أحداثجاليري

مهرجان الحمامات الدولي: صدمة السيلاوي واختلاف الأجيال

قراءة ومتابعة: خالد سليمان - تونس

لا شك أن مهرجان الحمامات الدولي أحد أهم مهرجانات تونس، ولعله كان خارج المنافسة سواء مع مهرجان قرطاج أو أي مهرجانات أخرى، كون من وضع استراتيجيته عند نشأته تبنّى فكرة أن يكون مهرجانًا نوعيًا، على العكس من مهرجان قرطاج الذي كان يخاطب جميع الفئات على اعتبار أنه مهرجان صيفي ترفيهي يتعامل مع فئة أعرض ومستويات أكثر تعددًا..
ولكن فيما يبدو أن مهرجان الحمامات الدولي قد بدّل استراتيجيته، بحيث أصبح أكثر اقترابًا من استراتيجية مهرجان قرطاج، والعديد من المهرجانات التونسية المشابهة، بعد أن كان لا يشبهه أحد تقريبًا.. وبذلك لا يتبقى من مهرجانات تونس الصيفية مهرجانًا نوعيًا متفردًا إلا مهرجان “الجم” للموسيقى السيمفونية المميز والمنضبط، الذي لا ينافسه أحد في هذا المضمار.

وفيما يبدو أن مهرجان الحمامات الدولي بدخوله معترك المهرجانات التي تخاطب القطاع العريض، قد قرر أن يكون نجاحه من خلال إرضاء مختلف الأذواق، الأمر الذي تجلّى في عدة سهرات كان أبرزها حفل 24 يوليو “جويلية” الجاري، مع الحفل الناجح جدًا شعبيًا مع الفنان الأردني “حسام السيلاوي”، الذي يقدم نوعًا صاخبًا جدًا من الموسيقى التي تتخذ من الطابع الغربي أبرز سماتها، حيث موسيقات مثل الجاز والبوب، حتى مع بعض أغانيه الراقصة نوعًا ما، التي اعتمدت في إيقاعها على بعض إيقاعات “الدبكة”، ولو أنه استخدمها داخل فورم غربي.
والحق أن مسرح الحمامات كان ممتلئًا عن آخره “sold out”، لكنهم تقريبًا من نفس العمر “سن المراهقة” أو دون ذلك، فضلًا عن عدد كبير من السيدات في سن الشباب في غالبيتهم.

كل هؤلاء تفاعلوا بحماس مع أغنيات “حسام السيلاوي” التي يحفظونها عن ظهر قلب، بما في ذلك أغاني قديمة، صاحبها نفسه لا يتذكرها كاملة واعتذر للجمهور عن ذلك. الموسيقى الصاخبة التي يقدمها “السيلاوي” وفرقتُه متشابهة جدًا، وتفتقر إلى حد بعيد إلى الهارموني الطربي، وإن كانت تميل إلى نوعية راقصة لا تستهوي كثيرًا الأجيال الأكبر من سن المراهقة وبداية الشباب، ممن صعب عليهم استيعاب تلك النوعية من الموسيقى أو حتى فهم كلمات الأغاني.
وكان كاتب السطور يظن أنه الوحيد الذي لم يستطع استيعاب ما يُقدّم، إلى درجة أننا تبادلنا الآراء مع بعضنا البعض، فوجدتُ أن الشاعر ومؤلف الأغاني التونسي المعروف “د/ علي الورتاني” يشاركني نفس الرأي تقريبًا، وكذلك الزميلة المذيعة التونسية المعروفة “شيماء شمام”، لكن الجمهور الأحدث سنًا كان كله واقفًا يشارك “حسام السيلاوي” الغناء والرقص أيضًا..
فلذا لا بد من أن نقر أنه ظهر جيلٌ جديد له ذوق مختلف، ربما أدركه قبلنا القائمون على برمجة مهرجان الحمامات الدولي.. ومن الطبيعي أن يُراعي كافة الأذواق، وفيما يبدو أنه نجح في تلك المهمة.

“حسام السيلاوي” اكتسب شهرة واسعة في السنوات الأخيرة، خاصة على منصات التواصل الاجتماعي ومواقع بث الموسيقى. يتميز بأسلوب يراه البعض مختلفًا، وله جمهور يعتبر أن صوته عاطفي وكلمات أغانيه قوية!، والتي غالبًا ما تعبر عن تجاربه الشخصية ومشاعره.
و”السيلاوي” نفسه لم يتوقع النجاح الكبير الذي حققته أغانيه في البداية، وكان هدفه فقط أن يسمعه من حوله، لكن أغانيه لاقت انتشارًا سريعًا وكبيرًا.
اشتهر السيلاوي بقدرته على تحويل تجاربه وقصصه الشخصية إلى أغنيات تلقى صدى لدى جمهوره. وقد وصف نفسه بأنه “الصابر” الذي اتخذ الموسيقى رفيقًا وعلاجًا.
ومن أغانيه البارزة التي حققت نجاحًا كبيرًا أغنية “عشانك” التي صدرت منذ حوالي عام، وكذلك أغنية “شايف طيفك” التي حققت ملايين المشاهدات في أيام قليلة من طرحها.

حفل “حسام السيلاوي” ربما كان بمثابة الصدمة الفنية التي تنم عن تغيير كبير طرأ على الذائقة الفنية لجيل أصغر في العمر من أجيال أخرى معاصرة، ربما لأنهم أكثر التصاقًا بمواقع التواصل الاجتماعي، وبرامج المنوعات والمسابقات على شاكلة “ستار أكاديمي” إلخ، والتي كانت سببًا في انتشار فرسان الأغنية الجديدة أو المختلفة إن جاز التعبير. ولكن هذه سنّة الحياة، والزمن وحده كفيل بتقييم مدى نجاح وقيمة وتأثير هذا النمط الجديد من الموسيقى والغناء ، ورغم كل شئ من الأمانة أن نقر أن حفل “حسام السيلاوي” كان ناجحا جدا على المستوى الجماهيري .

………
بعض الصور و رابط فيديو من المكتب الإعلامي لمهرجان الحمامات الدولي :

https://drive.google.com/file/d/1L7KBKwxpUphmOjo9B4wF9PWo0WpLg577/view?usp=drivesdk

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى