وهم الحياة المرفهة
بقلم: عبدالله عثمان مورائي، رسالة السند

الكاتب عبدالله عثمان مورائي، المعروف أدبيًا باسم عبدالله سومرو، هو مهندس مياه جوفية ومثقف باحث، ينحدر من مدينة مورو في إقليم السند بجنوب باكستان، ويقيم حاليًا في ستوكهولم، السويد. يتميز بسيرة علمية وأكاديمية متعددة التخصصات، حيث حصل على درجة البكالوريوس في الهندسة الزراعية من جامعة السند الزراعية بتندو جام، ثم نال درجتي ماجستير في “تكنولوجيا أنظمة المياه” من المعهد الملكي للتكنولوجيا KTH في ستوكهولم، و”الإدارة” من جامعة ستوكهولم، كما يحمل أيضًا درجتي ماجستير في الصحافة والاقتصاد من جامعة شاه عبد اللطيف بخيربور ميرس في السند.
لا يقتصر نشاط عبدالله سومرو على المجال الهندسي والأكاديمي، بل يمتد إلى ميادين الثقافة والكتابة والإعلام. فهو كاتب ومؤلف، نشر كتاب رحلات بعنوان “مسافتون” (Musafatoon)، ويعمل حاليًا على إنجاز كتابه الثاني. كما يكتب مقالات تحليلية ونقدية تعكس رؤيته الفكرية حول قضايا المجتمع والتنمية والحياة المعاصرة، وينشرها في منصات ثقافية وصحفية مختلفة.
عبدالله سومرو أيضًا مدوّن صوتي، يدير قناة بودكاست على يوتيوب باسم VASJE Podcast، يناقش فيها موضوعات متنوعة من تجاربه في السفر، والتعليم، والحياة في أوروبا، إلى القضايا السياسية والاجتماعية في باكستان والعالم.
يجمع الكاتب في رؤيته بين الخبرة الميدانية في مجالات المياه والتنمية المستدامة، والحس الإنساني العميق الذي يتجلى في كتاباته حول الفروقات بين “النجاة” و”العيش الحقيقي”، والدعوة إلى مجتمعات أكثر عدالة وتوازناً وكرامة.
في مقاله المنشور اليوم بمجلة رسالة السند sindhcourier.com يكتب تحت عنوان
في مقاله العميق “وهم الحياة المرفّهة”، يدعو الكاتب عبد الله عثمان مورائي إلى إعادة التفكير في مفهوم الحياة، مؤكدًا أننا لم نُخلق لمجرد البقاء أو دفع الفواتير أو اللهث وراء أحلام جوفاء، بل لنعيش حياة مليئة بالمعنى والغنى الروحي. يستعرض الكاتب الفرق الجوهري بين البقاء والعيش الحقيقي، ويبيّن كيف أن المجتمعات الحديثة، بما فيها باكستان وسند، قد انزلقت إلى نمط استهلاكي سطحي يُملي على الأفراد تعريفًا زائفًا للنجاح والسعادة.
ينتقد مورائي الصورة النمطية المتداولة عن “الحياة الناجحة” كما تُعرض في وسائل التواصل الاجتماعي: بيوت فخمة، رحلات سياحية، ملابس فاخرة، وتذاكر درجة رجال الأعمال. ويُقارن هذا الوهم بحياة البسطاء، مثل الطفل الضاحك في شارع مغبر أو السيدة المسنّة التي تحضّر الشاي بسلام في ريف سند. هذه اللحظات البسيطة – بحسب الكاتب – قد تكون تجسيدًا للحياة الحقيقية، أكثر بكثير من المظاهر الزائفة المليئة بالقلق والفراغ.
يوضح الكاتب أن العيش الحقيقي يعني الاستيقاظ بهدف، والتمتع بالحاضر، وامتلاك حرية تشكيل مسار الحياة، إضافة إلى الشعور بالارتباط العاطفي والروحي مع العالم من حولنا. ويقارن بين مجتمعات مثل السويد، حيث يمكن حتى لعامل بسيط أن ينعم بتوازن بين العمل والحياة، وبين أوضاع باكستان، خاصة في سند، حيث يعيش كثير من المتعلمين في دوامة البقاء وسط الغلاء والضغوط وغياب الفرص.
في عدة دراسات حالة، يسلّط الكاتب الضوء على نماذج من دول مختلفة: في السويد، حيث تحيا “آنا” حياة متزنة وغنية رغم بساطتها؛ وفي بوتان، التي تستبدل مفهوم الناتج القومي الإجمالي بمؤشر “السعادة الوطنية الشاملة”؛ وفي اليابان، حيث يودي الإفراط في العمل بحياة أشخاص مثل “كينجي” رغم مظاهر النجاح المادي. كما يورد قصة “فراز” من لياري – كراتشي، الذي استطاع كسر دائرة البقاء بفضل التعليم والدعم، ليصبح مثالاً للشباب الباحثين عن العيش الحقيقي.
ويؤكد مورائي أن البقاء لا يقتصر على الفقر، بل يشمل الضغط النفسي، الروتين القاتل، وانعدام المعنى، مبرزًا أهمية السلام الداخلي، وحرية الوقت، والعلاقات الحقيقية، والامتنان كمقاييس للحياة المفعمة.
ويختم بدعوة إلى الانتقال من البقاء إلى العيش عبر تغيير جذري في التفكير والتعليم والحكم والعلاقات، مشددًا على أن أكبر مأساة ليست الموت، بل أن نعيش دون أن نختبر الحياة الحقيقية.
هذا المقال يُعد صرخة وعي من كاتب مغترب يرى في البساطة، والاتصال الإنساني، والكرامة اليومية، جوهر العيش الكريم، لا في تكديس الأموال أو مطاردة المظاهر.