. وبفضل إنجازاته البارزة في رياضة التزلج السريع، اكتسب لقب “مصنع الأرقام القياسية”. وخلال السنوات الأخيرة، حلّت الإنجازات الثقافية محلّ تلك الرياضية. فلم تعد الأرقام القياسية تُسجّل على الجليد، بل على الدرج — 842 درجة تصعد عبر سدّ للحماية من السيول، وصولًا إلى ارتفاع 1733 مترًا فوق سطح البحر.
في 30 مايو 2025، تمّ تسجيل أول رقم قياسي شعري في العالم هنا. فقد اختُتم الصعود على الدرج بفعالية أدبية: حيث قرأت المشارِكات في كل منصة من المنصات العشر قصائد لشعراء بارزين من أنحاء العالم. وقد أكملت هذا الصعود مارغريتا آل (روسيا)، رئيسة “المنظمة العالمية للكتّاب – WOW”، وفلادا كوروليوفا (فرنسا)، وهي مدونة سفر شهيرة. وقد أهدتا هذا الإنجاز الشعري إلى الفائزين بجائزة WOW — شعراء تتردد أصواتهم في ثقافات متعددة، وهم:
قنسطنطين كيدروف-تشليشيف روسيا، أولجاس سليمانوف كازاخستان، فاريس يلتشييف أذربيجان، توغرول تانيول تركيا، أشرف أبو اليزيد مصر، والي أوكيديران نيجيريا – غانا، ألكسندرا أوتشيروفا روسيا، عادل خزام الإمارات العربية المتحدة، دانييلو خوسيه أورتيتشو نيكاراغوا، ومامتا ساغار الهند.
وقد نظمت الفعالية “المنظمة العالمية للكتّاب – WOW” بالتعاون مع “جمعية شعوب أوراسيا وأفريقيا”. وتم تسجيل الرقم القياسي رسميًا من قبل أنفار ألموخاميتوف، ممثل “كتاب الأرقام القياسية العالمية“.
من المهم الإشارة إلى أن “كتاب الأرقام القياسية العالمية”، الذي شاركت “المنظمة العالمية للكتّاب – WOW” في تأسيسه بالتعاون مع “موسوعة غينيس للأرقام القياسية”، قد حجز له مكانة خاصة في مجتمع الأرقام القياسية العالمي. فهو يمهد الطريق لنوع جديد من الإنجازات ذات الطابع الإنساني والثقافي، مانحًا الصوت للثقافة، والتنوع اللغوي، والإنجاز الأدبي. وهذه هي فرادته وأهميته.
كان لي شرف أن أكون خبيرًا مستقلًا ممثلًا عن صحيفة “الحجج والحقائق – كازاخستان” أثناء تسجيل هذا الحدث. وقد أصبح العشرات من السائحين العابرين، الذين صادفوا تسلق الدرج في ذلك اليوم، شهودًا على حدث تاريخي — رقم قياسي شعري في طور التحقّق.
وأثناء صعودي مع مارغريتا وفلادا، بينما كنت أستمع إلى القصائد على خلفية القمم الثلجية، شعرت وكأني أقوم برحلة حول العالم. لم يعد هذا الدرج مجرد مسار نحو الأعلى — بل أصبح قمة للمعنى. ومن يدري، لعلّ الشاعر يوسف برودسكي قد ألهمته هذه الجبال ذات يوم لكتابة سطره: “من قمة النهر الجليدي، تأملت نصف العالم.”
وبصفتي خبيرًا، أؤكد: تم تسجيل أول رقم قياسي شعري في “ميديو”. لقد عاد “مصنع الأرقام القياسية” إلى العمل — لكن في البعد الأدبي هذه المرة. وليس من قبيل المصادفة أن كلمة “درجة” (أو “خطوة”) ليست مجرد عنصر من عناصر السلم، بل أيضًا وحدة في الوزن الشعري. وهذا يعني أن قممًا جديدة تنتظر — أسماء جديدة، وقصائد جديدة.
الصور بعدسة الكاتب