
في رسالة مطوّلة حملت الكثير من التأمل والفلسفة والجرأة الشخصية، كشف الإعلامي المصري حسام السكري عن تفاصيل قراره خوض تجربة الستاند أب كوميدي لأول مرة، مستعيدًا مسارًا إبداعيًا بدأ منذ شبابه المبكر، وواصفًا رحلته من المناصب الرفيعة إلى الفنون التي “تعرّفه” حقًا، كما قال.
دهشة وتشجيع… وشيء من الاستغراب
استهل السكري رسالته بالإشارة إلى ردود الفعل المختلفة التي تلقّاها بعد إعلانه عن تجربته الكوميدية الجديدة، حيث قال:
“الأغلبية الغالبة من أصدقائي استقبلوا الخبر بتشجيع ودعم لكن بدهشة واستغراب… وبعضهم شايف إن الحكاية مش راكبة… البروفايل بتاعي ما يجيبش كوميديا.”
ورأى السكري، من خلال تأمله للآراء المنتشرة، أن المجتمع يقدّر التراجيديا أكثر من الكوميديا، معتبرًا الضحك انفعالًا “أقل قيمة”، رغم أنه الأكثر قدرة على ملامسة الروح. ويضيف:
“إحنا كشعب نحترم التراجيديا والمآسي زي عينينا… لكن الضحك مرتبط عندنا بتضييع الوقت والتفاهة… رغم إنه بيغسل الروح.”
المناصب لا تعرّفني
وعن مسيرته المهنية الحافلة، أشار السكري إلى أن كثيرين يعرّفون به عبر المناصب الرفيعة التي شغلها، مثل رئاسته للقسم العربي في بي بي سي بكل منصاته، وتأسيسه مواقع ياهو في المنطقة، وتدريبه مسؤولين دوليين في الإعلام٫ ولا يعرف كثيرون آنه درس الصيدلة ورسم الكاريكاتير…
إلا أنه يفاجئ القارئ باعتراف صريح:
“عمري ما أخدت أي مناصب بالجدية اللي الناس شايفاها… It doesn’t define me… مش هي اللي بتحدد هويتي ولا قيمتي قدام نفسي.”
ويتابع:
“الانسحاب من بعضها وأنا في قمة الهرم ماكانش صعب… لأنها مش أنا… رجعت لحاجات جوايا أكتر إشراقًا وبهجة: الرسم، التصوير، السفر، التمثيل، وأخيرًا الستاند أب كوميدي.”
من الكاريكاتير إلى المسرح… دورة كاملة
يستعيد السكري بداياته الفنية حين كان الكاريكاتير بوابته الأولى إلى الإعلام، إذ نشر رسومه لأول مرة في صحف فنلندية كبرى وهو لا يزال طالبًا في الجامعة، وأقام معارض في برلين وهلسنكي وشارك في فعاليات فنية في العالم.
كان مفتونًا دائمًا بفلسفة الضحك، ويقول:
“إزاي فكرة معينة من خلال الكوميديا تتسلل لوجدانك… تضحك من قلبك… فاهم دي؟ من قلبك!!”
ويرى أن الكوميديا الرفيعة ليست “هزارًا”، بل تحتاج إلى علم، وجهد، وإتقان يفوق ما يتصوره الناس.
الكوميديا ليست تفاهة… والكبار درسونا ذلك
استشهد السكري بأسماء عالمية أثبتت أن الكوميديا ليست بعيدة عن العمق العلمي والثقافي، فذكر نجومًا بريطانيين كبارًا درسوا في كامبريدج وأوكسفورد، مثل جون كليز وستيفن فراي وروان أتكينسون، بالإضافة إلى باسم يوسف، الطبيب الجرّاح الذي صار أحد أشهر الكوميديين في المنطقة.
ديسمبر… بداية جديدة تحمل صدى البدايات القديمة
يكشف السكري أن أول عرض ستاند أب كوميدي سيقدمه في ديسمبر المقبل، وسيحمل موضوعًا قريبًا جدًا من موضوع أول سلسلة كاريكاتير نشرها في فنلندا قبل عقود، ويعلق:
“أنا زي ما أكون باعمل دورة كاملة.”
رسالة أخيرة… الضحك فعل إنساني نبيل
اختتم السكري رسالته بتأمل فلسفي حول علاقة المجتمع بالضحك، داعيًا إلى إعادة تقييم مكانة الكوميديا في حياتنا:
“كثرة الضحك لا تميت القلب لكنها تغسل الروح.”
“والمثل اللي بيقول يا بخت من بكاني وبكى عليّ… لازم نغيره ونخليه: يا بخت من ضحكني وضحك معايا!”
من الكاريكاتير إلى المسرح… دورة كاملة


