أدبشخصيات

خازن أسرار الجمال

بقلم: مجدي أبو الخير

مجدي أبو الخير

محسن شوقي، الأستاذ وفيلسوف الفقراء، رجل يليق به التواضع، فالتواضع لا يكون إلا للكبار، كما لا تميل إلا الأغصان المثقلة بالثمار.
من يراه لأول مرة ولا يعرفه يظن أنه رجل عادي بثيابه الريفية البسيطة التي تشبه ثياب آبائنا في الريف المصري، ولا يظهر عليه أي سمة من سمات الثقافة أو المعرفة الدقيقة بالعالم المحيط. بنظرة رقيقة وبسمة هادئة وتواضع جم، يستقبلك دون تكلف، لكن ما أن ينتقل إليه الحديث حتى تكتشف أنك أمام مثقف موسوعي يحمل في قلبه تاريخًا وثقافة ومعرفة في شتى المجالات، يسردها ببساطة وبأسلوب سلس.
يملك عمنا الأستاذ نعمة من الله لم ألحاظها في كثيرين ممن قابلتهم طوال حياتي وعلى مدار جولاتي حتى الآن. لديه تلين الكلمات وتنصهر الحروف ليعيد تشكيلها وتركيبها، فيصنع منها جملاً طازجة لم يشكلها أحد من قبل. تستمع إليه دون ملل، كأنه يفتح لك أحد أهم أبواب التعرف على جمال وسحر اللغة؛ هنا تكشف اللغة عن مكنونها عنده فقط، وهذا ما شعرت به.

محسن شوقي

الكبير قدرًا وسنًا وثقافة يقدره الجميع، ولا يناديه أحد باسمه دون إضافة لقب “الأستاذ” أو الصفة التي تناسبه، رغم فارق السن الذي يجعل مثلي في عمر أبنائه أو أصغر. ولكن بتقدير ومحبة، كان لا ينادي إلا يا أستاذ. وكان من عادتي عندما أقابله في صالون “أراجة” في بيت الحبيب الأستاذ “عاطف الشاذلي” أو في أي ملتقى ثقافي أن أمازحه دومًا ويلقاني ببسمته ووجهه البشوش.
من تتلمذ في بيت “أحمد عبيده” في قرية عظمية مثل “العمار”، وحمل في قلبه هم الثقافة والتنوير، من بسط للمحيطين رداء التواضع، واستقبل الجميع بوجه بشوش وبسمة ناضرة، فلن يموت، وكما قال الراحل نجم “مدام مصر ولادة وفيها الطلق والعادة، ستظل شمسها طالعة برغم القلعة والزنازين”.
رحم الله الأستاذ الكبير، الأب، الصديق، المعلم محسن شوقي، الراحل جسدًا والباقي محبة وإبداعًا وسيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى