جاليري

(أبْعَدُ من سُوقَيّ صيدا وطرابلس) طريق الحرير

بقلم: د. إيمان بقاعي إهداء إلى الأديبة اللُّبنانية الشَّاعرة الدكتورة هدية الأيوبي

 

17\9\2025

في الثّالثِ من نيسانَ 2025، أرسلْتُ إلى صديقتي الحلوةِ (هديَّة الأيوبي) صورًا من (سوق صيدا) الشَّعبي صورتها بنفسي، فكتبَتْ لي:
‏-“حلو هالمشوار بالسُّوق”. يشبهُ (سوق طرابلس) قليلًا، إنما (سوق العطَّارين) في (طرابلس)، طويلٌ يمتدُّ من وسط المدينة إلى (نهر أبو علي). فيه دكاكين العطارة ودكاكين الأكل الجاهز والخضار واللُّحوم والأسماك والحلويات، ويتفرَّع منه “زاروبٌ” محفوفٌ بدكاكينَ صغيرةٍ، وبنهاية “الزاروب”، بائعاتُ الكنوز مِن أعشاب برِّيَّة مغسولة ومُنقَّاة ومفرومة، والفوارغ.
ونخرُج لنَصِلَ إلى يسارِنا المسجد المنصوري الكبير وحوله مكتباتٌ للقرطاسِيَّة. وفي آخر الرَّصيف، مكتبةُ السَّائح الشَّهيرةُ لبيع الكتب النَّادرة. وإن أكملْنا بضع خطواتٍ، هناك “باتيسري” طفولتي الذي كانَ يبيعُ أطيَبَ “جاتوه” في العالم. وظللْتُ أشتري مِن عندِه حين كنْتُ في (لبنان).
-هل كان أطيبَ “جاتوه” فعلًا؟
سألتها، فأجابت:
‏ -إنَّه أطيب “جاتو” فعلًا، لأن المطبخ كان مباشرةً وراءَ دُكَّان البيع، فكان “الجاتو” يخرج ساخنًا.

كانت الرَّائحة تملأ الشَّارع وتجذب الأنوف. لم أَذقْ أَطيب منه حتى في (فرنسا)، فهنا يباع (الجاتوه) في الواجهات بعد جَلْبِه مِن المصانع. فقط المخبز الذي فتح السَّنَةَ الماضية مع “السُّوبرماركت” في المدينة المجاورة، تخرج المخبوزاتُ منه ساخنةً، ولكنه لا يصنَعُ “الباتيسري” التي أحبُّها، ولا يشتغِلُ بالكْريما و”هِيْكْ شي…”.

 

هدية الأيوبي

علَّقتُ:
– أنا كنتُ أحبُّ كاتو (ماما عصام)، وهو عبارة عن كيكْ بلليمون نأكله ساخنًا بدون كريما، بسْ كتيييير طيب. فيه كثير من نكهة قشر البرتقال بدل الحليب. حتى رائحة بيتها كانت تعبق بقشر البرتقال وقتَ تصنعُهُ. قبل فترة، استهديتُ على كولونيا للأطفال بنكهة (الكيك)، واشتريتها. صغيرة، وصيفية منعشة.
قالَت:
– لو وجدتُ منها، لرشَشْتُ منها على وسادتي ونمتُ أحلم بكاتو (طرابلس).
– هههه. طيب، لا تتركيني واقفةً في (سوقِ طرابلس)، فأنا لا أعرفُ كيف أمشي فيه.
– إذا لم ندخلْ في “الزَّاروب” الفرعي، وأكملْنا الطَّريق إلى الأمام، نصِل إلى (سوق الذَّهَب) و(سوق الأقمشةِ والنُّوفوتيه). وهناك فسحاتٌ في هذا السُّوق بين الأبنيةِ القديمةِ على جوانبِها مَقَاهٍ ومطاعمُ حمُّص وفُول.
وتذكرَتْ:
– على فِكْرة، ‏خلال التَّسوق في (طرابلس القديمة)، لا يمكن أن تخرجي جائعةً: الكعكة الطّرابلسية، المنقوشة والصَّفيحة، الفلافل، المغربيَّة، الحمَّص والفول، الفتّة…و‏للتَّحلية:حلاوة الرِّز، النَّمورة، المعجوقة، حلاوة الشّميسة، القطايف…وللشرب: قهوة المصبّات، السَّحلب، عصير السُّوس والخروب والجزر واللَّيمون والتُّوت…
علّقْتُ:
– لازم مشوارْ ع (طرابلس).
ضحِكَتْ:
– تجي نْمَشْوِر؟
– أكيد…
– حلمي أن أعود!
(انتهت)

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى