أدبشخصيات

يَحفِرونَ آبَارَ المَوتِ ويُعَلِّقونَ المَشَانِقَ.

بقلم: د. حنان عوّاد

يَحفِرونَ آبَارَ المَوتِ
ويُعَلِّقونَ المَشَانِقَ

Dr. Hanan Awwad


بقلم: د. حنان عوّاد

يَحفِرونَ آبَارَ المَوتِ،
يَصنَعُونَ أَكفَانَ الفَنَاءِ،
ويُقايِضُونَ على أَثمَانِ الرُّوحِ.

وتَختَفِي الأَلوَانُ،
ويَضِيعُ العُنوَانُ.

يَسبَحُونَ في أَنهَارِ دَمِنَا
وعَذَابِ أُمَّنَا،
ويَنشُرُونَ الدَّمَارَ،
تَختَفِي دَارٌ،
وتَنتَهِي دَارٌ،
ويَتَرَجَّلُ الرِّجَالُ
ورَفعَةُ الآمَالِ،
ويَغِيبُ الأَمانُ.

والآنَ،
صَارَ الرَّبِيعُ قَيظًا
ومَوتًا،
ورُفِعَ الجِدَارُ،
واشتَدَّ القَتلُ والمُرَارُ،
والقَتلُ المُحَرَّمُ
لُغَةُ الأَشرَارِ…

يَصُبُّونَ مَاءَ النَّارِ،
يُحرِقُونَ الإِنسَانَ.

يَغرَقُ الثَّرَى بِدَمِ الأَحزَانِ…
يَتَرَجَّلُ الفَوَارِسُ،
ويَغِيبُ الأَمانُ….

آلافٌ خَلفَ القُضبَانِ
يَذُوقُونَ أَمَرَّ العَذَابِ،
والشُّهَدَاءُ قَوَافِلُ في دَربِ التَّحرِيرِ….

غَابَ الضَّمِيرُ،
وتَاهَ المَصِيرُ،
وقَايَضُوا البَشَرَ
بالدُّولارِ.

يَحصُدُونَ التَّوَارِي
بِلُغَةِ الجُبَنَاءِ….

هَذَا زَمَانٌ تَبَعثَرَ بِالغُبَارِ،
وبِالضَّبَابِ وبِالدُّخَانِ….

هَذَا زَمَنٌ قَايَضَ الرُّوحَ،
واشتَرَى الطُّغيَانَ…

هَذَا زَمَنٌ تَدَثَّرَ بِالظُّلمِ وَالتَّهجِيرِ
والخُذلَانِ…

هَذَا زَمَنٌ تَمَطَّى
وتَغَطَّى بِالصَّمتِ
والنِّسيَانِ….

هَذَا زَمَنٌ تَرَبَّعَ على عَرشِ الوَدَاعِ
لِفِكرَةٍ ولِثَورَةٍ
ولِقِيمَةٍ عُليَا،
لَيتَهُ مَا كَانَ…

قَضَمنَا أَشوَاكَ الصَّبرِ،
واكتَوَينَا،
وتُهنَا في نَفَقٍ مُظلِمٍ،
نَبحَثُ عَن وَطَنٍ
وإِنسَانٍ…

نَكتُبُ نَصًّا مُحكَمًا
تَدَفَّقَ بِالبَيَانِ.

ضَحِكَت وَرُودُ الشَّوقِ
في حُلَّةِ الثَّرَى
حَتَّى تَرَى
مُعجِزَةَ الرُّوحِ،
فَانفَجَرَ الطُّوفَانُ.

عَقَدنَا العَزمَ والعَهدَ،
نَدُقُّ أَبوَابَ النَّصرِ،
والفَجرَ المُعتَّقَ
بِالأَمانِ.

لَن يَضِيعَ شَعبٌ
بِهِ شَهِيدٌ
وَوَلِيدٌ
وقَائِدُ أَركَانٍ..

هَذَا أَنتِ يَا غَزَّةُ،
يَا قِبلَةَ الرُّوحِ
والوِجدَانِ…

عَصِيَّةٌ على الكَسرِ،
سَيِّدَةُ الأَوطَانِ…

لَن يَكسِرُوكِ،
وَلَو قَادُوا جُيُوشًا وَعَتَادًا،
بِسُفُنٍ مُدَجَّجَةٍ،
وطَائِرَاتِ رُعبٍ،
وغَزَلُوا المَوتَ
بِالأَكفَانِ….

لَن يَهزِمُوكِ،
ولَو لَم يَبقَ طِفلٌ
أَو شَيخٌ أَو يَمَامٌ
أَو أَمانٌ….

سَيِّدَةُ الحُضُورِ الأَزَلِيِّ
في الكَونِ المُعتَّقِ
بِالإِيمَانِ…

مُبَارَكَةٌ أَنتِ
في السِّلمِ والحَربِ،
مَرفُوعَةٌ فَوقَ جَبِينِ الرِّيحِ
وفي فُوهَةِ البُركَانِ..

هَذَا أَنتِ يَا غَزَّةُ،
كَبِيرَةٌ في المَوتِ،
كَبِيرَةٌ في الحَيَاةِ،
سَيِّدَةُ الأَكوَانِ…

هَذَا أَنتِ يَا غَزَّةُ،
تَقبَلِينَ عَروسًا،
مَهرُهَا مَجدٌ،
وثَوبُهَا عِزٌّ،
وضَوؤُهَا شَمسٌ،
وقَلبُهَا نَضبٌ وعِشقٌ
وبَيَانٌ…

هَذَا أَنتِ…
وأَنتِ… أَنتِ…
أَنتِ الرِّهَانُ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى