
في الثّالثِ من نيسانَ 2025، أرسلْتُ إلى صديقتي الحلوة (هديَّة الأيوبي) صورًا من (سوق صيدا) الشَّعبي صورتها بنفسي، فكتبَتْ لي:
-حلو هالمشوار بالسُّوق. يشبه (سوق طرابلس) قليلًا، إنما (سوق العطَّارين) في (طرابلس)، طويلٌ يمتدُّ من وسط المدينة إلى (نهر أبو علي). فيه دكاكين العطارة ودكاكين الأكل الجاهز والخضار واللُّحوم والأسماك والحلويات، ويتفرَّع منه “زاروبٌ” محفوفٌ بدكاكينَ صغيرةٍ، وبنهاية “الزاروب”، بائعاتُ الكنوز مِن أعشاب برِّيَّة مغسولة ومُنقَّاة ومفرومة، والفوارغ.
ونخرُج لنَصِلَ إلى يسارِنا المسجد المنصوري الكبير وحوله مكتباتٌ للقرطاسِيَّة. وفي آخر الرَّصيف، مكتبةُ السَّائح الشَّهيرةُ لبيع الكتب النَّادرة. وإن أكملْنا بضع خطواتٍ، هناك “باتيسري” طفولتي الذي كانَ يبيعُ أطيَبَ “جاتوه” في العالم. وظللْتُ أشتري مِن عندِه حين كنْتُ في (لبنان).

أما إذا لم ندخلْ في “الزَّاروب” الفرعي، وأكملْنا الطَّريق إلى الأمام نصِل إلى سوق الذَّهَب وسوق الأقمشةِ و”النُّوفوتيه”. وهناك فسحاتٌ في هذا السُّوق بين الأبنيةِ القديمةِ على جوانبِها مَقَاهٍ ومطاعمُ حمّص وفُول.
-هل كان أطيبَ “جاتوه” فعلًا؟
سألتها، فأجابت:
-إنَّه أطيب “جاتو” فعلا، لأن المطبخ كان مباشرةً وراءَ دُكَّان البيع، فكان “الجاتو” يخرج ساخنًا. كانت الرَّائحة تملأ الشَّارع وتجذب الأنوف. لم أَذقْ أَطيب منه حتى في (فرنسا)، فهنا يباع (الجاتوه) في الواجهات بعد جَلْبِه مِن المصانع. فقط المخبز الذي فتح السَّنَةَ الماضية مع “السُّوبرماركت” في المدينة المجاورة، تخرج المخبوزاتُ منه ساخنةً، ولكنه لا يصنَعُ “الباتيسري” التي أحبُّها، ولا يشتغِلُ بالكْريما و”هِيْكْ شي…”.