أحداثجاليري

الديك والخيال: التراث يقاوم من بيت السحيمي

في ثالث أيام الدورة الرابعة لمهرجان الأراجوز المصري، تحوّل بيت السحيمي إلى ملتقى حيوي للتراث والمقاومة، حيث احتشد عشّاق الفنون الشعبية في رحابه لمتابعة ندوة فكرية وعروض مسرحية مزجت بين عبق الماضي وروح الحاضر.

افتُتحت الفعاليات بندوة ملهمة بعنوان “التراث: تجارب مُلهمة”، ناقشت بعمق سُبل تحويل الموروث الشعبي إلى طاقة تنموية واقتصادية فاعلة. تحدث فيها الدكتور محمد مندور، المستشار الثقافي الأسبق، مستعرضًا نماذج مصرية رائدة في هذا المضمار:

  • الفنان ويصا واصف، الذي أعاد إحياء فن النسيج عبر إبداع الأطفال في مركز الحرانية.

  • المعماري أسعد نديم، صاحب مشروع رائد في توثيق التراث المعماري والمأثورات الشعبية.

  • الفنانة شهيرة محرز، التي أعادت الاعتبار للأزياء التقليدية برؤية عصرية.

  • والمصممة العالمية عزة فهمي، التي حملت الرموز التراثية إلى واجهات المجوهرات العالمية، دون أن تتنازل عن الهوية.

كما سلّط الدكتور عاطف نوار الضوء على مفهوم “الاقتصاد البرتقالي”، مؤكدًا أن الفولكلور التطبيقي يمكن أن يكون أداة فعالة في التنمية المستدامة، إذا أُحسن توظيفه واحتضنه جيل جديد من المبدعين.

د. نبيل بهجت

وحظيت تجربة فرقة ومضة لفنون الأراجوز وخيال الظل، التي أسسها د. نبيل بهجت، بإشادة خاصة، بوصفها نموذجًا حيًا لكيفية إنقاذ فن شعبي مهدّد بالاندثار، وتحويله إلى مشروع ثقافي متكامل يجمع بين العرض والتعليم والحفاظ على الهوية.

عقب الندوة، امتلأ فناء بيت السحيمي بصدى الدمى والأصوات المسرحية، حيث عُرضت مسرحية “الديك الهادر الغادر”، من تأليف الكاتب الفلسطيني غنام غنام، وإخراج د. بهجت، وفيها يتجسد المستعمر في هيئة ديك ماكر، يخدع أهل الحارة ويستغل طيبتهم، في إسقاط رمزي ساخر على واقع الاستغلال والاستلاب.

أما المسرحية الثانية “على الأبواب”، فقدّمت تحذيرًا بليغًا من الأعداء المتربصين خلف أبواب الأمة، داعيةً إلى اليقظة والتوحد، عبر أداء متقن لأبطال العمل: علي أبوزيد سليمان، مصطفى الصباغ، محمود سيد حنفي، وصابر شيكو لاعب الأراجوز.

في نهاية اليوم، بدا واضحًا أن التراث الشعبي حين يُروى بوعي ويُقدَّم بروح معاصرة، يصبح أكثر من فن: إنه خطاب يقظة، ونداء مقاومة، ومرآة للذات الجماعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى