جاليري

ماذا تظن أن أصير… سردية الأفكار والرسائل

بقلم : طارق العمراوي، تونس

تمتلك الكاتبة نهال أحمد الجندي مدونة سردية ثرية نوعت في الاشكاليات المطروحة والمرتبطة عضويا وجدليا بالطفولة التي يجب أن نتحرى فيما نكتب عنهم ولهم ومن آخر ما كتبت وحبرت للطفولة وللنقاد وللمتابعين لأدب الطفل قصتها “ماذا تظن أن أصير” وعتبة العنوان كمدخل للقراءة جاء على شاكلة جملة استفهامية ورطت الطفل –القارئ منذ العنوان بمعنى سينتظر الجواب ويتابع الفراءة وهذا السؤال طرح ويطرح عليه يوميا في العائلة التي تريد توجيهه منذ السنوات الأولى لمهنة يحبونها أو يمارسونها أو يريدون لأطفالهم أن يمتهنونها في كبرهم ويتكرر هذا السؤال في رياض الأطفال وفي المدارس .

وفي تعداد الأفكار التناثرة في هذا النص توجيه للتفكير والتفكر ولتوسيع دائرة الخيال والتخيل ففي صفحات معدودة استحضر الصندوق أكثر من فكرة بل ذكرت الساردة 10أفكار تقارب تفكير الطفل ومستواه الحس- حركي والمعرفي وعبر قراءة لمحيطه المصغر أو الواسع ومن وراءها رسائل ومضامين وأخلاقيات خلف الأفكار التي أتت عليها الكاتبة والوقوف على هذه الأفكار المتتالية بهدف البحث عن وظيفة أخرى نتيجة الملل وسببه البطالة.
فحضر الحيوان في فكرتين نظرا لعلاقة الطفل بهذا الكائن الذي نتقاسم معه اليابسة الفكرة الأولى مأؤا آمنا لقطة تائهة يوفر لها هذا الصندوق الخشبي ملاذا أيضا من برد الشتاء مع قطيطتها البيضاء وهذا التعاطف نلمسه عادة في علاقة الأطفال مع الحيوانات الأهلية خاصة في منازلنا أو منازل جداتنا في الأرياف البعيدة ومعها علاقة الأم حتى وإن كانت حيوانا في التفكير لتوفير الأمن والغذاء لأطفالها مع إختيار ذكي من الساردة التي آثرت تقديم صندوق خشبي بإمكانه أن يتحول إلى تجسيد لأفكارها مقارنة بالصناديق البلاستيكية التي غزتنا و التي تنتهي وظيفتها وصلوحيتها بعد أول أو ثاني استعمال عكس العائلات التي مازالت تحتفظ بمثل هذه الصناديق الخشبية منذ عشرات السنين أما الحيوان الثاني فهو العصفور اللطيف وحلمه زيارة البحر والأمواج في علاقة تغيير الأجواء واكتشاف جديد لعالم يراه من فوق وعن العائلة الموسعة الكل مشدود للجدة والجد ويرغب الأطفال في زيارة الجدة والجد ويكونون سعداء إذا جاء واحد منهما لزيارتهم و أمام تقدم العمر سيحتاج الجد والجدة إلى مقعد في الشارع ليكون الصندوق الخشبي وهي تنتظر الحافلة لتزور أحفادها الأربعة ومعها الهدايا كتب مفيدة يتحول بعد ذلك الصندوق الخشبي إلى مكتبة لحفظ الكتب القيمة ومن هنا عمدت الساردة إلى عالم الكتاب الورقي ليكون حاضرا في هذه القصة مع تقليد أن يكون للطفل مكتبه الخاص وأن يغرم بالكتاب وبالعلماء وأن يحلم أحدهم بأن يطير إلى الفضاء الذي يغري عالم الطفولة فمن عادة من يعيش في فضاء ما أن يتطلع إلى فضاءات أخرى يتعرف عليها وعلى مكوناتها كما قدمت ثقافة مرورية إذ تحول الصندوق الخشبي لسيارة فيجب أن يلتزم بقواعد المرور وحضر اللعب وامكانية أن يكون الصندوق الخشبي مرمى كرة ثم تتالت الأفكار كزهرية وزهورها العطرية لحث الأطفال على عشق عالم النبات والأزهار وعالم الحيوان وهواية الصيد بالصنارة في البحيرات العذبة لتكون النهاية مفتوحة وممكن استثمارها فرديا أو في قراءات جماعية لتقديم العمل بالمدارس الأساسية أو بنوادي المطالعة ثم إعادة طرح السؤال وتعويض الصندوق بالطفل – القارئ والمتفاعل مع القصة وما هي المهنة التي تريد أن تمتهنها أو ترغب فيها مع ضرورة التفاعل أولا وإيجاد أفكار أخرى للصندوق كي نرفع عنه احساسه بالملل والقلق.
إن نص الكاتبة نهال أحمد الجندي حملته العديد من الرسائل والمضامين العميقة طرحا وسردا والتي يحتاجها الطفل لتنمية قدراته الذهنية والتخيلية مع ثقافة مرورية وحياتية خاصة عالم القصة والكتاب الذي حضر في أكثر من مثال وتصور للمصالحة معه في عالم غزته الفضاءا ت الافتراضية ومسك الهواتف الذكية عوض مسك الكتب وعالم الورق والقراطيس .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى