
يُقدَّم الألبوم المفاهيمي الأول لماركو نوتزو — التولد التلقائي (Abiogenesis)، رحلة صوتية عبر جلال أصل القصيدة.
ليس سوى ارتجاف الفراغ، وزفير المادة المتشقق، الغافلة عن وجودها. لا يروي «التولد التلقائي» حكاية الميلاد، بل يذيبها. إنّه رحلة عبر لحم تحوّل إلى طقس، وصوت صار خرابًا، وألوهية تنبعث من الوحل.
يُعَدّ «التولد التلقائي» عملاً يتحدى كل السرديات التقليدية عن الأصل. لا يروي الميلاد: بل يذيبه. هذه الرحلة الصوتية تتحرك بين ارتجاف الفراغ وزفير المادة المتشقق، حيث يتحوّل الجسد إلى طقس، ويستهلك الصوت ذاته في خراب. الألوهية لا تهبط من علٍ، بل تخرج من الوحل، في عملية هي أقرب إلى الاستدعاء منها إلى الخلق.
“التولد التلقائي” تجربة، حدس، تفكك: عبور شعري ووجودي في فضاء اللامُشكَّل.— جيويا لوماستي & vetrinadelleemozioni.com)
البنية المفاهيمية
الألبوم مقسَّم إلى مقاطع محددة بوضوح:
- التكوين
- الخراب
- النزول
- الصلاة
- العودة
- الخاتمة
هذه الأجزاء لا تتبع سردًا خطيًا، بل تحوّلاً أنطولوجيًا. كل جزء يمثل طورًا من أطوار الكائن الذي يتفكك، يبحث، يصلي، وأخيرًا يتشظى.
مفهوم “التولد التلقائي”
العنوان نفسه يشير إلى النظرية العلمية لنشأة الحياة من العدم غير الحي. لكن هنا، يقوم ماركو نوتزو بتجسيده من جديد: يصبح «التولد التلقائي» استعارة لانبثاق الذات من الفراغ، وللوعي بوصفه خطأً، وللجسد كموضع للانكسار.
المقطع الشعري
طبقات ساكنة وأمواج غير متزاوجة، السحر ينسج ترنيمة مهيبة،
عبثًا، تردد الثياب المعيبة خيوطها، في غيبوبة مقدسة متضرعة.
نحن والوحوش، بعيون مترقبة، حيث التيارات تنسج وتنفرط،
تذوب الأشكال في التقاء الماء، حيث المدّ يلتهم القلب.أمكثُ كفم النهر، جدولًا منسابًا موزونًا،
في عناق القداسة العابر، أربط الطين بالحلم.
في ترنيمة المدّ الأبدية، حيث تتشابك الحُجُب المقدسة!
تمزق الثياب المعيبة الفراغ، حيث تلمع النظرات المترقبة!من شواطئ بلا حدود أنهض، عبر هدير التيارات الذي لا ينقطع،
نبضة من نور مقدس، حيث يُستعاد الطين والحياة!
أمواج غير متزاوجة وطبقات صامتة، ترنيمة تستدعيها الهمسات،
تتهاوى الثياب، مبعثرة عبثًا، تحت سطوة المقدس.
عيوننا، مع الوحوش، تنتظر الفيض، حيث تنعطف المياه وتمتزج،
في جموع سائلة من أشكال عابرة، حيث يرتقي المدّ والأحلام.أنا نفس المصبّ، جدول أسلوبٍ مستهلك،
في ومضة شرارة مقدسة، يولد الطين والحياة من جديد.(وتتواصل التكرارات الطقسية بالنَفَس نفسه كما في الأصل)
النصوص والرمزية
الكلمات كثيفة، شعرية، مكتوبة بأسلوب يستحضر الليتورجيا، الفلسفة، والأساطير.
شخصيات مثل الإلهة يالينا، سيليني، إيفيرغيت، والهيرومانط ليست شخصيات روائية، بل نماذج مشوهة، رموز لروحانية منكسرة.
كل بيت شقّ، وكل صورة جرح.
الموسيقى والأجواء
الصوت سائل، غير مستقر، متعدّد الطبقات.
فضاءات قاتمة، أصوات ممزقة، تشويشات، انحرافات، وصمت طقسي.
لا يرافق: بل يمزق. لا يعزي: بل يستدعي.
إنها موسيقى تُسمع بالجسد، لا بالأذن فقط.
التأثيرات والمرجعيات
- دولوز وغاتاري: الذات كتيار، والفوضى كمولِّد
- سيوران: حضور شبحي
- الكوزمولوجيات الدورية: الاحتراق الكوني، الولادة من جديد، الاستعادة النهائية
- الليتورجيات الغنوصية: حيث المعرفة لا تُخلِّص، بل تكشف الخراب
- الفن المفاهيمي وما بعد الصناعي: حيث الصوت مادة، والصمت بنية
الخلاصة
“التولد التلقائي” ألبوم مفاهيمي بالمعنى الأكثر جذرية:
لا يروي قصة، بل يبني عالمًا.
عالمًا لا تُولَد فيه الحياة بل تحدث.
عالمًا لا تتشكل فيه الذات بل تتشظى.
عالمًا لا تكون فيه العودة خلاصًا، بل صدى مشوهًا.
التوقيع
أنِيمِه – جيويا لوماستي
بالتعاون مع ماركو نوتزو