
صدر للكاتبة عرين جرادات عن دار أصالة للنشر والتوزيع نصها” بركان مقابل منزلي” والتي أمنت رسوماته المعبرة والناطقة الفنانة التشكيليلة نبيلة الشيشكلي وجاء العنوان كعتبة أولى على شاكلة جملة تعجب وحسب اللوحة الأولى كبوابة تفاعل أولى مع القصة نرى الدهشة المصاحبة للطفل البطل من خلال تقاسيم وجهه وستدهش الطفل – القارئ الذي لم يتعود وجود طفل قرب البركان ووجود بركان قرب مسكن الطفل
لكن بالقراءة وبمطالعة القصة سيرفع الحجاب على هذه الدهشة والحيرة والاستغراب والاستعظام فشكلا بني المتن القصصي على خاصية الحوار كشكل إبداعي وضروري في هذه القصة والذي أغنى المضمون القصصي وقدم متنا حاو لعدة رسائل ساهمت الرسومات واللوحات التشكيلية في إبرازها ووضعها موضع الاهتمتم وأولها تواجد الأم بغرفة الجلوس على أريكتها المريحة وهي تطالع قصة أو رواية أو كتاب طبخ أو آخر عرض لأحدث الفساتين وأدوات الزينة . وهذا هو الوضع الصحيح للعائلة وأفرادها كي يقع تمرير ثقافة الكتاب الحي عبر المطالعة المباشرة وتصفح الكتب والمجلات والجرائد لا أن نضع الكتب والمجلدات على رفوف المكتبات المنزلية للزينة ولإضفاء ديكور ما لبيت الجلوس أو الضيوف .
والرسالة الثانية المهمة والتي عملت الكاتبة على تمريرها ضرورة الانتباه إلى أفعال وممارسات الأطفال داخل البيت الأم وهي تطالع كتابها انتبهت للحقيبة بغرفة الجلوس لتسأل عنها بطلة القصة ” ميس” لتجيب الفتاة بفرح على محتوى الحقيبة الثقيلة وهذا ما عبرت عنه أيضا اللوحة التشكيلية عبر عملية الجذب لثقل هذه المحتويات داخل هذه الحقيبة ومن هنا ترد الأم بابتسامة ليبدأ التفاعل الايجابي والتعاطي الجدي والمشجع مع فكرة البطل فسبق كل هذا نوعية الخطاب سؤال وجواب كان الفرح وكانت الابتسامة هما جوهر العملية التفاعلية فلو كشرت الأم في وجه ابنتها أو رفعت صوتها رافضة أن تلعب الفتاة بغرفة الجلوس لكان مسار القصة مختلفا فعلى العائلة كمدرسة أولى ينهل منها الطفل أن يبدي أفرادها خاصة الوالدين كثيرا من الاهتمام والتشجيع وإن أمكن الانخراط الفعلي أو الرمزي في مناشطهم كما فعلت الأم هنا مع ميس بل ونجحت وقبلت بالتظاهر الذي طلب منها بل وتقدمت فعليا في المشاركة الملموسة والتفاعلية عبر خوض المغامرة الكبرى أضيف لهما في آخر القصة مستكشف جديد هو الأب بعد أن تفاعل إيجابا مع ما شاهده من أزياء خاصة وديكور آخر إذ قال” مرحبا ماذا تفعلان هنا مع هذه الملابس الرائعة والمقلاتان على رأسيكما”
هذا عن أهمية العائلة في تفاعلها مع مناشط أطفالها أيام الراحة أو في العطل المدرسية وكان درسا تطبيقيا لمقولة ” علموا الأطفال وهم يلعبون” أين استطاعت الأم تمرير العديد من المعلومات عن عالم البراكين وقد عددت الكاتبة من المصطلحات العلمية وهو باب مفتوح لكي يواصل الطفل – القارئ التثقف ومواصلة التعرف على هذه الظاهرة الطبيعية خاصة أذا كان الطفل في بلد لا توجد به براكين ومن هنا تأتي أهمية لوحة أقسام البركان.
رغم العديد من التفسيرات التي قدمتها الكاتب على لسان الأم إلا أن ميس هي أيضا متمكنة من هذه الظاهرة ولها العديد من الأبجديات التي ترتبط جوهرا بالظاهرة الطبيعية وفي هذا التفاعل قيلت العديد من المصطلحات والمفاتيح العلمية التي ترتبط بالبراكين مثل الحمم البركانية وفوهة البركان والبركان النشيط والثوران الرابع ومرصد البركان وعينات الفحص وآثاره التي تزيد من ” خصوبة الأرض بسبب المواد المنبعثة من باطن الأرض وغناها بالمعادن المختلفة وسيستفاد من الصخور البازلتية” وتشكل الماس والغازات وحركة الصفائح الأرضية .
من التعجب في اللوحة التشكيلية التي تصاحب ميس على غلاف القصة إلى ضحكتها وهي تلمسك طعامها اللذيذ مسيرة معرفة وتفاعل وتماسك أسري لامس عالم البركان والمطالعة واهتمامات الأطفال وأسئلتهم المحرجة والتي تتجاوز توقعات الأهالي في بعض الأحيان خاصة اليوم أمام انفتاح الطفل على عالم الانترنات وشبكته الأخطبوطية التي يجب التعامل معها بحذر وتوجيه وبنصائح متواصلة وموجهة من أجل الاستفادة الجادة .