أحداثإعلاملقاءات

السفارة المصرية في الجمهورية التونسية تحتفل بالعيد القومي

تونس - خالد سليمان:

في إطار احتفال السفارة المصرية في الجمهورية التونسية بالعيد القومي لجمهورية مصر العربية، أقيم مساء الأمس حفل رسمي بمقر السفارة، بحضور عدد من أصحاب المعالي الوزراء التونسيين، وأصحاب السعادة رؤساء البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية، ونخبة من رموز وقيادات المجتمع التونسي، إلى جانب عدد من أفراد الجالية المصرية في تونس.

وقد ألقى سعادة السفير باسم حسن، سفير جمهورية مصر العربية في تونس، كلمة ترحيبية بهذه المناسبة الوطنية، عبّر فيها عن عمق العلاقات الأخوية التي تربط بين مصر وتونس، واستعرض خلالها ما حققته الدولة المصرية من إنجازات تنموية، وجهودها في دعم قضايا الأمة العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، مؤكدًا على وحدة المصير والتاريخ المشترك بين البلدين الشقيقين، وتطابق رؤاهما في العديد من القضايا الإقليمية والدولية.

وجاءت كلمة السفير لتجسد حرص مصر الدائم على تعزيز العلاقات الثنائية مع تونس الشقيقة في مختلف المجالات، بما يعكس روابط الصداقة العريقة بين الشعبين، ويُترجم توجيهات قيادتي البلدين نحو مزيد من التعاون والتكامل.

وفيما يلي نص الكلمة:

“معالي السيد/ خالد النوري وزير الداخلية،

معالي السيد/ سمير عبيد وزير التجارة وتنمية الصادرات،

أصحاب السعادة رؤساء البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية،

بني وبنات وطني الكرام ممثلي الجالية المصرية،

أصدقاءَنا وضيوفنا الأعزاء من رموز وقيادات المجتمع التونسي الشقيق،

يسعدني ويشرفني أنا وقرينتي وزملائي أعضاء السفارة المصرية أن نرحب بكم اليوم في بيت مصر لنحتفل سوياً بالذكرى الثالثة والسبعين لثورة الثالث والعشرين من يوليو المجيدة. إنه لشرف عظيم أن أقف بينكم اليوم ممثلاً لبلادي في عيدها القومي، وأن أعبر عن أسمى آيات التقدير والامتنان لتونس الشقيقة، قيادةً وشعبًا، مؤكداً اعتزازنا بمتانة الأخوة والشراكة بين البلدين.

الحضور الكرام،

إن ذكرى الثالث والعشرين من يوليو ليست مجرد تاريخ عابر في ذاكرة مصر، بل هي بلا شك محطةُ فارقةُ في تاريخ أمتنا العربية وقارتنا الأفريقية، ولحظةُُُُُ غيرت وجه التاريخ الحديث والمعاصر بعد أن ألهمت الشعوبَ لنيل الحرية وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة.

وقد أخذ الزعيم جمال عبد الناصر ورفاقُه الثوار على عاتقهم منذ اللحظة الأولى مهمةَ دعم ورعاية كافة حركات التحرر والاستقلال، وخاصةً في الوطن العربي وأفريقيا، وذلك بالرغم من الثمن الباهظ الذي تكبدته الجمهوريةُ الوليدة نتيجة هذه المواقف المبدئية بما في ذلك الدخول في مواجهات مكلفة ومبكرة مع قوى الاستعمار السائد آنذاك.

ومازالت هذه الثورة نقطةَ تحول مضيئة في تاريخ المنطقة نحو بناء دول حديثة قوية، تسعى لتحقيق تطلعات شعوبها في التقدم والازدهار، وتؤمن بمبادئ السلام القائم على احترام السيادة والندية.

وتستمر الدولةُ المصرية حتى يومنا هذا، وهي ترسي أركان جمهورية جديدة أكثر حداثة، في وضع هذه المبادئ نصبَ أعينها، وتؤكد لشعبها ولأمتها العربية والعالم أجمع أن هذه المبادئ ستظل هي الدستور الحاكم لتوجهاتها وسياستها الخارجية.

وقد حققت مصر خلال العقد الماضي، بمثابرة شعبها وحكمة قيادتها ومؤسساتها الوطنية، إنجازات وطفرات تنموية يحق للمصريين أن يتباهوا بها؛ من تطوير غير مسبوق للبنية التحتية من خلال مشروعات عملاقة، إلى إصلاحات متلاحقة في مجالات السياسات الاجتماعية والمالية، ونهوض بقطاعات التشريع والقضاء، ومبادرات خلاقة لتنمية الريف والقضاء على العشوائيات. كما تستعد مصر قريباً لإهداء العالم صرحاً ثقافياً جديداً وهو المتحف المصري الكبير.

ومن دواعي فخرنا أن كلَ هذه الإنجازات، التي بدأ العمل فيها بعد ثورة عظيمة أخرى في 30 يونيو 2013، قد تحققت في خضم جهود مستمرة لا تكل لمكافحة الإرهاب محلياً ودولياً، ونشر خطاب ديني معتدل لإجهاض الفكر المتطرف أينما وجد، والحفاظ على هوية مصر الحقيقية وعلى الطابع الوطني لمؤسسات دولتها التي ترقى فوق أي انتماءات حزبية أو أهواء شخصية ضيقة.

وأنتهز هذه المناسبة لأوجه تحية إجلال وتقدير لشعب مصر العظيم، وللقائمين على هذه السياسات والإنجازات في القوات المسلحة والشرطة والقضاء والأزهر الشريف، وأخيراً وليس آخراً في الدبلوماسية المصرية العريقة التي أتشرف بالانتماء إليها.

السيدات والسادة،

إن وقت حفلنا هذا قد لا يتسع لاستعراض التاريخ الطويل والحاضر المشرف للعلاقات الثنائية بين مصر وتونس؛ فالعلاقات بين الشعبين والحضارتين ضاربةُ في عمق التاريخ، بما في ذلك قرونِ طويلة انضوى خلالها الشعبان تحت راية نفس الدول دون حدود سياسية، مما جعل هذه العلاقات الأخوية التاريخية المتجذرة تقوم على وشائج قربى ونسب، وانصهار وامتزاج ثقافي وحضاري فريد، وإدراك متبادل لوحدة التاريخ والمصير المشترك.

 

وقد توطدت هذه العلاقاتُ على مر العصور، وصولاً للشراكة الراسخة التي تربط بين الدولتين حالياً، والتي تعززت بفضل التنسيق والتشاور المستمرين بين قيادتي البلدين، وعلاقات الصداقة الشخصية الوثيقة بين فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وأخيه فخامة الرئيس قيس سعيِّد، واستمرار اللُحمة بين شعبيهما الشقيقين، انطلاقاً من اعتقاد راسخ متبادل بأن أمن وازدهار تونس من أمن وازدهار مصر، والعكسُ صحيح.

وإنه من دواعي سعادتنا البالغة أن نرى هذا النمو المطرد في مستويات التعاون السياسي والعسكري والأمني، بالتوازي مع خطوات جادة نحو مضاعفة معدلات التبادل التجاري والثقافي والسياحي بين البلدين، ونحو تعزيز نشاط وتواجد كبريات الشركات المصرية في تونس وزيادة تدفقات الاستثمارات البينية، ومساع حثيثة للارتقاء بهذه العلاقات نحو آفاق أرحب بما يتسق مع تطلعات الشعبين الشقيقين وتوجيهات رئيسي البلدين.

وقد شهدتُ منذ تولي منصبي الحالي في تونس أواخر العام الماضي تكثيفاً ملموساً لوتيرة الزيارات المتبادلة من جانب الوزراء وكبار المسئولين من البلدين بشكل ربما يكون غير مسبوق، وصولاً لزيارة السيد وزير الخارجية المصري ومشاوراته المثمرة مع معالي أخيه التونسي حول مختلف الأزمات والتطورات الإقليمية، مع الاتفاق على الحفاظ على دورية انعقاد اللجان القطاعية المشتركة، وتكثيف الاستعدادات لعقد الدورة المقبلة للجنة العليا المشتركة في شهر سبتمبر المقبل.

ونعتقد أن حجم التقارب والتماهي بين الحكومتين والشعبين المصري والتونسي، ورصيد الثروة البشرية والخبرات المتراكمة لدى البلدين، تعد جميعها عناصر من شأنها تمكين الدولتين من إرساء نموذج يُحتذى به في التكامل والتعاون العربي البناء، وتوظيف عضويتهما المشتركة في العديد من الأطر الإقليمية ومتعددة الأطراف، ومن بينها جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي وتجمُّع الكوميسا والاتحاد من أجل المتوسط وغيرها، في تحقيق المزيد من التكامل المثمر الذي يعود بالنفع على الشعبين وعلى محيطهما الإقليمي.

أصحاب المعالي والسعادة، الحضور الكرام،

إن مصر بسجلها الطويل في النضال من أجل القضية الفلسطينية وبكل التضحيات الضخمة التي بذلتها في خمسة حروب متتالية ضد إسرائيل، توجها نصر أكتوبر 1973 المجيد، مازالت تؤكد أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية لكل العرب، وأن تحقيق السلام العادل والشامل هو السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها.

ومنذ بدء المأساة الجارية في غزة والعدوان الإسرائيلي المستمر ضد المدنيين لفترة قاربت العامين، فقد عملت مصر ولاتزال على كافة المستويات لإنهاء العدوان على القطاع ومعالجة الكارثة الإنسانية المترتبة على الحصار والتجويع والانتهاكات الإسرائيلية السافرة والممنهجة، والضغط لإدخال المساعدات وعلاج الجرحى. كما تتمسك مصر بموقفها الثابت بشأن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفقًا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

ولقد دفع الإدراك المتبادل بين مصر وتونس لوحدة التحديات والتهديدات المشتركة إلى تكثيف التعاون والتنسيق الثنائي تجاه مختلف التطورات والأزمات الإقليمية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والبناء على مواقفهما ورؤاهما المشتركة للتعاون بشكل وثيق نحو تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ودعم الحلول السلمية للأزمات، والحفاظ على تماسك مؤسسات الدولة الوطنية في كل الدول العربية في مواجهة الفوضى والفتن والحروب الأهلية، والتعامل بشكل مشترك مع مختلف قضايا التنمية المستدامة و مكافحة الإرهاب والتطرف، والهجرة غير النظامية.

ختاماً، فلا يسعني سوى أن أدعو الله عز وجل أن يحفظ مصر (المحروسة) وتونس (الخضراء) وشعبيهما، وأن يديم عليهما نعمة الأمن والاستقرار والرخاء، وأن يوفقنا جميعاً لما فيه الخير لأمتينا العربية والإسلامية، وللإنسانية جمعاء.

أشكركم مجدداً على تشريفكم لنا بمشاركتنا في هذا الاحتفال، وعلى حسن الاستماع. وكل عام وأنتم بخير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى