أحداث

رَمَضَانُ في رحابِ اللُّغَةِ العربيَّةِ

بقلم: د. إيمان بقاعي، دكتوراه في الأدب العربي والتّربية، لبنان

رَمَضَانُ
لغَةً: هو الشَّهرُ التَّاسِعُ مِن السّنةِ القمريَّةِ، وأيّامُه ثلاثونَ. سُمِّيَ به، لأَنَّهُمْ لَمّا نَقَلُوا أَسْماءَ الشُّهُورِ عن اللُّغَةِ القَديمَة سَمَّوْهَا بالأَزْمنَةِ الَّتي وَقَعَتْ فيهَا، فوَافَقَ رَمَضَانُ أَيّامَ رَمَضِ الحَرِّ وشِدَّتِه فسُمِّيَ به، والجمعُ: رَمَضَانُونَ ورَمَضاناتٌ ورَماضِينُ وأَرْمِضاءُ وأَرْمِضَةٌ، علمًا أنَّ (رَمَضَانُونَ): اسْمٌ مُلحَقٌ بجمع المُذَكَّر السّالم، يُرفَعُ بالواو ويُنصب ويُجَرّ بالياءِ. ورَمَضَانُ- في القواعِدِ- ممنوعٌ مِن الصَّرفِ للعَلَمِيّةِ وزِيادةِ الأَلِفِ والنُّونِ.
و(رَمِضَ اليومُ، يَرْمَضُ): اشتدَّ حَرُّه، و(رَمِضَ الصَّائمُ): حَرَّ جَوفُه من شدَّةِ العطشِ، و(رمِضَتِ الشَّمسُ): اشتدَّ حَرُّها، و(رمِضَتِ الأرضُ): اشتدَّ عليها وَقْعُ الشَّمسِ، و(رمِضَتْ عينُهُ): حَمِيَتْ حتّى كادَت تحترقَ، و(رمِضَتْ قَدَمُهُ): احترقت من الرَّمضاءِ، ومصدرُ الفعلِ: رَمَضًا.
و(رَمَّضَ فُلانًا):انتظرَهُ قليلًا ثمّ مضى، بينما (رَمَّضَ الصَّومَ): نواهُ، ومصدرُ الفعلِ: تَرميضًا.
و(رُمِضَ فلانٌ):أحرقت قَدَمَيْهِ الرَّمضاءُ، ومصدرُ الفعلِ: رَمْضًا.
و(الرَّمْضُ):شِدَّةُ وَقْعِ الشَّمْسِ على الرَّمْل وغَيْرِه، و(الرَّمَضُ): مصدر رَمِضَ، وهو شدَّةُ الحَرِّ، أو حَرُّ الحِجَارَةِ مِن شِدَّةِ حَرِّ الشَّمْس، أو المطرُ يأتي قُبُلَ الخَريفِ فيَجِدُ الأرضَ حارَّةً مُحْتَرِقةً، أو حُرْقةُ الغَيظِ. أما (الرَّمْضاءُ)، فهي شِدَّةُ الحَرِّ، أو اسمٌ للأَرْض الشَّديدَةِ الحَرَارَةِ، أو هي الأرضُ أو الحِجارةُ التي حَمِيَت من شِدّةِ وَقْعِ الشَّمسِ.
الصِّيامُ والصَّومُ
وشَهْرُ رمضانَ هو شهْرُ (الصِّيامِ)، أو (الصَّوْمِ). وفي اللُّغةِ: (صامَ، يَصُومُ): صَمَتَ، و(صامَ فُلانٌ مَنِيَّتَه): ماتَ، و(صامَ النَّهارُ): اعتدلَ، و(صامَ الماءُ ونحوُه): رَكَدَ، و(صامَ الشَّهرَ وفي الشَّهرِ): أَمسَكَ عن الطَّعامِ والشَّرابِ، و(صامَ عن الأمرِ): امتنعَ عنه، و(صامَتِ الشّمسُ): بَلَغَت كَبِدَ السَّماءِ عند انتِصافِ النَّهارِ؛ يقال: صامَ النَّهارُ، والمصدرُ: صَوْمًا وصِيامًا. أما (صَوَّمَ فُلانًا)، فجَعَلَه يَصُومُ، ومصدرُ صَوَّمَ: تَصْويمًا.
و(الصَّوْمُ): مَصْدَرُ (صامَ)، وهو تَرْكُ الأكْلِ والشُّرْبِ والكلامِ، (أو) الصَّمْتُ، (أو) السُّكُوتُ، (أو) ضَرْبٌ من الشَّجَرِ، الواحدة: صَوْمَةٌ.
و(الصَّوْمُ في الشَّرعِ الإسلاميِّ): إمساكٌ عن المُفْطِرَاتِ من طُلُوعِ الفَجْرِ إلى غُرُوبِ الشَّمْسِ مع النِّيَّةِ. يقال: (رَجُلٌ صَوْمٌ، وامرأةٌ صَوْمٌ، ورِجالٌ صَوْمٌ ونِساءٌ صَوْمٌ)، وكذلك: (رَجُلٌ فِطْرٌ، وامرأة فِطْرٌ، ورجالٌ فِطْرٌ، ونساء فِطْرٌ)، وجمعه: أَصْوَامٌ.
ويُقالُ لشهْرِ الصَّوْمِ: (شَهْرُ الصَّبْرِ)، لأنَّ الصَّبْرَ عن الشَّيءِ: حَبْسُ النَّفْسِ عنه. ومن فضائِلِ الصِّيامِ أن تجتمعَ فيه أنواعُ الصَّبْرِ الثَّلاثةِ: الصَّبْرُ على الطّاعةِ، والصَّبْرُ على المعصيَةِ، والصَّبْرُ على الأقدارِ.
وفي (لسانِ العَرَبِ): “قال أَبو زيد: أَقمتُ بالبصرةِ صَوْمَينِ، أي: رَمضانينِ.”.
و(الصَّائِمُ)، هو: المُمْتَنِعُ عن الطَّعامِ والشَّرَابِ والكلامِ والعَمَلِ أو نحوها. و(في لسانِ العَرَبِ): قال أَبو عبيدة: “كلُّ مُمْسكٍ عن طعامٍ أَو كلامٍ أَو سيرٍ فهوصائمٌ”. وجمعُهُ: صُوَّامٌ وصُيَّامٌ وصُوَّمٌ وصُيَّمٌ وصِيَامٌ. و(الصَّائِمُ مِن الأيّامِ): المَصُومُ فيه، و(الصَّائِمُ من الخَيْلِ): القائِمُ السّاكِنُ الذي لا يُطْعَمُ شيئًا، و(ماءٌ صائِمٌ): قائِمٌ دائِمٌ. ويُقال للصَّائِمِ: (الصَّوْمَانُ والصُّومَانُ)، وجمعُهُ: صَيَامَى. أما (الصَّوَّامُ)، فالكثيرُ الصَّوْمِ.
أما(الصّائِمَةُ): مؤنَّثُ الصَّائمِ، ويقال: (امْرَأةٌ صَوْمَى)، و(من السَّكاكينِ): التي لا تَقْطَعُ، و(من البَكَرَاتِ): التي لا تَدُورُ، وجمعُ (الصَّائِمَةِ): صُوَّمٌ وصَيَامى.
الإمساكُ والإمساكيَّةُ
الإمْساكُ:مَصْدَر أَمْسَكَ، وهو من (الإمساكِ عن الكَلامِ)، أي: السّكوت عنه، أو (الإمْسَاكِ عن الطَّعامِ ونحوِه): أيْ: الكَفّ عنه والامتناع. و(في الصَّوْم الإسلاميِّ): الامتناعُ عن الطّعام والشَّرابِ وسائرِ المُفْطِراتِ مِن طُلوعِ الفَجْرِ حتّى غُرُوبِ الشّمسِ.
ومنه (الإمْساكِيَّةُ): ورقةٌ تبيِّنُ مواعيدَ الصَّومِ والإفطارِ والصّلواتِ في شهرِ رمضان المبارك.
الإفطارُ
يُقال:(أَفْطَرَ): تَنَاوَلَ وَجْبَةَ الصَّبَاحِ، و(أفطَرَ الصَّائِمُ): أَكَلَ وشَرِبَ، حانَ له أن يُفْطِرَ، و(أفطَرَ على الرُّطَبِ ونحوِه): جَعَلَهُ فَطُورَه، و(أفْطَرَ فُلانٌ فُلانًا): جَعَلَه يَقطَعُ صِيامَه، ومصدرُهُ: إِفْطارًا.
و(في لسانِ العربِ): (الفَطْر للصَّائمِ)، والاسْمُ (الفِطْرُ)، و(الفِطْرُ): نقيض الصَّوْمِ. وقد (أَفْطَرَ وفَطَر وأَفْطَرَهُ وفَطَّرَه تَفْطِيرًا). قال سيبويه: (فَطَرْته فأَفْطَرَ)، نادر. و(رجلٌ فِطْرٌ). و(الفِطْرُ): القوم المُفْطِرون. و(قومٌ فِطْرٌ): وصف بالمصدر، و(مُفْطِرٌ)من (قوم مَفاطير)؛ عن سيبويه، و(في لسانِ العرَبِ): قد قال أَبو الحسن: “إنما ذكرْتُ مثل هذا الجمع لأَن حُكْمَ مثل هذا أَن يجمع بالواو والنون في المذكَّر، وبالأَلف والتَّاء في المؤنث”.
و(الفَطُورُ): ما يُفْطَرُ عليه، وكذلك (الفَطُورِيُّ)، كأَنه منسوبٌ إليه. وفي الحديث: “إذا أَقبل اللَّيلُ وأَدبرَ النَّهارُ، فقد أَفْطَرَ الصَّاِئُم، أَي: دخل في وقت الفِطْر وحانَ له أَن
يُفْطِرَ”. وقيل: معناه أَنه قد صار في حكم المُفْطِرين، وإن لم يأْكلْ ولم يشربْ.
شَهْرُ الطَّاعَةِ والعبادَةِ والتَّكافُلِ
بقلم: د. إيمان بقاعي
على أنَّ شَهْرَ رمضانَ، أو شهرَ القُرْآنِ الكريمِ الذي فيهِ أُنزِلَ كِتابُ اللهِ هُدًى لِلعالَمين، لَيْسَ مَوْسِمَ صيامٍ فحسب؛ بَل هو شَهْرُ الطّاعَةِ والعبادةِ والصَّلاحِ، شهرُ التُّقى والخيرِ والإحسانِ والعَطِيَّةِ، وشهرُ المشارَكَةِ الذي تَطْمَئِنُّ القلوبُ به من خلالِ التَّوجُهِ بالرَّجاءِ والخيرِ إِلى مَن بيدِهِ الخيرُ ومَن بيدِهِ قبول الدُّعاءِ وقضاءِ الحاجةِ.
أعادَهُ الله على كلِّ المؤمنينَ بالخيرِ واليُمْنِ والبرَكَةِ والنَّماءِ والبَحبوحَةِ، في هذا الوطنِ الذي عانى مواطِنُهُ ويعاني، حتى لَيبدوَ الأُفْقُ بعيدًا عن الحلولِ لولا إيمانُنا باللهِ وقدرتِهِ على إنقاذِنا من براثِنِ كُلِّ مَن يخططُ لكسْرِ النّفوسِ، ولولا ثقَتُنا بالقَادرينَ على الإنْفَاقِ بمَدِّ يدِ العَوْنِ إلى مَنْ ساءَتْ ظروفُه- في هذا الشَّهرِ وفي كل الشُّهورِ- متَّبعين قولَهُ تعالى في سورةِ (البقرة) في الآيتين: 261 و262: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ* الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
صدقَ الله العظيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى