أحداثأدبشخصيات

الشاعر البيروفي ماركو مارتوس يكتب عن مهرجان ميديين الدولي للشعر

يُعَدّ مهرجان ميديين الدولي للشعر بلا شكّ من أهمّ المهرجانات الشعرية في العالم. فعلى مدى أكثر من ثلاثين عامًا، نجح في استقطاب نحو ألفي شاعر من قرابة مئتي دولة، وجمع في مدرّجه الكبير خمسة آلاف متفرّج خلال لحظاته المميزة، كما حمل الشعر إلى أماكن عديدة تتجاوز حدود المدينة.

إنه عرض مهيب يشرّف كولومبيا، ويُعدّ وجهة سياحية وثقافية لمئات وآلاف العاشقين للشعر من مختلف أنحاء الكوكب. ويُدار المهرجان بإشراف الشاعر فرناندو ريندون، الذي يعمل طوال العام مع فريق واسع من المتطوعين في وادي أبورّا، ومن مناطق أخرى خارج حدود كولومبيا.

وفي هذه الأوقات الصعبة التي يعيشها سكان القارات جميعًا، يؤدي مهرجان ميديين للشعر دورًا إنسانيًا بارزًا في تعزيز السلام والأخوّة بين البشر.

منذ انطلاق المهرجان، مثّله شعراء بارزون من البيرو، من بينهم لويس لا هوس، إنريكه سانشيث إيرناني، وكارلوس لوبيز ديغريغوري، الذين قرأوا أجمل قصائدهم أمام جمهور متعطّش للإصغاء إلى الكلمة المرهفة المصاغة بإتقان.

وإلى جانب التعرّف إلى شعراء من شتى أنحاء العالم، يحظى الشعراء الإسبانوأميركيون المشاركون في هذا المهرجان بفرصة تاريخية للتمتع عن قرب بتلك التقاليد الكولومبية الحيّة التي تُكرّم اللغة الإسبانية، من خلال وفرة الشعراء الذين لا يبتغون سوى تمجيد الحياة بكلماتهم الجميلة، حياة الناس التوّاقين إلى السلام والسكينة لكل الإنسانية.

تتواصل هذه التقاليد الشعرية الثرية التي تمتدّ جذورها إلى أسماء كبيرة مثل خوسيه أسونسيون سيلفا وغييرمو بلنسيا، وتزداد عمقًا مع شعراء معاصرين مرموقين مثل ليون دي غريف، لويس كارلوس لوبيز، ميرا دلمار، خايمي خاراميو، خ. ماريو أربيلايث، إلكيم ريستريبو، بييداد بونّيت، وماريا مرسيدس كارّانثا. وهؤلاء بدورهم يثيرون الإلهام في نفوس الشباب الذين يرون في الشعر ليس فقط واحة روحية، بل قوة دافعة نحو حياة أكثر وعيًا ومجتمع أكثر إنسانية.

لقد كانت الشعرية في بداياتها شفويةً بالأساس، يجتمع الناس حول الرواة، مأخوذين بالسرد الذي كان يُلقى غالبًا عن ظهر قلب. ومع مرور الزمن، أصبحت الكلمة الشعرية تُنقل أكثر عبر الكتابة. ففي العصور الوسطى، اختار الكهنة وبعض الكتّاب المكتبات ملاذًا للهدوء والتأمل، بينما ظلّ الجوّالون والمنشدون — وهم أحفاد الأُدباء الجوالين القدامى — يجوبون الأمكنة حاملين الشعر بأصواتهم ليصل إلى الناس مباشرة.

وهذا بالضبط ما يفعله مهرجان ميديين للشعر:
إنه يحتفي بالكلمة الحيّة، فيجمع بين الكتابة والأداء الشفهي، في عيدٍ كبيرٍ للشعر يلتقي فيه الماضي بالحاضر، والصوت بالمعنى، والإنسان بأخيه الإنسان.

ماركو مارتوس (شاعر من البيرو)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى