أحداثأدبشخصيات

الشاعرة أصالة لمع… الثفاتة نحو نغمة خافتة

تُعدّ الشاعرة أصالة لمع من الأصوات الشعرية العربية التي تنحاز إلى اللغة بوصفها تجربة حسّية ووجودية، لا مجرّد أداة تعبير. في قصيدتها يتجاور اليوميّ والحميميّ مع التأمّل العميق، وتتحوّل التفاصيل الصغيرة إلى نوافذ على الأسئلة الكبرى: الذات، الذاكرة، الزمن، والهشاشة الإنسانية.

المسار الشعري والملامح الأسلوبية

تتميّز كتابة أصالة لمع بالاقتصاد اللغوي والاشتغال على الإيقاع الداخلي، حيث تعتمد “النغمة الخافتة” لا الصراخ، والإيحاء لا المباشرة. قصيدتها أقرب إلى الهمس الذي يترك أثره في العمق، وتستند إلى صورة شعرية مكثّفة، غالباً ما تستلهم الجسد، الحواس، والمشهد اليومي العابر، لتعيد بناءه بوصفه لحظة كشف.

إصداراتها الشعرية

من أبرز كتبها الشعرية بالعربية:

  • «فيما تمعن فيك الأشياء العادية»: ديوان يلتقط هشاشة الرغبات الصغيرة، ويمنح العاديّ طاقة شعرية عالية، حيث تتحوّل التفاصيل المألوفة إلى مرايا للذات.
  • «الثفاتة نحو نغمة خافتة»: عمل يؤكّد نزعتها التأمّلية، ويبرز اشتغالها على الإيقاع الداخلي والصورة الرمزية، مع حضور واضح للصمت بوصفه جزءاً من المعنى.

الإصدار الفرنسي: «نغمات خافتة – Mélodies sourdes»

يمثّل صدور مختاراتها الشعرية بالفرنسية حدثاً مهماً في مسيرتها، إذ صدر منذ أشهر عن دار المنار (Al-Manar) في باريس ديوان «نغمات خافتة – Mélodies sourdes»، بترجمة الشاعر والمترجم أنطوان جوكي (Antoine Jockey).
وقد جاء هذا الإصدار ضمن اختيار مهرجان “أصوات حيّة” للشعر المتوسطي في مدينة سات/فرنسا، حيث نُشر الديوان تزامناً مع دورة المهرجان التي شاركت فيها الشاعرة بين 18 و28 تموز.

تكشف أصالة لمع في منشورها عن بُعد شخصي عميق لهذا الإصدار، إذ تصف الفرنسية—التي كانت حتى وقت قريب لغة حياة يومية وعمل وقراءة—وقد تحوّلت فجأة إلى لغة بوح شعري، كأنها ترمّم بها شيئاً لم تنتبه من قبل إلى انكساره. هذه العبارة تلخّص جوهر التجربة: عبور القصيدة من لغة إلى أخرى ليس مجرّد نقل، بل إعادة اكتشاف للذات عبر لغة جديدة.

دور الترجمة والشراكة الثقافية

تُشيد الشاعرة بدور أنطوان جوكي، ليس فقط كمترجم محترف، بل كشاعر، وهو ما منح النصوص روحها وأمانتها الإبداعية في اللغة الفرنسية. كما يندرج هذا الإصدار ضمن تقاليد دار المنار المعروفة بجسرها الثقافي بين العربية واللغات الأخرى، وباهتمامها بالشعر العربي المعاصر في سياق متوسطي وعالمي.

يمثّل ديوان «نغمات خافتة – Mélodies sourdes» خطوة نوعية في مسار أصالة لمع، ويؤكّد قابلية تجربتها الشعرية للعبور بين اللغات والثقافات دون أن تفقد نبرتها الخاصة. هو احتفاء بالشعر بوصفه بيتاً مفتوحاً للغات، وبالترجمة بوصفها فعلاً إبداعياً، وبالقصيدة كمساحة ترميم داخلي… كما تقول الشاعرة: شكراً للشعر، في كل وقت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى