أحداثأدبإعلامجاليريشخصياتلقاءات

جسر ثقافي بين القاهرة وباكو

سلسلة اللقاءات الإبداعية على طريق الحرير تستضيف أيقونات ثقافية من أذربيجان

في إطار سلسلة اللقاءات الإبداعية على طريق الحرير، استضاف الشاعر والروائي والمترجم المصري أشرف أبو اليزيد صباح اليوم الخميس 30 أكتوبر 2025 نخبة من رموز الثقافة والأدب في أذربيجان.

ضيف الشرف في هذا اللقاء هو العالم الأذري البارز الدكتور سيمور نصيروف، الذي منحه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مؤخرًا وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى تقديرًا لإسهاماته المتميزة في تطوير المعرفة والعلم. يشغل نصيروف منصب رئيس الجالية الأذرية في مصر، وهو المؤسس المشارك لجمعية العلماء الأذربيجانيين في العالم، وقد أسهم في تعليم الآلاف ونشر بحوث رائدة حول التراث الفكري الأذربيجاني-العربي.

وُلد سيمور نصيروف في 12 نوفمبر 1976 في قرية شُوفي، مقاطعة أستارا، بأذربيجان.  تخرّج من المدرسة الثانوية في قريته عام 1994، ثم من الجامعة الإسلامية في باكو عام 1998، وواصل دراسته في جامعة الأزهر حيث حصل عام 2002 على درجة في الدراسات الإسلامية واللغة العربية. وبعد أربع سنوات من التدريب في دار الإفتاء المصرية، أصبح أول باحث من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق يُمنح تصريح الإفتاء.
في عام 2011، حصل على درجة الماجستير من الجامعة الأمريكية بالقاهرة في تخصص اللغة العربية وآدابها، برسالة تناولت تاريخ دراسة اللغة العربية في أذربيجان، ثم نال درجة الدكتوراه عام 2020 من الجامعة نفسها بعنوان: جهود العلماء الأذريين في خدمة العلم العربي، تحت إشراف نخبة من علماء الأزهر.

بحسب تعبير الضيف المكرم، فإن مصر أعطته الكثير، وكان سؤاله الذاتي ماذا سيعطي هو، وكانت الإجابة عبر المؤسسات التي أنشأها لرعاية الأجانب طالبي العلم، وقيامه هو بتعليم اللغتين الأذرية والعربية للآلاف، وايتضافة المئات في البيت الذي أنيء لذلك على مدار سنوات، وهو الذي يحتفل بعد أيام بمرور ثلاثة عقود على قدومه إلى مصر.

يُنسب إلى نصيروف اكتشافه لمخطوطات عربية نادرة تتعلق بعلماء أذريين، وإثباته من خلال التحليل اللغوي وجود إشارات إلى “أذربيجان” ونفط باكو في القرآن الكريم. كما برهن عبر المصادر العربية على أن الأسرة الأيوبية تعود في أصولها إلى أذربيجان. يعمل حاليًا أستاذًا للغة الأذرية في جامعة القاهرة، ويقود مشروعات ثقافية وتعليمية تهدف إلى تعزيز حضور التراث الأذري في مصر والعالم العربي.

في اللقاء أعاد الضيف الكبير التأكيد على امتنانه لمصر قيادة وشعبا، وكيف أن الخطاب المصري لدى المسؤولين يتحدث عن الأذريين باعتبارهم أشقاء، وليس كما جرت العادة بوصف غير العرب بالأصدقاء، كما أكد على الروح المصرية التي تحتفي بالعالم، وتصف من يأتيها بالضيوف، ولا تنعتهم باللاجئين.

وكانت مشاركة الشاعر والكاتب والمترجم الأذري إلدار أخادوف عبر رسالة صوتية، وهو الذي ترجم إلى الروسية مجموعة الشاعر المصري أشرف أبو اليزيد بعنوان شارع في القاهرة، في الرسالة  التي عرض خلالها بعض كتب إلدار التي تزين مكتبة المضيف في مصر، تحدث إلدار عن اللقاء الإبداعي في البيت الروسي في العاصمة الأذرية الذي احتفى بهذا الإصدار الذي جاء في طبعتين، موسكوفية، وقاهرية.

أنار، رئيس اتحاد كتاب أذربيجان، يستقبل أشرف أبو اليزيد في باكو

وعرض أشرف أبو اليزيد جانبا من المؤلفات التي تضمها مكتبته، مثل المجموعات القصصية للأديب أنار، رئيس اتحاد الكتاب هناك، والروائي مقصود، الأذري الذي رشح لجائزة نوبل في الآداب.

ولد إلدار أخادوف ونشأ في باكو، وهو عضو شرف في اتحاد كتّاب أذربيجان، وعضو في الاتحاد العالمي للعلماء الأذربيجانيين المقيمين في الخارج، والمنسق العام للمنظمة العالمية للكتّاب (WOW)، ورئيس لجنة التسميات التابعة لجمعية الجغرافيا الروسية (تأسست عام 1845) بمنطقة كراسنويارسك، وعضو مجلس اتحاد كتّاب روسيا للمنطقة ذاتها. وهو مؤلف لأكثر من 102 كتاب أدبي وعلمي بسبع لغات.

يقول إلدار في قصيدة بعنوان (سِواكِ)

مزّقتُ صوركِ كلّها،
واحدةً تلو الأخرى،
لكنّ ذلك لم يُسعفني،
فما استطعتُ نسيانكِ.

هربتُ من الناس والديار،
ولم أعد أدراجي،
عبرتُ جبالًا ووديانًا،
لكنّ ذلك لم يُسعفني،
فما استطعتُ نسيانكِ.

أحبّني آخرون،
وكان بين يديّ من فهموني،
من اقتسموا معي الحزن،
ومن ضحكوا لفرحي،
لكنّ ذلك لم يُسعفني،
فما استطعتُ نسيانكِ.

شربتُ المُرَّ من الكؤوس،
حتى تهادى الوعي منّي،
كأنّي آخرُ مَن بقي،
أو صعلوكٌ سكرانُ في الطرقات،
حذّاءٌ بائسٌ في ليلٍ طويل،
لا أدري مَن أنا ولا إلى أين،
لكنّ ذلك لم يُسعفني،
فما استطعتُ نسيانكِ.

تزوّجتُ، وامتلأ بيتي بالعائلة والأطفال،
صرتُ ربَّ دارٍ مستقرًّا،
لكنّ ذلك لم يُسعفني،
فما استطعتُ نسيانكِ.

واليومَ شِبتُ،
أمدُّ يدي للهواء عبثًا،
كلُّ شيءٍ يتسرّب من ذاكرتي،
كلُّ شيء… سِواكِ.

ثم جاءت مشاركة المستشرقة والمترجمة الأديبة تارانا علييفا محمد (أذربيجان)، المتخصصة في اللغة العربية، وعضو اتحاد الكتاب الأذربيجانيين، وكانت تحمل نسخة من ديوان أشرف أبو اليزيد “فوق صراط الموت”، أحد مصادرها لترجمة مختارات أشرف أبو اليزيد الشعرية إلى اللغة الأذرية، والذي صدر في القاهرة عن دار الناشر في سلسلة إبداعات طريق الحرير. هذه الترجمة استثنائية لأن مترجمتها راجعت وقابلت نصوص قصائد المختارات الشعرية في اللغات؛ العربية والفارسية والروسية، بعد لقائها بالشاعر في البيت الروسي بمدينة باكو، حيث احتفل الجمهور الأدبي هناك، بمشاركة الدكتور مراد مدير البيت الروسي في القاهرة، والشاعرة مارجريتا رئيسة منظمة كتاب العالم في موسكو.

تارانا خانوم، تحمل نسخة من (شارع في القاهرة)، التي ترجمتها إلى اللغة الأذرية

بدأت تارانا نشاطها الأدبي في الترجمة عام 1978، حين نقلت نماذج من أدب الأطفال المكتوب باللغة العربية للأديب المصري سمير عبد الباقي إلى اللغة الأذربيجانية، وعلى مر السنوات نُشرت قصصها ومقالاتها حول مواضيع مختلفة في المجلات والدوريات التي تصدر في جمهورية أذربيجان. للمبدعة الأذرية خمسة كتب، هي (قبّل العيون وارحل)، و(الربيع في الخريف)، و(اعتراف)، و(شِباك)، و(الغموض)، وقد ترجمت رواية “المرأة الأسيرة” لميخوش عبد الله من الأذربيجانية إلى الروسية، كما ترجمت “ساعي البريد من أجل ييفا” لألكسندرا عظيمة رينهارت من الروسية إلى الأذربيجانية.

في ختام اللقاء قرأت الشاعرة المترجمة قصيدة لها بالأذرية، ترجمتها:

ينشقُّ عن الفجر سكون المكان،
ويتنفّس الصباح، فتُرسل الشمسُ إلى خزري سلامها الأوّل.
تستيقظ الشوارع، وتنهض المدينة من أحلامها،
انهضي، يا مملكتي، صباحكِ خيرٌ ونور!

يُزيح الصبحُ عن وجه باكو وشاحه،
وقريبًا ستُقبِّل الشمس جبينها الوضّاء،
من الشفق تتناثر أنوار على المدينة،
انهضي، يا مملكتي، صباحكِ خيرٌ ونور!

من شَكي إلى شِروان، ومن موغان إلى ميل،
ومن شَماخي العتيقة إلى الجنوب الأصيل،
تمضي الشمس تخطو فوق الجبال،
انهضي، يا مملكتي، صباحكِ خيرٌ ونور!

ينقشع الضباب عن قمم شوشا،
وتتزّين لاجين في بهاءٍ وبهجة،
ومن أعالي كلبجار يعلو النداء: “ها أنا ذا!”
انهضي، يا مملكتي، صباحكِ خيرٌ ونور!

فوزولي، زَنكيلان، وقوبادلي الجميلة،
كلّ منها موطن، وكلّ منها درّة أصيلة،
ومن أغدام تهبّ نسائم الحرية والعزّة،
انهضي، يا مملكتي، صباحكِ خيرٌ ونور!

يا روحي أذربيجان، يا وطني الجميل،
يا خفقة قلبي ونبض روحي الأصيل،
تنشد الطبيعة ألف أغنية في مديحك،
انهضي، يا مملكتي، صباحكِ خيرٌ ونور!
انهضي، فالصباح المظفّر في انتظارك!

بين ضيوف اللقاء أيضًا جاء الأديب الأذري ميخوش عبد الله، صاحب المجموعة القصصية التي ترجمها أشرف أبو اليزيد إلى العربية تحت عنوان الطابق السادس.
وُلد ميخوش عبد الله في 2 فبراير 1962 في قرية خليل آباد بمقاطعة جليل آباد بأذربيجان. درس الاقتصاد، لكنه كرس حياته للأدب، وهو عضو في اتحاد كتّاب أذربيجان منذ عام 2002، وحاصل على جائزة رئاسية. من مؤلفاته: الطبيب غازنفر، أرواح قلقة، ألاغوز، ضحك الشيطان، صيد الأناكوندا، المرأة الأسيرة، والمرأة التي طرقت الباب ليلًا. تُرجمت أعماله إلى الروسية والتركية والعربية والفارسية والكردية والمولدافية والتترية والتركمانية، ومن كتبه المترجمة دوليًا: الطابق السادس

(في مصر وبولندا)،   العجوز (إيران) – بالفارسية، رسائل حب من المصح (تركيا)،  المرأة الأسيرة (تركمانستان)،  سعادة منقوشة على الحجر (قيرغيزستان)، ومجموعة قصص في مولدوفا.

وقرأ ميخوش قصة (الفيضان)  من المجموعة، أهداها إلى الأطفال الذين يعانون من الكوارث الطبيعية:

“اجتاح الفيضان القرية. فالأمطار المتواصلة طيلة ثلاثة أيام حوّلت المنطقة بأكملها إلى بحيرة عميقة. كان المطر ينهمر بلا توقف، كأن أحدهم شقّ بطن السماء بسكينٍ حاد، فانهمر الماء من أعاليها بزئيرٍ متصل.

اختلط خوار الماشية بنباح الكلاب وصياح الدجاج، ليزيد من رهبة المشهد المظلم في ليلٍ غارقٍ بالخوف. دبّ الذعر بين الناس، لا يدرون ما يفعلون ولا إلى أين يفرّون.

وصلت فرق الإنقاذ، تحمل الناس قدر ما تستطيع إلى أماكن آمنة. في تلك اللحظات الرهيبة، علق القرويون كلّ آمالهم عليهم، ينتظرون المعونة والنجاة.

في هذه الأثناء، كانت امرأة شابة تُدعى سولماز تبكي وتخبرهم أن ابنتها الصغيرة قد اختفت. حاول قائد الفريق تهدئتها، وسألها عن الاتجاه الذي شوهدت فيه آخر مرة.

أشارت الأم بيديها المرتجفتين نحو الجهة التي أتوا منها، تتوسل إلى الضابط أن ينقذ طفلتها.

كانت مياه الفيضان قد غمرت كلّ الساحات، وارتفع منسوبها حتى بلغ قامة رجل. غمرت المياه الأثاث والمنازل، وتحوّل كلّ شيءٍ إلى غياهبٍ موحلة.

وفجأة لمح أحد رجال الإنقاذ طفلةً تبكي وهي تصرخ:
“أمّي!.. أمّي!”
اندفع الشاب نحو الصوت، والموج العاتي يهدده في كل لحظة أن يجرفه بعيدًا، لكنه لم يأبه، ومضى في اتجاه الطفلة التي تطلب النجدة. كانت المياه العكرة تصل إلى عنقه، وحين اقترب، رآها تحتضن شجرةً بكل قوتها، ترتجف وتبكي.

اقترب منها وحملها بذراعيه. تشبثت به الطفلة خائفةً وهي تواصل البكاء بلا توقف. حاول تهدئتها، لكنها كانت تصرخ وتطلب أمّها بيأسٍ. خاف أن يفتك بها الخوف. قال في نفسه: “لابدّ من طريقةٍ لطمأنتها”.

فجأة، خطرت له فكرة. همس في أذنها وسط العتمة:
“يا صغيرتي، لا تبكي… ألا ترين أن الفيضان يزداد قوة؟ كلما بكيتِ، امتزجت دموعك بالماء، فزاد الطوفان، وربما غرقنا معًا… فاهدئي قليلًا.”

سكتت الطفلة فجأة، تكتم شهقاتها بصوتٍ مبحوح، تمسح دموعها بظهر كفّيها، وتحاول أن تبتسم رغم خوفها.

ابتسم لها الشاب وقال:
“انظري، لقد نجونا!”

ولمّا وصلا إلى مكانٍ آمن، علت الفرحة وجوه الجميع. احتضنت الأم ابنتها وهي تبكي من شدّة الفرح،
فيما مدّت الصغيرة يديها لتجفف دموع أمّها، تحاول بكلماتٍ مرتجفة أن تهمس لها بشيءٍ لم تفهمه…

لكنّ الحكاية قالت كلّ شيء.”

 

وقد شاركت في اللقاء الشاعرة والمترجمة الأذرية إلمايا جباروفا، التي نُشرت قصائدها في سلسلة أنطولوجيا طريق الحرير. وهنأها أشرف أبو اليزيد على الميدالية التي منحتها لها مؤسسة الكومنولث الثقافية، وقلدها لها في أذربيجان الأديب الكازاخي بخيت رستموف.
وُلدت إلمايا جباروفا في أذربيجان، وهي شاعرة وكاتبة ومترجمة. نُشرت أعمالها منذ عام 2019 في صحف ومجلات وكتب وأنطولوجيات محلية ودولية، وحصلت على العديد من الجوائز والأوسمة والشهادات التقديرية. تشغل منصب مديرة قسم في صحيفة “هيكاري، وهي عضو شرف في اتحادي كتّاب كازاخستان وقيرغيزستان، وعضو شرف في الأكاديمية الدولية للآداب والفنون والثقافة والعلوم الاجتماعية في أوزبكستان، وعضو في الرابطة العالمية للمبدعين.
كما تم تعيينها منسقة وأمينة عامة لأذربيجان والأرجنتين، وأدرجت سيرتها في كتابي MultiArt–5 وMultiArt–20 الصادرين في الأرجنتين. وهي عضو في الأخوية الشعرية العالمية، ونالت ألقاب الشاعرة العالمية للأعوام 2023 و2024 و2025، واختيرت عام 2025 شاعرة لاورييت للعالم عن أذربيجان ضمن 55 شاعرًا من مبادرة الصداقة الشعرية – بنتاسي بي.

وتحدثت إلمايا قائلة: “أيها الأصدقاء الأعزاء، أيها المبدعون الكرام، أحيّي كلَّ واحدٍ منكم بكل المحبة والتقدير.

أنا إلمايا جباروفا، وقد جمعتني صداقة ممتدة بالسيد أشرف منذ أعوامٍ عدّة،
بدأت رحلتنا المشتركة مع مشروع طريق الحرير، ومنذ ذلك الحين توطدت بيننا جسور الأدب والروح الإنسانية. كان من المعتاد أن تصدر هذه الأنطولوجيا باللغة الإنجليزية فقط، لكن هذه المرّة نُشرت سيرتي وقصائدي باللغتين الإنجليزية والأذربيجانية، وهو ما أعدّه بادرةً إنسانيةً نبيلة من صديقي أشرف، الذي قدّم عن الكتاب حوارًا تلفزيونيًا موسّعًا على قناة النيل المصرية.”

وعرضت الشاعرة الأذرة نسخة من أنطولوجيا طريق الحرير، ألف ليلة وليلة، ألف شاعر وشاعرة، قائلة: “هذا الكتاب، المستوحى من ألف ليلة وليلة، قُسِّم إلى جزأين وضمَّ ألفًا وواحد صفحة، وقد أُهديت إليَّ نسخة من ٨٨٠ صفحة، فكانت فرحةً لا تُقدّر بثمن، وبدايةً رمزيةً لعبور “جسر القلب” الذي كتبته إلى جسر الصداقة. والتقينا بعد ذلك في مشاريع عديدة: في قصيدة نانوية من أجل إفريقيا، وفي مهرجان LIFFT، وفي أعمال الترجمة والتعاون الأدبي. وأقول اليوم، مفعمةً بالأمل، إنّ هذه الصداقة وهذا الإبداع المشترك سيستمران في الازدهار ما دامت القلوب تنبض بالحبّ والمعرفة. شكرًا لكم جميعًا.

واختتمت الشاعرة بقراءة قصيدتها (أغنية الصداقة والسلام):

“نحن أبناءُ آدمَ وحوّاء،
قريبون كالإخوةِ والأخوات،
نحن البذورُ التي نبتت في كلّ أرض،
نحن الأغصانُ التي تتعانقُ في شجرةٍ واحدة.

لكلّ شعوبِ الأرضِ وطن،
والأرضُ الكبرى تسعُ الجميع،
شمالًا وجنوبًا، شرقًا وغربًا،
فالعالمُ واحدٌ لمن حسنت نيّته، يصلُ إلى الغاية.

إن تشابكت أيادينا بروابطَ وثيقة،
فلن تقدرَ العواصفُ ولا الثلوجُ أن تكسرَنا،
وإن تركنا أثرًا صالحًا في أعمالنا،
فلن تمحوه مكائدُ الشرّ.

الصداقةُ نعمةٌ،
والصديقُ مَن يفهمُ وجعَك،
ويمدّ إليك يدَه في لحظةِ انكسارك،
ما أعمقَ حكمةَ كلمةِ “صديق”!

في فوضى هذا العالمِ المضطرب،
لا بدَّ من وحدةٍ وتضامنٍ،
فليس ثمة طريقٌ إلى النجاة،
إلا العملُ المشتركُ والنوايا الصافية.

حين تحتاجُ، يُمسكُ بيدِك،
ويقفُ معك في وجهِ العواصف،
يحفظُ العهدَ والسرَّ،
ويكونُ ظلَّك في زمنِ الغياب.

فالصداقةُ قوّةٌ لا تُقهر،
قلبانِ يخفقانِ معًا،
جسرٌ خفيٌّ تمسكُه خيوطُ الحرير،
وصداقةُ الشعوبِ لا تعرفُ حدودًا.

تُكتبُ لها الأغاني والسيمفونيات،
أنغامُ الأرواحِ المتآخية،
وفي إيقاعِ القلوبِ تنسجمُ اللغات،
فترتفعُ أغنيةُ الصداقةِ في كلّ الألسنة.

تأتي سلسلة اللقاءات الإبداعية على طريق الحرير مستلهمة روح طريق الحرير، الذي جمع العقول والأصوات من قارات شتى عبر الفن والسرد، ورسالتها الدائمة: أن تبقى الكلمة قافلةً تسير، تحمل الجمال والحكمة والتواصل الإنساني من عالم إلى آخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى