أدبشخصيات

ديوان “يوتوبيا بحجم الكف” للشاعر زيرفان أوسي

اختار النصوص وقدمها الشاعر أدونيس

الشاعر زيرفان أوسي

يصدر ديوان يوتوبيا بحجم الكف للشاعر الكردي زيرفان أوسي ضمن سلسلة “إشراقات” الشعرية التي يشرف عليها الشاعر أدونيس، ويُعدّ من الإصدارات اللافتة للعام 2024 عن دار “كتب” في بيروت. الديوان يضم أكثر من 230 مقطعًا شعريًّا، مكتوبًا بالعربية، مفعمًا بكثافة شعرية وتأملات وجودية حادة، ويهديه الشاعر “إلى النساء الإيزيديات الأسيرات”، في إشارة واضحة إلى محنة الهوية والمقاومة والنفي.

يعتمد الديوان (184 صفحة)، الذي اختار نصوصه وقدمها الشاعر أدونيس،  على بنية القصيدة القصيرة أو “الومضة الشعرية”، التي تتخذ شكلاً متوالياً من المقاطع المرقّمة، تتنوع في طولها وإيقاعها، لكنها تتوحّد في النبرة العالية للقلق الشعري، والسعي نحو تجريد المشهد الإنساني من كل زيف.

يحضر في النصوص خطاب شعري كثيف، مشبع بالرموز والتجريد، مع ميل إلى تفكيك المفاهيم الكبرى: الحب، الحرية، الحرب، الوجود، الذاكرة، النسيان، الوطن، الذات، والانتحار الرمزي.

مقتطفات مختارة:

في وصف الزمن والهوية:

(2)
أيتها الرمالُ
التي تمقتُ وطأةَ الأقدامِ
أما زلتِ تنتشين بحركة البحر؟

في توصيف الحالة الوجودية القلقة:

(13)
اللحظةُ شراب بوهيميّ.
لا تكترثْ إلا باللحظةِ
هي تعرفُ منذ سطورك الأولى
كيف تقيسُ الهباءَ بالهباءِ
والشجرات بالانحناءِ.

في نقد العالم المعاصر والمفاهيم السياسية:

(24)
انتبهوا من الحب في عصر المادة
أخشى أن ماكينة عمياء
ستحوّله إلى مقبض مسدس.

في فلسفة الحرب والمنفى:

(222)
المنفى مادةٌ لزجة، تلصقنا دائماً بما هو أسوأ.

في توصيف الشعر والذات المبدعة:

(129)
لا أريدُ أن أتركَ فوضايَ
أُحبُّ أن أحترق بهذا العُشب الأزلّي
أُسمّيهِ الشعرَ.

اللغة في الديوان شعرية مشحونة بالرموز، تميل إلى التّكثيف والتّناصّ، وتُحافظ على إيقاع داخلي عبر الجرس الصوتي والصور المفاجئة. ويبرز في النص استثمار للمجاز الكثيف واللغة المفتوحة على احتمالات الفهم والتأويل.

يُمثّل هذا العمل تمازجًا بين التجربة الفردية والشهادة الجمعية، حيث تتحوّل الكتابة إلى طقس وجودي وشهادة على عصر مليء بالخراب والانتظار. ويُقدم زيرفان أوسي رؤية شعرية تجمع بين التأمل الصوفي، والسرد الكوني، والاحتجاج الإنساني.

يوتوبيا بحجم الكف هو سفر شعريّ يحاول أن يُمسك باليقين في قبضة الشك، وأن يُضيء المأساة بمعجم خاصّ لا يُهادن، فيه يرى الشاعر نفسه شجرة بائسة تهزها ريح الأسئلة من كل الجهات.

(193)
أنا شجرةٌ بائسة
كلما هزتّْ ريحٌ من جهةٍ
أدُهنُ بؤسي بنُطفِ الأسئلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى