
بقلم الدكتور نور ندا
أستاذ الأقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الادارية والأستاذ الزائر بجامعة موسكو للتمويل
التجاب الناجحة عالميا تؤكد أن وجود قطاع أعمال عام قوى هو ضرورة وطنية ودعامة لنمو وأزدهار القطاع الخاص والأنسجام بينهما ضرورة أقتصادية وتشغيلية للقطاعين .
رئيس الوزراء صرح فى المؤتمر الأقتصادى إن تخارج الدولة من القطاع العام لا يعني بيعه . وتبدو هذه الجملة أشبه بفوازير رمضان حيث أن عمليات الخصخصة لها أشكال كثيرة ومنها التخارج أو ترك الأدارة للقطاع الخاص المصرى أو الأجنبى .
والمشكلة فى هذا العرض من رئيس الوزراء أنه ينطلق من فهم خاطئ يسيطر على طريقة تفكير المسئولين المصريين منذ عام ١٩٧٤ وحتى الآن بأن مشكلة القطاع العام هى شكل الملكية ، ولكن الحقيقة أن مشكلة المؤسسات والشركات التي تمتلكها الدولة هى الكفاءة الأقتصادية ( الأدارة) لهذه الشركات والمؤسسات وليس ملكيتها العامة .. وتغيير الإدارة إلى القطاع الخاص لن يقدم حل سليم بل سيعرض الملكية العامة لهذه الشركات لعملية نهب احترفها رجال الأعمال المصريين والأجانب منذ أن شرعت الدولة فى عمليات الخصخصة وحتى الآن .
والجدير بالذكر أن الكفاءة الأقتصادية لمعظم شركات ومؤسسات القطاع الخاص ( الأدارة) ليست أفضل حالا من القطاع الذى يدار من قبل الدولة .
و يعانى الاقتصاد المصرى منذ فترة طويلة كما صرح بذلك رئيس الوزراء فى المؤتمر الأقتصاد من أنخفاض معدلات الأستثمارات فى مجال الصناعة ، وذلك بسبب عزوف القطاع الخاص المصرى من المشاركة فى الأنشطة الصناعية و الأنتاجية والتى تحتاج إلى استثمارات ضخمة وخبرات تكنولوجية تستغرق فترات زمنية طويلة حتى تحقق عائد اقتصادى ومالى ملموس .
والرأسمالية المصرية أعتادت على الأرباح والمكاسب السريعة و أتسم سلوكها بعدم المشاركة فى الأستثمارات طويلة الأجل وأكتفت بالمشاريع التى تتصف بقصر الفترة الزمنية لدوران رأس المال بها ( أموال – بضائع – أموال ) ، أى تلك المشاريع التى تتميز بسرعة دوران رأس المال بها .
مصر تحتاج إلى استثمارات تضيف مشاريع و قيم صناعية وانتاجية جديدة وتكنولوجيا حديثة تدعم الاقتصاد المصرى وتعمق المكون الوطنى فى الأنتاج وتخفض درجة الأعتماد على الخارج ، أستثمارات تنقل تكنولوجيا حديثة وتقلل الأستيراد وتخفف الضغط على العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية .
وتؤكد لنا التجارب الاقتصادية العالمية الناجحة أن وجود قطاع عام قوى هو ضرورة وطنية ودعامة لنمو وأزدهار القطاع الخاص . والعلاقة والأنسجام بين القطاعين ضرورة أقتصادية وتشغيلية لهما .
لذلك أرى أن دعوة رئيس الوزراء هى دعوة قديمة جديدة لتسويق خصخصة وبيع الأصول العامة من شركات ومؤسسات أى خمر قديم فى زجاجات جديدة .
بقلم الدكتور نور ندا

