أحداثأدبشخصيات

الذين عانقوك يا يوسف، شعر، نجاة عبدالله، العراق

فلسطين، قصيدة كل يوم

الذين عانقوك يا يوسف

شعر، نجاة عبدالله، العراق

يوسف شعره أبيض تماما ..
في المدرسة التي تقع قرب المشفى
يرفع كل يوم علم الحياة
العلم يضم مقبرة كبيرة
أمهات بلا سبب
ورجال ينالون دموع الشهادة مدرارا .
كان صغيرا حين ايقظته للجندية
يهدهد الوطن بالأراجيح .
إستولى الصباح على قهوته
فعاد الى أحضاني يبكي
كمن سرق الأعداء حياته .
يوسف يرسم خلف زجاج المشفى
أطفال سيموتون
حين تذهب العابهم لشراء يوم جديد .
يرسم بيوتا تتهاوى
ونساء يكثر في عباءاتهن النواح .
يوسف
يرسم بئرا ينام فيه
وسبعة أخوة يرمونه بالحجارة .
…..
يايوسف اني رأيتُ أحلامك تتقافز من النافذة
ورأيت المنتصرين يعدّون الطلقات
كما يعدّون الصلوات
ويعدّون الدراهم في النار .
رأيتكَ قبل أن تفارق المدرسة …
والدفاتر الملونة بالدم
تركض سريعا .
لقد فاتكَ الإمتحان
وفاتتكَ إبتسامة المعلمة
وقلق الطغاة .
فاتكَ إني أحبكَ كثيرا
وأن الحرب لعبتكَ المفضلة بعد الإمتحان .
…..
يوسف يخرج النور من ضواحكه
واسع العناق
مُرتبك القُبلتين .
….
أوقظُ ثيابكَ
المهد الذي أنام فيه
احلامك الملونة
وقمصانك المطرزة بالبكاء .
…..
القادمون مني في بكاء
الراحلون تهتف خلفهم المزهريات ،
أهذا يوم أيها الحالمون
أم بضعة أزهار فانية .
….
الشهداء الذين عانقوكَ
ترتجف رسومهم في الصدور .
….
الحالمون غارقون في القبور
والأموات تخافهم الطمأنينة .

أنا أخاف لقائك في هذا الصباح الشائك
أخاف أن تنام القهوة باكرا .
…..
أحبكَ وأحتشدُ في البكاء الذي يهطلُ منكَ
بكاء كثير كاد أن يفتكَ بي في هذا الصباح .
بيوت تقرئكَ السلام
لقد أوتيتَ ضحكتكَ يا يوسف
أوتيتَ المودة بالأبعدين .

نجاة عبد الله هي شاعرة وإعلامية وباحثة عراقية، حاصلة على بكالوريوس في علوم الكيمياء من الجامعة المستنصرية عام 1990، وبكالوريوس في اللغة الإسبانية من كلية اللغات بجامعة بغداد عام 2000. تنتمي إلى جيل شعري معاصر، وتمثل صوتًا نسويًا بارزًا في المشهد الثقافي العراقي والعربي.

صدر لها تسعة دواوين شعرية، بدأت بـ “قيامة استفهام” عام 1996، تلاه “مناجم الأرق” عام 1999، و**”نعاس الليلك”** في عام 2000. واصلت مسيرتها الشعرية بديوان “حين عبث الطيف بالطين” عام 2008، ثم “ذات وطن” في 2010، و**”هناك بين أصابعي”** باللغتين العربية والإنكليزية في 2013، و**”منشغلة حد الأمهات”** عام 2018، وفي العام ذاته صدر لها “عيد على الزجاج”، أما آخر إصداراتها فكان ديوان “أتظاهر مطرًا وآباء” عام 2022. كما أصدرت مجموعة قصصية بعنوان “أصابع جدي” عام 2010، وصدرت لها رواية بعنوان “قرية في منفى” عام 2024، ولديها مخطوطة كتاب في أدب الرحلات عن الأماكن التاريخية والدينية في القاهرة، يُنتظر صدوره قريبًا.

في مطلع عام 2024، صدر لها كتاب بحثي وتوثيقي ضخم بجزأين يتألف من 700 صفحة عن دار الشؤون الثقافية العامة، بعنوان “العلامة حسين علي محفوظ بين قباب التجلي وصومعة النقاء”.

نال شعرها التقدير والجوائز، إذ فازت بديوان “مناجم الأرق” في مسابقة “شرق-غرب” عام 2007، وفي العام التالي فازت بجائزة نازك الملائكة التي نظمتها وزارة الثقافة العراقية. شاركت في مهرجانات وملتقيات دولية عدة، منها مهرجان “أصوات حية” في فرنسا عام 2013 حيث تُرجمت لها ثلاثون قصيدة إلى الفرنسية، وفعالية ثقافية عراقية – فرنسية في باريس عام 2019 قدمت خلالها قصائد وبحثًا عن واقع المرأة العراقية، كما شاركت في مهرجان ديار بكر الرابع في تركيا عام 2022 وقرأَت عددًا من قصائدها التي تُرجمت إلى التركية.

مثّلت العراق في محافل ثقافية دولية في بغداد، إيران، القاهرة، الأردن، تونس، أبو ظبي، الكويت، تركيا، فرنسا، ونيوزيلندا. تُرجمت أعمالها الشعرية إلى لغات عديدة من بينها الألمانية، الإسبانية، الفارسية، الهندية، التركية، اليوغسلافية، والكردية، بالإضافة إلى الإنكليزية والفرنسية.

نُقلت قصائدها إلى خشبة المسرح، كما في المسرحية العراقية “حكاية بدر ووفيقة” التي أخرجها الفنان الراحل قاسم السومري، وشارك فيها شعراء كبار مثل بدر شاكر السياب وسلمان داود محمد. كرّمها اتحاد الأدباء في ميسان بإطلاق اسمها على دورة شعرية استمرت ثلاثة أيام عام 2021. أُدرج اسمها ونصوصها في كتاب “الحركة الشعرية الجديدة” الصادر في المكسيك أواخر الثمانينات، وشاركت في أنطولوجيا “شعراء من العالم” التي صدرت في نيوزيلندا عام 2006، وأنطولوجيا الشعر الفرنسي في فرنسا عام 2021.

كان لها حضور مبكر في ملتقى الشعر الثمانيني في بغداد عام 1992، والذي مثّل لحظة مفصلية في تاريخ الشعر العراقي الحديث. شغلت موقع المستشارة الثقافية في مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي بين عامي 2019 و2023، ودرست ماجستير في تحقيق التراث لمدة عام في معهد البحوث والتراث بالقاهرة 2009-2010.

دُرست أعمالها في رسائل ماجستير ودكتوراه عديدة، كما خصص الطالب محسن كهوي من جامعة يزد في إيران أطروحته لنيل الدكتوراه حول مجمل أعمالها الشعرية، بعنوان “الومضة الشعرية في شعر نجاة عبد الله”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى