
في قلب كراكاس، حيث تصبح الكلمة سيفًا وملاذًا في آنٍ واحد، ينطلق مهرجان فنزويلا العالمي التاسع عشر للشعر (14 – 20 يوليو) بوصفه فعلًا عميقًا من التضامن الشعري. ومع اختيار فلسطين كضيفة شرف هذا العام، يجتمع أكثر من واحد وعشرين شاعرًا من أربع قارات، يحمل كل منهم قصائد وُلدت من رحم الذاكرة، والتحدي، والحنان، والصدق. من أعماق الأمازون إلى ندوب الشتاء المتجمدة، تتقاطع هذه الأصوات لتؤكد أن الشعر لا يزال آخر حدود المقاومة في وجه الصمت والمحو.
فيما يلي، نعرض لمحات من أعمال هؤلاء الشعراء – قصائد لا تكتفي بالكلام، بل تحترق، وتتفتح، وتبكي في أعماقنا.
- يوري (فنزويلا)
“فقط الأفاعي تأتي للدفاع عنها…”
“ما يحمل السماء / هو البارود ولحم الموتى / من الرجال والنساء… / لِمَ نُلمّع الحجارة / إن كان الزئبق يلعق كل شيء…”
رؤية يوري المجزأة للأمازون صرخة ضد التدمير البيئي والبشري، تنضح بالحزن والنبؤة. - صالي بوبِه (النيجر)
“أُقبّل الجحيم يوميًا / تحت نظرة العدالة النهمة…”
ناشط وصوت بارز من إفريقيا، يواجه بوبِه العنف المؤسسي بشجاعة شعرية لا تهادن. - ماريا أليخاندرا (فنزويلا)
“الغروب هو أيضًا ذلك الوجه / الذي يموت في كل لحظة…”
بشاعرية تأملية، تصف ماريا ذوبان الروح في صمت المغيب، وتغزل من الحياة والفقد سكينة حزينة.
- غادة خليل (فلسطين)
“حين تمسكوا بأنقاض بيت قصفته الطائرات / ولم يرحلوا، قالوا: / كيف نترك قلبًا ينزف؟”
صوت غادة يقف وسط الخراب، شهادة حية على الصمود وسط الدمار. - هيكتور بادرون (فنزويلا)
شاعر ومنظّم للمهرجان، يؤكد أن هذا الحدث وعد شعبي: السلام عبر الشعر، يصل إلى الشباب والمسنين في الأحياء والمدارس والساحات. - علي العامري (الأردن – فلسطين)
“رأيت الفجر / يخرج من عبارة عربية: هذا هو وطني.”
يحفر علي الهوية من مجرى الذاكرة، ويعيد تشكيل الوطن عبر الصورة والصدى.
- ماريا لورا (أوروغواي)
“اليوم خبزت خبزًا، / وصنعت فطيرة تفاح… / لكن شيئًا ما في داخلي مضطرب.”
تحت سكون الحياة اليومية، تخفي أبيات ماريا رعب الصدمات الذي يطارد الأرواح بعد انطفاء العناوين. - ميليسا ساوما (بوليفيا)
تدعو الجميع إلى “الاحتفاء بالشعر، واحتضان بعضنا، والإصغاء”. صوتها يحمل روح اللقاء، ناعمًا ومضيئًا. - ليبسلاي بيرموديز (فنزويلا)
“الشعر هو صوت الذاكرة والروح…”
تكرّم ليبسلاي فلسطين، وتعلن أن الشعر هو احتجاج وصلاة معًا.
- ماركوس هيديغر (سويسرا)
“في مرآة الحمام… / نظرة، نظرتها… / أمي، صامتة في طرف الطاولة.”
ذكرى حزينة، حيث يذوب الزمن في انعكاس المرآة – حنان سينمائي يشبع أبيات ماركوس. - شاري غوميتا (المكسيك)
محتفية حيوية بأخوة أمريكا اللاتينية، تصل شاري محمّلة بالفرح والعزم لرفع راية الشعر من أجل فلسطين. - سوخنا بنغا (السنغال)
“فلننهِ معابر الحدود إلى الأبد…”
قصيدتها تصرخ من المتاريس وأحياء النسيان، تطالب بهدم الجدران – الحرفية والرمزية.
- ألكسندرا كريتّيه (غويانا الفرنسية)
“هل قلبي / ثمرة مرة / أم حفرة من الهجران؟”
بضعف إنساني لاذع، تعطي ألكسندرا صوتًا للأطفال الضائعين، للحزن الذي يلتصق كالملح على ريح المصب. - أمينور رحمن (بنغلاديش)
رسول من جنوب آسيا، يدعو الجميع إلى هذا العناق العابر للقارات حيث “يقف الشعر في وجه النسيان”. - رودولفو هسلر (كوبا/إسبانيا)
“أردنا أن نكون مطرقة / لكننا أصبحنا ليلًا / على ظهر القلب…”
يفضح شعر رودولفو عجز الغضب حين تُصاب اللغة نفسها بالجراح. - مراد السوداني (فلسطين)
“أنا وشم الندبة / على حجر الماء.”
رئيس وفد فلسطين، يجلب مراد بجسده تاريخًا حيًا وكرامة شعرية لجراح أمة بأكملها.
- شيرلي فيّلابا (باراغواي)
“الليل ينبح اسمي / ككلب فقد صاحبه…”
عواء الغياب، تنحفر أبيات شيرلي تحت الجلد وتحرك شيئًا قديمًا ومؤلمًا. - ميمو أكونيا (كوستاريكا)
شاعر وسوسيولوجي ومدافع عن العدالة، يدعونا إلى “مكان البقاء، حيث يقيم الشعر دائمًا”. - خالد الريسوني (المغرب)
“الكلمة سرّ إله / والبياض عري أبدي…”
بآيات متوهجة ومتاهية، يستكشف خالد المنفى، وصمت الإله، والغياب الذي يصوغ كينونتنا.
- هوو فييت (فيتنام)
“كان هناك ثقب… / دائمًا فوق قلبي.”
من أعماق الذاكرة الفيتنامية، تأتي قصيدة “وشاح الشتاء” لـ هوو فييت كألم ناعم ملفوف في صوف الزمن. - كاو شُوي (الصين)
شاعر رائد في الأدب الصيني المعاصر، يشتهر كاو شُوي بحركة “الشعر العظيم” التي أطلقها، وهي تيار يجمع بين التقاليد الشرقية والغربية لصياغة رؤية شعرية عالمية. تتداخل في أعماله الأسطورة والتصوف والرمزية السياسية، ليجعل من الشعر جسرًا بين الحضارات. وفي مهرجان فنزويلا، يجلب كاو شُوي روح طريق الحرير إلى مفترق جديد من المقاومة والتلاقي.