أحداثأدبإعلامجاليريشخصيات

ملتقى الشعراء في معرض بكين الدولي للكتاب

سلسلة إبداعات طريق الحرير ستصدر (ملحمة أوراسيا) باللغة العربية

شهدت الدورة الحادية والثلاثون لمعرض بكين الدولي للكتاب، في العشرين من يونيو، حدثًا أدبيًا مرموقًا تمثّل في التدشين الرسمي لكتاب الطائر الذهبي في الشمس، وهو مختارات شعرية مترجمة للشاعر الروسي ڤاديم تيريخين، نقلها إلى اللغة الصينية الشاعر والمترجم المعروف كاو شوي. وقد جرى حفل الإطلاق في جناح مقاطعة شانشي داخل المركز الوطني للمؤتمرات، برعاية مجموعة شانشي للنشر والإعلام، ودار بييوي للأدب والفنون.

وتزامنًا مع هذا الإطلاق، أُقيمت مراسم توقيع لترجمة خمسة أعمال أدبية كبرى، من بينها ملحمة أوراسيا، وذلك ضمن مبادرة أوسع للتبادل المتكافئ في حقوق النشر، في إطار مشروع “الحزام والطريق”. وجمع الحدث نخبة من الشخصيات الأدبية والناشرين والمثقفين، كان من بينهم دونغ رُونزه، نائب مدير قسم النشر في مجموعة شانشي؛ دونغ ليبين، رئيس تحرير دار بييوي؛ سونغ وي من دار شانشي للعلوم والتقنية؛ ليو ونفِي، نائب رئيس تحرير دار بييوي؛ تشانغ جيانجون، رئيس مهرجان بكين الدولي للشعر والسينما؛ وانغ تونغ، الشاعر والمساعد السابق لرئيس تحرير مجلة أدب بكين؛ وهان لانا، ممثلة عن القراء. وكان كاو شوي، منسق اتحاد كتّاب بريكس في الصين، والمنسق الآسيوي لحركة الشعر العالمية، في قلب هذا الحدث.

“الطائر الذهبي” يحلق في معرض بكين الدولي للكتاب

يجمع كتاب الطائر الذهبي في الشمس مئتي منمنمة شعرية كتبها ڤاديم تيريخين، تتأمل في الأبدي من خلال تفاصيل الحياة اليومية. وتتميز هذه الأشعار بتأثرها العميق بالتقاليد الشعرية الروسية العريقة، فهي تستعيد أناقة العصر الذهبي لبوشكين، وتحمل رمزية العصر الفضي، وتبني جسورًا بين الشرق والغرب، وهي مشبعة بروح العدالة والتعاطف، بما يتناغم مع روح عصر العولمة.

في كلمته الافتتاحية، أثنى ليو ونفِي على الشاعرين ڤاديم تيريخين وكاو شوي بوصفهما من طلائع الشعراء العالميين. وأشار إلى أن دار بييوي أطلقت في عام 2023 مشروعًا ثقافيًا بالتعاون مع اتحاد الكتّاب الكوبيين، تم من خلاله إصدار طبعات إسبانية من الشعر الصيني، من ضمنها ملحمة أوراسيا. كما نظمت الدار في عام 2024، بالشراكة مع كاو شوي، الملتقى العالمي لمستقبل الشعر، الذي حاز اهتمامًا واسعًا من الأوساط الأدبية والإعلامية داخل الصين وخارجها. وقد جسّدت هذه المبادرات تشكّل “دائرة أصدقاء” أدبية عالمية، انبثقت من روح الإبداع المشترك.

The Golden Bird in the Sun gathers two hundred of Terekhin’s lyrical miniatures

ومن خلال بث مرئي، وجّه الشاعر الروسي ڤاديم تيريخين تحية حارة لمترجمه كاو شوي وللناشرين، واصفًا إصدار الكتاب بأنه تجلٍ لصداقة ثقافية بين البلدين. وقال:

“نيابة عن جميع الكتّاب الروس، أحييكم وأحتفل معكم بهذه اللحظة. إن كتاب الطائر الذهبي في الشمس أصبح جسرًا بين شعبينا. أخص بالشكر صديقي ومترجمي كاو شوي، ولكل من ساهم في جعل هذا المشروع حقيقة. لعلّ هذا الجهد يقرّبنا أكثر، ويغني فهمنا المتبادل، ويعمّق روابط الصداقة المتينة بين روسيا والصين. أتمنى لكم الحب والصحة والإلهام. عاشت صداقتنا!”

وهكذا، انطلق الطائر الذهبي من بين الصفحات والقصائد محلّقًا في سماء بكين، حاملاً معه رسالة سلام، وشعر، وأخوّة عابرة للثقافات.

ملتقى الشعراء في بكين

في ذلك الملتقى الأدبي الذي احتضنته بكين، انخرط الشاعران كاو شوي ووانغ تونغ في حوار عميق حول الرؤية الشعرية للشاعر الروسي ڤاديم تيريخين، ووضعاها ضمن سياق الجماليات الأدبية العالمية التي تنبع من التقاليد الروسية. رأى كاو شوي أنّ الشعر الروسي، المفعم بثقلٍ فلسفي وتجريبٍ شكلي، يشكّل ملتقى بين هضم الثقافة العالمية والروح الوطنية الفريدة. وأكد أن شعر ڤاديم يحمل نداءً دائمًا للخير والعدل والحرية، نداءً يضيء العصور ويعبر الجغرافيات، ليربط بين الشعوب والأمم في صداقة شعرية عابرة للحدود.

وأضاف وانغ تونغ تفصيلًا أخّاذًا: قبل أن يكرّس ڤاديم حياته للشعر، كان مهندسًا في مجال الفضاء ودرس علوم الصواريخ. فغدا الفضاء في شعره حقلًا مجازيًّا لحنينه الإنساني، وجاءت قصائده كرحلة فضائية تدوم 108 دقائق، تحاكي رحلة غاغارين الأولى إلى الفضاء، بما فيها من خفةٍ وغنائية وامتداد كوني. هذا التلاحم العجيب بين علم الفضاء والحدس الشعري هو ما وصفه وانغ بـ”الغنائية بين النجوم”.

ومن اللافت أن قصيدة الطائر الذهبي في الشمس وُلدت أثناء زيارة ڤاديم لموقع سانشينغدوي الأثري في الصين عام 2019، حين تأمّل قطعة فنية تُعرف باسم “زخرفة الطائر الذهبي إله الشمس”. تلك القصيدة، كما أشار المتحدثان، تحوّلت إلى رمز متألق للحوار الثقافي بين الصين وروسيا. وقد تأثر وانغ تونغ بجمال القصيدة حتى إنه ألقاها ارتجالًا، فنال تصفيقًا حارًا.

في كلمته التي جاءت تحت عنوان على الشعراء الصينيين أن يعانقوا الأشكال الشعرية العالمية، دعا كاو شوي زملاءه الشعراء إلى تجاوز حدود الحداثة الأوروبية التي تعود إلى قرن مضى. وقال:

“نحن نعيش الآن في عصر الأدب العالمي، غير أن كثيرًا من الشعراء الصينيين لا يزالون يستحضرون أسماءً مثل باوند، إليوت، وريلكه – عمالقة نعم، لكن من زمن مضى، ومن زاوية واحدة من العالم. حان الوقت لننصت لأصوات حية من القارات الخمس: أوروبا، آسيا، أفريقيا، الأمريكيتين، وأوقيانوسيا”.

ثم تحدث كاو شوي عن مشروعه المتواصل في ترجمة أصوات الشعراء المعاصرين إلى اللغة الصينية، توسيعًا لأفق القارئ والمبدع الصيني على السواء. ففي عام 2023، ترجم أغنية أرض الأحلام للشاعر الكولومبي فرناندو ريندون، وفي هذا العام نقل إلى الصينية الطائر الذهبي في الشمس لڤاديم تيريخين.

وفي موسم النشر الحالي، أبرم عقود ترجمة لأعمال ثلاثية: خطى إسطنبول للشاعرة التركية نوردوران دومان، أغنية الفارس للشاعر الإيطالي لامبرتو غارتسيا، والمانسيرة (ملحمة الإنسانية) للشاعر الإماراتي عادل خزام. ووجّه شكره العميق إلى دار بييوي للأدب والفنون على رؤيتها الرحبة ودعمها الثابت للشعر العالمي.

وانتقل كاو شوي ليضيء على العقبتين الأكبر اللتين تواجهان الشعراء الصينيين في الساحة العالمية: اللغة، والرؤية الفكرية. تجاوزهما – كما أوضح – يتطلب فهمًا شاملًا لأنساق الحضارات. وأشار إلى أن عمله ملحمة أوراسيا يخضع حاليًا للترجمة إلى عدة لغات: الإنجليزية على يد الشاعر الأميركي جورج والاس، الإيطالية بترجمة لامبرتو غارتسيا، الإسبانية عبر ياسيف أناندا وروبرتو أيدو، والعربية بترجمة الشاعر المصري أشرف أبو اليزيد، فيما تجري مناقشات لترجمته إلى الروسية والكورية والبنغالية.

قال:

 “ليست هذه ملحمة وطنية، بل هي ملحمة قارة أوراسيا – مهد الإنسانية. إنها تسير غربًا من بابل إلى كنعان، مصر، واليونان، وشرقًا إلى فارس، الهند، والصين. وفكرتها المحورية أن البشر من أصل واحد، ويسيرون إلى مصير مشترك. يجب أن نُعيد دمج الحضارة الصينية في منظومة الحضارة العالمية. تخيلوا الحضارة العالمية كشجرة عملاقة؛ جذورها السبعة هي: بابل، فارس، الهند، الصين، كنعان، مصر، واليونان. فقط حين يفهم الشعراء بنية هذه الشجرة، يمكن أن تتولد المشاركة الشعورية، والتحولات الثقافية بشكل طبيعي. هذا هو الأساس للمرحلة القادمة من أدب العالم.”

كما عُرض خلال الحدث فيلم شعري مستوحى من قصيدة ألوان الخريف لڤاديم، مسلّطًا الضوء على انصهار الصورة والكلمة. وتحدث تشانغ جيانجون، رئيس مهرجان بكين الدولي للشعر والسينما، عن هدف المهرجان في ريادة ترجمة الشعر البصرية، واستكشاف التفاعل الفني بين السينما والشعر، وبناء منصة حوار عالمي ترفع من شأن الشعر الصيني عبر الوسائط المتعددة.

وشهدت الفعالية أيضًا تكريم الشاعر وانغ تونغ بجائزة الـ108 دقيقة في الفضاء التي منحتها وكالة الفضاء الروسية واتحاد كتّاب بريكس. وقد سلّمه كاو شوي الشهادة باسم المؤسستين. وفي كلمته، عبّر وانغ عن فرحه العميق بالجائزة قائلًا:

“ليست الجائزة مجرد إنجاز شخصي، بل هي عودة وجدانية إلى المنزل. لطالما دعاني البعض بـ ‘شاعر الفضاء’، وكنت أستحضر في شعري شخصية غاغارين؛ لم يكن فقط أول من عانق الفضاء، بل كان منعطفًا رمزيًا في مسار الحضارة الإنسانية”.

وتابع قائلاً: “فكرة التحليق مع غاغارين 108 دقيقة، مدفوعًا بالشعر، تثير في داخلي فرحًا ساميًا. وأن يتم تكريمي على يد السيد كاو شوي، زميلي ورفيق درب الحوار الشعري العالمي، يضفي على اللحظة بُعدًا رمزيًا آخر. على الثقافة الصينية أن تتصل بالحضارة العالمية – كما تلتحم المركبات الفضائية في كونٍ شاسع، تتألق النجوم، ويفتح البحر لنا فضاءً جديدًا.”

وهكذا اختُتم هذا الملتقى الذي التقت فيه الترجمة بالشعر، وتماهت المخيلة مع اللغة، وكان ختامًا لأمسيةٍ ارتفعت فيها طيور الشعر الذهبية محلّقةً من وطنٍ إلى آخر، نحو مجرّة أدبيةٍ مشتركة، لا تعرف حدودًا إلا القصيدة.

أبياتٌ بلا حدود – احتفاءٌ بالشعر العالمي وتبادل الثقافات

في نسيج الحدث الثقافي الغنيّ، تعرّف الحضور على العمل الأدبي الثنائي اللغة اللغة والروح: مختارات من الأدب الروسي الصيني، الذي صدر عن دار النشر “ذا فور” في روسيا، وأشرفت على تحريره الكاتبة ألينا رودنياكوفا بعنايةٍ بالغة. يضمّ هذا المجلّد أصوات أربعين كاتبًا وشاعرًا روسيًّا معاصرًا من ذوي المكانة البارزة، وهو لا يُعدّ شهادة على الوهج الإبداعي للآداب الروسية فحسب، بل يُمثّل أيضًا وثيقة حيّة على الصداقة الأدبية المتجذّرة بين الصين وروسيا.

وفي إطار سعيها الدؤوب لنقل الثقافة الصينية إلى العالم، أرست دار بييوي للأدب والفنون لنفسها مكانة مرموقة، إذ أُدرجت للعام العاشر تواليًا ضمن قائمة “أكثر مئة ناشر تأثيرًا في تصدير الكتب الصينية إلى الخارج”، وهو اعتراف بجهودها الثابتة في ترسيخ الحوار الثقافي العالمي. فقد مدّت جسور التعاون إلى المملكة المتحدة وروسيا وإيطاليا ومصر وكوبا، وأثمرت هذه الشراكات عن تصدير أكثر من خمسين عملًا أدبيًا في السنوات الثلاث الأخيرة، بلغات منها: الإنجليزية، الروسية، العربية، الإيطالية، اليابانية، والصينية التقليدية. كما أسّست مكاتب تحريرية لها في كل من إيطاليا وتايوان.

وتعدّ دار بييوي أيضًا شريكًا فاعلًا في الحركة العالمية للشعر، ذلك التحالف الدولي الذي أطلقه منظّمو 37 مهرجانًا شعريًّا عالميًّا، وينشط اليوم في 135 بلدًا، داعيًا إلى حماية التنوّع اللغوي، وبناء “مجتمع شعري إنساني” تتلاقى فيه الخيال المشترك، وتذوب فيه الحدود العرقية والإيديولوجية، ويغدو الشعر جسرًا للسلام.

ومن أبرز لحظات هذا اللقاء كان توقيع عقد حقوق النشر الإيطالية لكتاب “ملحمة أوراسيا” للشاعر كاو شوي. وقد عبّر الشاعر الإيطالي والمفكر جوزيبي كونتي في كلمته عن إعجابه بالعمل، واصفًا إياه بأنه مزيج من التأمل الفلسفي والجلال الملحمي، يتجذّر في الأسطورة والتاريخ والمعرفة، ويرقى – على حد قوله – إلى مصافّ إنجازات دانتي وروائع عصر النهضة. أما المترجم الإيطالي لامبرتو غارتسيا، فقد عبّر عن حماسه لإنجاز الترجمة بحلول نهاية عام 2025 أو مطلع 2026، ثم تلا مقطوعتين شعريتين من العمل بإيطاليته الشفافة، ما جذب الحضور إلى إيقاع الأصل.

أما كاو شوي فقد عرض نماذج أولية من الترجمة الإيطالية، متحدّثًا عن طموحه في صياغة صوت شعري يُعلي كرامة الإنسان وحريته. وأكّد أن ملحمة أوراسيا ليست ملحمة وطنية، بل ملحمة قارية، ترسم جغرافيا روحية للحضارة الإنسانية، تمتدّ من بابل ومصر إلى فارس والهند والصين.

 

وقد أُعلن كذلك عن تصدير حقوق النشر العربية لهذا العمل، حيث أثنى الشاعر والمترجم المصري أشرف أبو اليزيد على تجربة كاو شوي، واصفًا إياها بأنها “ملحمة حديثة تتجاوز حدود الحضارات”، ومعلنًا عن نيّته إدراج الترجمة العربية ضمن سلسلة “إبداعات طريق الحرير – مصر”، بما يرمز إلى وحدة رمزية بين اثنتين من أعرق حضارات الأرض: الصين ومصر. وأكّد أن هذا المشروع يستشرف مستقبلًا تُبنى فيه الروابط على الانسجام وازدهار الروح الإنسانية المشتركة.

وجاء نص الكلمة كالآتي:

تمثّل ملحمة أوراسيا مشروعًا شعريًا فريدًا يعيد صياغة التاريخ الإنساني من خلال منظور يجمع بين حضارات الشرق والغرب، ويحيي تقاليد القصائد الملحمية التي عرفها الإنسان منذ ملحمة جلجامش حتى المهابهارتا.

في هذه القصيدة الطويلة، استلهامًا من الأساطير والفلسفات والتقاليد الشعرية في الشرق والغرب، يبدع كاو ملحمةً حديثة تمتد عبر الحضارات؛ من بلاد ما بين النهرين غربًا إلى كنعان ومصر واليونان، وشرقًا إلى الهند وفارس والصين.

الملحمة تتسم بتنوعها البنيوي وتداخلها بين التأمل الغنائي والسرد الملحمي، وتُقدَّم في عصر الشعر الحر عبر مقاطع مفعمة بالرموز الكونية (اليين واليانغ)، والحيوانات الأسطورية، والتضاريس المقدسة مثل جبال كونلون وهضبة البامير.

ملحمة أوراسيا ليست مجرد قصيدة، بل دعوة شعرية لإعادة اكتشاف إنسانيتنا المشتركة في عالم مضطرب، عبر توحيد الثقافات في أغنية كونية شاسعة.

منذ تأسيسنا لسلسلة إبداعات طريق الحرير في 2016، سعينا لمد الجسور الثقافية بيننا والعالم، وخاصة في الشرق الآسيوي، فقدمنا مؤلفات وترجمات لأيقونات أدبية>

نزعم أن ملحمة أوراسيا ستكون درة التاج لهذه الإصدارات، لنحتفل بها في الذكرى العاشرة لتأسيس السلسلة، وهكذا لن يكون التعاون فقط بين شاعرين من القاهرة وبكين، أو شراكة بين دارين للنشر في مصر والصين، ولكن هذه الترجمة ستمثل جسرا بين حضارتين عريقتين، الحضارة المصرية والحضارة الصينية، اللتين خلدهما التاريخ، وأزهر بهما الإبداع الإنساني.

شكرا كاو شوي، شكرا معرض بكين الدولي للكتاب، وشكرا لدار بييوي للأدب والفنون، وشكرا لكم. أشرف أبو اليزيد. رئيس تحرير سلسلة إبداعات طريق الحرير، الأمين العام لمؤتمر الصحفيين الأفارقة”.

 

لكنّ التبادل الثقافي لم يكن باتجاهٍ واحد. فقد احتُفي أيضًا بمنح حقوق الترجمة والنشر في الصين لثلاثة أعمال عالمية: خطى إسطنبول للشاعرة التركية نوردوران دومان، أغنية الفارس للشاعر الإيطالي لامبرتو غارتسيا، وملحمة الإنسان للشاعر الإماراتي عادل خزام. وقد عبّر الشعراء الثلاثة، بكلمات مؤثّرة، عن تقديرهم العميق للثقافة الصينية وفرحتهم بأن تصل أعمالهم إلى قلوب القرّاء الصينيين. وقد تولّى كاو شوي ترجمة الأعمال الثلاثة، ووقّع الاتفاقيات وقدّمها في مشهد احتفائي مهيب.

عادل خزام

واختُتمت الفعالية بمقطوعة استعراضية من الترجمة الصينية لكتاب ملحمة الإنسان – ملاحم كبرى من العالم، الذي أشرف على تحريره الشاعر الإماراتي عادل خزام، جامعًا بين دفتيه قصائد لـ86 شاعرًا من أرجاء المعمورة. وقد صدرت النسخة العربية في بكين العام الماضي. ومن دلالات هذا المشروع أن خزام كتب قصيدته الافتتاحية، فيما اختتم كاو شوي المجموعة بقصيدة ختامية، في حوار أدبي ممتدّ بين القارات والثقافات.

لقد أثبتت مبادرة الحزام والطريق أنها ليست مشروعًا جيوسياسيًّا فحسب، بل منبرًا حيًّا للّقاء الثقافي، حيث تتقدّم الترجمة والشعر والاحترام المتبادل الصفوف الأولى. فمبادلات حقوق النشر – وهي ركن أساسي من هذا المشروع – تؤدّي دورًا محوريًّا في تعزيز التدفق الإبداعي عالميًّا. ومن خلال هذه المبادلات، يتمكن قرّاء العالم من الانفتاح على دررٍ شعرية مستمدة من تواريخ ومشاعر شتّى.

إن هذه التيارات المتقاطعة لا تثري الشعر العالمي فحسب، بل توفّر أيضًا رؤى جديدة للناشرين، محفّزة الابتكار في التخطيط والتحرير والتوزيع الأدبي. وتضع دار بييوي للأدب والفنون الشعر الحديث في قلب رسالتها، ومن خلال مشاريع مثل “القراءة العامة” ومبادرات “الحزام والطريق”، تواصل تقديم الحكمة والخيال والتفاني في صياغة فصل جديد في أدب الإنسانية.

وفي روح الجمال المشترك، تبدأ صفحة جديدة – حيث يكتب الشعراء من كل أرضٍ لا لأوطانهم فحسب، بل للإنسان أجمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى