أحداثأدبجاليريرحلاتشخصياتلقاءات

ريشما راميش وعالمها الجميل!

بقلم: أشرف أبو اليزيد

الهند — بعد شهرين من أعمال التجديد، أعادت الدكتورة ريشما راميش رسميًا افتتاح عيادتها لطب الأسنان، مرحبةً بمرضاها في فضاء حديث ومتجدد.

عبّرت الدكتورة ريشما عن امتنانها العميق لمرضاها، شاكرةً لهم صبرهم وولاءهم على مدى خمسة عشر عامًا، مؤكدةً أن ثقتهم كانت وما زالت حجر الأساس في نجاح العيادة. قالت:

«لقد افتتحنا أبوابنا من جديد! شكرًا لأنكم آمنتم بنا وجعلتم من عيادتنا المتواضعة ما هي عليه اليوم.»

تدخل العيادة المعروفة بعنايتها الهادئة والخدمة الشخصية مرحلةً جديدة من العطاء. وتؤكد الدكتورة ريشما التزامها الدائم بتقديم رعاية طبية عالية الجودة، تجمع بين الدقة والعطف، مشددة على أن راحة المرضى وثقتهم تظل في مقدمة أولوياتها. وفي ملاحظة شخصية، اعتذرت لمن لم تتمكن من التواصل معهم خلال فترة التجديد، قائلة بابتسامتها المعهودة:

«إعداد العيادة الجديدة استنزف طاقتي تمامًا واحتاج كل انتباهي… أنا مرهقة، لكنني سعيدة!»

الآن فقط أدركت سرّ تلك الابتسامة التي رأيتها أول مرة حين التقينا في موسكو، خلال مشاركتنا في المؤتمر العالمي الثاني للكتّاب الذي نظمته منظمة كتّاب العالم (WOW)، حين دعت الرئيسة، الشاعرة والفنانة الطليعية مارجريتا آل، عشرات الأقلام المبدعة من أنحاء العالم.

ابتسامة ريشما كانت إشراقة هادئة لإنسانة تؤمن بوعد الحياة الرقيق؛ ابتسامة شاعرة تُصغي إلى نبض الكلمات، وطبيبة تُداوي لا بيديها فقط، بل بحضورها المطمئن. حين تبتسم، كأن بابًا من نور يُفتح — ضوء هادئ ثابت يعيد الأمل لمن نسوه، وحتى الصمت من حولها يبدو وكأنه يتنفس بسلام.
ولعلها أيضًا مناسبة لأشكرها على هدية الحلوى التي كانت — في ما أظن — دعوةً سرّية لزيارة عيادتها!

تنظرالدكتورة ريشما إلى المستقبل بتفاؤل قائلة:

«لنرفع نخب العقد القادم من أجل جعل ابتساماتكم أكثر جمالًا وصحة!»

في داخل عيادة الدكتورة ريشما راميش — الشاعرة والطبيبة المعروفة — تقف خزانة كتب أنيقة تعكس عمقها الفكري والفني. تضمّ مجموعةً متناغمة من كتب الطب والأدب والفن، مجسدةً ثنائية مهنتها النبيلة: الشفاء بالعلم، والتطهير بالكلمة.

على الأرفف طيف واسع من المراجع الطبية في أمراض الفم، وتقويم الأسنان، وأمراض اللثة، والممارسات الإكلينيكية، ما يدل على التزامها بالتفوق الأكاديمي والإتقان المهني. هذه المراجع تشكّل الأساس العلمي الصلب لمسيرتها الطبية.

وإلى جانب الكتب المتخصصة، يطلّ جانبها الأدبي من خلال مكتبةٍ غنية بدواوين الشعر والروايات وكتب الرحلات — (إن كنت قد زرتُ 37 بلدًا، فلا شك أنها زارت أضعافها) — إضافةً إلى مؤلفات فلسفية وأدبية من أنحاء العالم. عناوين مثل العاصمة ومنغوليا واللغة الأم تكشف فضولها الثقافي وشغفها بالإنسان أينما كان.

ما يجعل هذه المكتبة فريدة بحق هو تآلف كتب الفن والإبداع مع المراجع العلمية، في انسجامٍ يجسد رؤيتها بأن الفن والعلم ليسا قوتين متعارضتين، بل طريقان متكاملان لفهم الحياة. هذه المجموعة تعكس إيمانها بالتعلّم المستمر، والذائقة الجمالية، ووحدة المعرفة الإنسانية.

في هذا الركن الهادئ من عيادتها، يلتقي الأدب بالطب، مانحًا الإلهام لا لمرضاها فحسب، بل لكل من يؤمن بقوة الشفاء الكامنة في الكلمة والحكمة.

أما ركن الفن، فقد كشف سرَّه الثاني حين كتبت في طريق عودتها من روسيا:

«في كل مرة أعود من السفر، يكون أول ما أفعله هو الذهاب لرؤية لوحات والدي الجديدة. هذه المرة، كانت كل واحدة أجمل من الأخرى. — راميش نارايان.»

إنها فرصة نادرة لعاشق فن الألوان المائية أن يغوص في عالَم فنان يلتقط، بدقةٍ رقيقة، تفاصيل اللحظات العابرة من الحياة اليومية في الهند.

في إحدى لوحاته المائية، يصوّر الفنان تداخلاً هادئًا بين الطبيعة والحضور الإنساني — لحظةً عابرة أبدية، حيث تتحدث السكون أكثر من الحركة. لم يكن اختياره للألوان المائية صدفة، بل ضرورة فنية: فسيولتها تعكس جمال المشهد الزائل ذاته، حيث يتسلل الضوء عبر ظلال الأشجار ليذيب الأشكال في الغلاف الجوي.

عند النظرة الأولى، يبدو المشهد مألوفًا — مقهى مفتوح تحت الأشجار، يجلس فيه بعض الزوار في حوار خافت — غير أن قوة اللوحة تكمن في البساطة التي نُفذت بها. الشخصيات ظلالٌ شبه مجهولة، كأنها تذوب في المشهد. لم تعد الأجساد موضوعًا للرسم، بل جزءًا من الإيقاع البصري والوجودي.

تغلب على اللوحة درجات الأخضر، بتدرجات ضوئية دقيقة، لتبني معمارًا عضويًا يشعر الناظر بأنه يحتضنه اللانهاية. الانعكاسات في أسفل التكوين، حيث تحوم الطيور قرب الماء، تُدخل توازنًا بصريًا بين الحركة والسكون، بين الواقعية والتجريد.

ما نراه ليس تصويرًا للحظات استراحة فحسب، بل تأملًا في الرؤية ذاتها. فالمقهى هنا ليس مكانًا بقدر ما هو حالة وجود — عالقة بين دفء الإنسان ولا مبالاة الطبيعة. يحقق الفنان هذا التوازن عبر هندسةٍ متقنة بين المظلة والفراغ والانعكاس.

وهكذا تتجاوز اللوحة موضوعها لتصبح تأملًا في ما هو مرئي وما هو محسوس — حيث تتحول الألوان المائية إلى ذاكرة، ويتحول بعد الظهر العادي إلى فعلٍ هادئ من التأمل.

وعن إحدى روائع والدها، كتبت الدكتورة ريشما راميش:

«الفيل أرجونا، البالغ من العمر 64 عامًا، الذي حمل العرش الذهبي في موكب داسارا بمدينة ميسور، لقي حتفه في معركة مع فيلٍ بري خلال عملية صيد في منطقة ساكليشبور. لقد حمل أرجونا العرش الذي يزن 750 كيلوجرامًا في الموكب ثماني مرات حتى عام 2019، حين بلغ الستين.


حزينًا على هذا الخبر، رسم والدي هذه اللوحة المائية تكريمًا لأرجونا. سيُفتقد الفيل الملكي في ولاية كارناتاكا من الجميع 😢 — يا راميش نارايان، إنها أفضل أعمالك حتى الآن.»

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى