جاليريشخصيات

عدلان يوسف: تماثيل من خردة الحديد تنكأ جراحنا

بقلم الفنان والناقد التشكيلي السوداني: كمال هاشم

في معرضه “بين المنافي” المقام حالياً بنيروبي، يقدّم النحات السوداني عدلان يوسف سردية من صدأٍ ونُدَب، مكتوبة بمنحوتاتٍ من خردة الحديد المعاد تدويره.
في هذه المنحوتات، كل ساق مشروخة، كل ضلع مكشوف، كل رأس يرزح تحت ثقلٍ مستحيل، ليس إلا سيرة حياةٍ سودانية تمشي حافيةً فوق شظايا الحرب والنزوح.
أجساد من حديد مهشم، لكنها واقفة.
واقفة كأنها تعاند الانهيار.

امرأة بثوبٍ من علب الحليب الفارغة تمشي ورأسها علبة دهان صدئة.

طفل داخل برواز مائل، تحته كلب أصغر من أن ينبح على العالم.
شيخ متكئ على عكاز يجرّ صندوقًا أثقل من ماضيه.
ورجل يجلس على مكعبٍ إسمنتي كأنه قبر، لكن قدميه متدليتان تنتظران شيئًا ما ….. أو لا شيء.
لا شيء هنا مزيف.
لا جمال مصطنع.
كل منحوتة تئنّ بصمت، لكننا نسمعها.
عدلان لا يواسي، ولا يعزّي.
هو فقط يضع الحرب على المنصة، يجرّدها من شعاراتها، ويسمّيها بأسمائنا نحن …. الذين هربنا، ومتنا، وانتظرنا، ولم نُفهم بعد.
هذا فنّ لا يُعلّق على الجدران.
هذا فنّ يعلّق في الحلق.
كمال هاشم
كيغالي. يوليو 2025

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى