أدبشخصيات

لأنكِ تخافين البحر

شعر ممدوح التايب

لأنكِ تخافينَ البحرَ
أشطبهُ من الخرائطِ
أحرمُ الأرضَ وجوهاً من الزرقةِ
وأفسحُ لخيالكِ المدى.
••
لأنكِ تخافينَ الغضبَ
أؤجلهُ لعامٍ بعيدٍ
أو أواريهِ خلفَ سورٍ من مجازٍ
لا يقربهُ الحزنُ أبدا .
••
لأنكِ تسبقينَ السائرينَ
لتمهدي الطرقات والضوءَ
باركتُ الأرضَ في عينيكِ
رغم الأثر الذي يدوسُ خطواتي
وأراهُ عميقاً بيننا،
لحبيبٍ تركَ الجرحَ فيكِ،
حتى أنزفُه
••
شربتُ ألفَ عامٍ منَ الحبرِ
حتى أكتبَ رسالةً للموتِ
أنْ يا أيها السيدُ المبجل،
خذْ ما شئتَ من وقتي
وأتركْ لها ما تبقى
من طفولِتها
وأتركْ لها غرفةً على قدرِ السكينةِ
تربي فيها أمومَتها،
وأنْ يا سيدي الموت اقتربْ
مني اليومَ وأبتعد عنها لألفِ غدٍ .
••
وأن يا أمنا الحياة،
آتيني بها لأفرشَ الدفء
بين يديها وبيني
فماذا سأفعلُ والشتاءُ في قلبي؟
وماذا سأفعلُ وقلبي بلا مظلة؟
وماذا سأفعلُ والمسافةُ بيننا
لا تضيقُ، ولا تقتربُ بنا المدنُ؟

يسعدني أنْ أعيدَ تشكيلَ
ملامحي في الصباحِ
كلما رأيتُ الطيورَ
تشبهُ الطيورَ التي
ترحلُ في صوتكِ .
••
يسعدني أنْ أقتفي أثرَ الراحلينَ
الذينَ تركوا في طريقكِ الصعبِ
وداعاتٍ ميتةً، أخاف لو أحييها .
••
قلتُ إنَّّ في ميلادكِ
باركتُ عمراً،
يمكنُ لي فيهِ أن أنجو
من خرابٍ بحجمِ اللغةِ التي
راكمتُ أخطاءها في دماغي،
فمتى ازدحمتُ بالأخطاءِ
كنتِ غفراناً بلا قربانٍ وصكٍ .
••
ولأنكِ تخافينَ البحرَ
سأسميهِ إذنْ بخطأ العالِم
في هدرِ السفرِ والمكاتيبِ
بين شواطئ لا عشاقَ فيها
وشواطئ لا تشبهُ عينيكِ أبدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى