

بالنيابة عن اتحاد الكتّاب الأفارقة (PAWA)، أود أن أبدأ بتوجيه الشكر للسيدة مارجريتا آل، رئيسة منظمة كتاب العالم (WOW)، ولكافة أعضاء مؤتمر المنظمة العالمية للكتّاب وجمعية شعوب العالم، وكذلك للسيدة ألكسندرا أوتشيروفا، الرئيسة المشاركة للمجلس العام لجمعية شعوب أوراسيا، وعضو اللجنة الحكومية للاتحاد الروسي لدى اليونسكو وسفيرة النوايا الحسنة لليونسكو (روسيا).

شكر كبير للجميع، وخاصةً اتحاد الكتّاب الأفارقة الذي كان له مندوبون في جميع الموائد المستديرة الثمانية، كما كان حاضرًا بقوة في الجلسة البرلمانية حول: “التحديث الإنساني – ضرورة لتطور الحضارة الحديثة”. وقد مثّل الاتحاد في هذه الجلسة أمينه العام الدكتور والي أوكيديران، والسيد أشرف أبو اليزيد، نائب الرئيس لشمال أفريقيا والأمين العام لمؤتمر الصحفيين الأفارقة (CAJ). وقد قدما مداخلتين بعنوان: “اتحاد الكتّاب الأفارقة كفاعل في التحديث الإنساني” و*“الحوار الثقافي والتحديث الإنساني: بناء الجسور لمستقبل مشترك في عالم تهيمن عليه الصراعات على العناوين الرئيسة”*.
إن مجيئي إلى موسكو بوصفي رئيس اتحاد الكتّاب الأفارقة، وأنا من أصول كاميرونية جنوبية – أمريكية، وأستاذ جامعي في جامعة توسكيغي، وهي المؤسسة التي تُعتبر مهد الفكر الأفريقي الوحدوي (Pan-Africanism)، لا يمكن تلخيصه إلا بالأفكار التالية: إن جمعية شعوب العالم والمنظمة العالمية للكتّاب (WOW) يجسران القارات ويتيحان الاحتفاء بأصوات الكتّاب، في مكان يُجسّد لحظة ونُصبًا للقوة الأدبية. إن ذلك يعكس بادرة سلام وحوار، وليست أداة لغايات سياسية ضيقة، بل فرصة لوطن بوشكين للانخراط في حوار للتواريخ، يمثل رمزًا للأخوّة العالمية بين أكثر من ألف كاتب بارز اجتمعوا في موسكو.
إنها لحظة يلتقي فيها السرد الأفريقي – في رحلته من الهجرة الطوعية والمفروضة والاستعمار – مع التقاليد الأدبية الروسية. فبوشكين، أب الأدب الروسي الحديث، الذي ينحدر هو نفسه من أصول أفريقية عبر جدّه الأكبر إبراهيم هانيبال، يصبح شخصية رمزية للوحدة العالمية. وبالتالي، فإن دخولي هذا الفضاء هو/كان بالنسبة لي بمثابة استعادة واستمرار لإرث الشتات.
كما أن وجودي في موسكو بين أكثر من 1000 كاتب من 66 دولة يحمل دلالة كبرى لاتحاد الكتّاب الأفارقة، ليكون جزءًا من جوقة السرديات العالمية. إنها فرصة للكتّاب الأفارقة لتقاسم الحكايات التي صاغها تاريخ الخضوع، الاستعمار، الحكمة المحلية، نضالات ما بعد الاستقلال، الهجرات الطوعية أو القسرية، الاعتماد الثقافي المتبادل، والتمازج الثقافي، فضلًا عن التعبيرات الثقافية الزاخرة – قصص تستحق مكانها على المسرح العالمي.

ومع الوزيرة الكونغولية للشؤون الاجتماعية السيدة ناتالي – أزيزا مونانا
لم آتِ إلى موسكو كمشارك فحسب، بل كحامل لراية المؤسسة التي أرأسها – اتحاد الكتّاب الأفارقة – وللمؤسسة التي أعمل بها – جامعة توسكيغي – لأقول: “نحن هنا. قصصنا مهمة. أصواتنا قوية. ويجب أن تُسمع.” وفي بلد يجلّ الأدب، أصبحت بمثابة سفير للإبداع الأفريقي والأفريقي الأمريكي، وللقدرة على الصمود والخيال، جئت داعمًا لفكرة عالم جديد للوحدة الواعية.

ومع الرئيس اليمني السابق علي ناصر محمد
إننا نعيش في عالم كثيرًا ما تفرّقه السياسة والحدود. ومع ذلك، يظل الأدب لغة كونية. أرى هذا الملتقى فضاءً للحوار والتعاطف والفهم، يساهم فيه الكتّاب الأفارقة من خلال عدسة فريدة صاغتها الاضطرابات التاريخية لأفريقيا، وهويتها المتعددة اللغات والثقافات.
وعليه، فإن الوجود بين ألف صوت أدبي في موسكو، روسيا – أرض ألكسندر سيرغييفيتش بوشكين – هو دخول إلى فضاء تلتقي فيه الأصول والفن والمصير. وبالنسبة لي شخصيًا، وللاتحاد عمومًا، تصبح هذه اللحظة حوارًا بين بامندا (الكاميرون الجنوبي) وبطرسبورغ (روسيا)، وبين ليلونغوي (مالاوي) وموسكو (روسيا). إنها فرصة لنسج التقاليد الشفوية الأفريقية/الكاميرونية، والسرديات ما بعد الاستعمار، والشعرية المتعددة اللغات في النسيج الأدبي العالمي – داخل الأرض الوطنية ذاتها التي كتب فيها بوشكين أبياته التي صاغت أمة بأكملها.
ومع باولو أفونسو، رئيس اتحاد الكتّاب البرازيليين
في هذا التجمع لألف كاتب، لا يكون الصوت الأفريقي واحدًا بين الأصوات فحسب، بل هو رمز للقدرة على الصمود، والإبداع، والأخوّة التاريخية. إنه تذكير للعالم بأن الأدب لا تحدّه حدود، وأن القارة الأفريقية كانت دائمًا جزءًا من القصة العالمية – حتى في صناعة أعظم شعراء وكتّاب روسيا. لذلك، حين وطأت قدماي روسيا، لم يكن ذلك مجرد زيارة، بل كان زيارة عودة إلى جذور الأجداد. إنه عودة أدبية إلى الوطن. إن روح هانيبال وإرث بوشكين يشكلان سلالة شعرية تمتد عبر القارات والقرون. إنها عودة إلى الجذور، حيث يستعيد الأفريقي بداخلي إرثه ومكانه في قلب الأدب الروسي.

أهنّئ جميع الحاصلين على الميداليات والدبلومات لمساهماتهم في الأدب العالمي. وبوصفي واحدًا من الحاصلين على كليهما، أؤكد أننا – ككتّاب وحاملي هذا التقدير – لا يمكن أن نتراخى عن السعي لنشر الحقائق من أجل وحدة الإنسانية. فلنتذكر جميعًا أننا – ككتّاب – رجال ونساء عالميون للسلام، نفاوض من أجل السلام بجعل العالم يكتشف إنسانيتنا المشتركة، رغم أوبئة العصر الحديث من أخبار زائفة، وحقائق مختلقة، وواقع افتراضي أو مزيّف نعيش في مواجهته جميعًا.