
يضم عدد أبريل 2025 من مجلة Live Encounters – لناشرها مارك يوليسيس – للشعر والكتابة العربية نخبة متميزة من الشعراءوالكتّاب والمفكرين العرب من مختلف أنحاء العالم العربي وخارجه. يجمع هذا العدد بين أصوات أدبية متنوعة، يساهم كل منها في إثراءالمشهد الثقافي والأدبي العربي المعاصر.
تحت عنوان “نهر النيل: شريان أدبي عبر الزمن“، قدمت الدكتورة سلوى جودة مقالة افتتاحية تستعرض فيها الدور المحوري لنهر النيل فيتشكيل الهوية الثقافية والأدبية لمصر عبر العصور. المقالة ليست مجرد تأمل في الطبيعة الجغرافية للنهر، بل هي استكشاف عميق للكيفيةالتي ألهم بها النيل الأدب والشعر والفن، ليصبح رمزًا حيًا للحضارة والتاريخ والروح الإنسانية.
تبدأ المقالة بتقديم صورة شخصية عن علاقة الكاتبة بالنيل، حيث تصفه بأنه ليس مجرد مجرى مائي، بل هو “حبل سري” يربط الأجيالبعضها ببعض، وحاملٌ لذاكرة الشعوب والمجتمعات التي نشأت على ضفافه. ومن خلال استعراض نصوص شعرية قديمة وحديثة، توضحالكاتبة كيف كان النيل ملهمًا للشعراء منذ فجر التاريخ، حيث تغنت به النصوص الفرعونية القديمة التي وصفته بأنه كيان إلهي، ورمز للوفرةوالعدل والتجدد.
ثم تنتقل المقالة إلى حقب تاريخية لاحقة، مثل العصر الإسلامي، حيث ظهر النيل في الأدب العربي بوصفه رمزًا للخير والعدل الإلهي، كمافي كتابات الجغرافيين والرحالة المسلمين مثل الإدريسي وابن بطوطة. وتعرض المقالة أيضًا تأثير النيل في الأدب الحديث، خاصة فيالعصر الرومانسي وعصر النهضة العربية في القرن التاسع عشر، حيث ارتبط النهر بقيم الاستقلال والهوية الوطنية في مواجهة الاستعمار،كما في أعمال إبراهيم ناجي وأحمد شوقي.
في القسم الأخير، تسلط الدكتورة سلوى جودة الضوء على الأثر الاجتماعي والسياسي للنيل في الأدب المصري بعد ثورة 1952، حيثأصبح النيل رمزًا للنضال الشعبي والتحولات الاجتماعية، وهو ما انعكس في قصائد شعراء مثل صلاح عبد الصبور، الذي رأى في فيضانهتجديدًا للأرض والإنسان.
ترجمة الشعر والنثر في الملف
إلى جانب المقالة الافتتاحية، قامت الدكتورة سلوى جودة بترجمة مجموعة مختارة من النصوص الشعرية والنثرية التي تعكس تجليات النيلفي الأدب العربي. تتنوع هذه النصوص بين قصائد كلاسيكية وحديثة، ونصوص نثرية تتناول التأملات الفلسفية والجمالية حول النهر. الملفيقدم تجربة فريدة في استكشاف النيل أدبيًا عبر اللغات والثقافات، حيث تتيح الترجمة للقارئ الأجنبي فرصة التفاعل مع الإرث الأدبيالعربي المتصل بالنيل، مما يعزز فهمًا أعمق للعلاقة بين الجغرافيا والهوية في الأدب العربي.
أهمية الملف في السياق الأدبي
يمثل هذا الملف مساهمة قيمة في الحوار الثقافي حول الأدب العربي وترجمته، حيث يسد فجوة بين الشرق والغرب من خلال تقديم رؤيةعربية عن النيل بعيون معاصرة. كما يعكس دور الدكتورة سلوى جودة في إعادة إنتاج النصوص العربية بلغة أدبية عالمية، ما يسهم فيتعزيز حضور الأدب العربي على الساحة الدولية.


من بين الأسماء البارزة في هذا العدد فوزية علوي علوي، ورشا عبادة، ومها العتوم، اللائي تعكس أعمالهن الأدبية حسًّا فنيًا عميقًا. كمايضم العدد إبداعات فارقة لكل من أحمد نبوي، والبهاء حسين، وعلي الحازمي، إلى جانب أقلام أسماء أدبية مرموقة مثل أشرف أبو اليزيد،وعزيز أزغاي ، وعصام خليفة، وحسن نجمي، وإبراهيم عبد المجيد. بالإضافة إلى ذلك، يثري العدد بمساهماته كل من مصطفى عبادةوشريف قنديل، مع لوحات المصممة إيما براون.
بفضل هذه الكوكبة الاستثنائية من الكتّاب، يقدم هذا العدد للقارئ مزيجًا فريدًا من الشعر والنثر والفكر النقدي، احتفاءً بالحراك الأدبيالعربي المتجدد في عام 2025.