مسرحية ست شخصيات تبحث عن مؤلف هي عمل أيقوني للكاتب الإيطالي لويجي بيرانديللو، وتُعَدّ إحدى علامات المسرح الحديث. تبدأ أحداثها عندما تقاطع ست شخصيات غامضة بروفات فرقة مسرحية، معلنة أنهم ليسوا ممثلين أو ممثلات، بل شخصيات أدبية غير مكتملة، لم تُروَ قصتها بعد. يطالبون المخرج بأن يكتب مصيرهم ويمنحهم حياة فنية. تتأرجح المسرحية بين الواقع والخيال، المسرح وما وراء المسرح، كاشفة الحدود الهشة بين الممثل والشخصية، الحقيقة والوهم. وعندما عُرضت لأول مرة عام 1921، أثارت صدمة وجدلًا واسعًا، لكنها سرعان ما أصبحت علامة فارقة في التجريب المسرحي، مثيرة أسئلة وجودية حول هوية الإنسان ودور الفن في إعادة تشكيل العالم.
هذه المسرحية، بعنوانها المثير، خطرت في بالي وأنا أتهيأ للقاء إبداعي مع ستة مؤلفين من الهند، والصين، وروسيا، وأذربيجان، نيجيريا، وتايوان. والفرق أنهم لا يبحثون عن مؤلف، فهم مؤلفون مرموقون، لكل واحد منهم سيرة عطرة وثرية، وإنما يبحثون عن مترجم يتحدث باسمهم في فضاء اللغة العربية. كنت دليلهم: التقيت ببعضهم في الحياة الواقعية، وجمعني بالبعض الآخر فضاء الإنترنت الفسيح. لكننا جميعًا جمعتنا الحروف بين دفتي كتاب!
ست شخصيات تجد مترجمها
استضافت سلسلة “إبداعات طريق الحرير” لقاءها الإبداعي ثلاث قارات يوم الأربعاء 3 سبتمبر 2025. وفي لقاء افتراضي استمر ساعة، قدّم ستة مؤلفين من ثلاث قارات أعمالهم التي تولّيتُ ترجمتها إلى العربية. وكان هؤلاء الكتّاب المبدعين: هيمانت ديفاتي (الهند)، تشاو شُوي (الصين)، مياو-يي تُو (تايوان)، إيستر أديلانا (نيجيريا)، إينّا ناتشاروفا (روسيا)، وميخوش عبد الله (أذربيجان).
بدأ اللقاء الإبداعي مع هيمانت ديفاتي (الهند)، مؤلف ديوان فضاء رتيب يبعث على الكآبة، وهو أول كتاب نشرته سلسلة أدب طريق الحرير منذ انطلاقها في القاهرة عام 2016. هيمانت ديفاتي شاعر ماراثي(نسبة للغته)، ومحرر، وناشر، ومترجم، ومدير مهرجانات شعرية. لاحقًا، في مومباي، احتفلنا بترجمة هذا العمل.
الكتاب المترجم بين يدي، مهرجان مومباي الدولي للشعر
ديفاتي هو مؤلف ثمانية دواوين شعرية باللغة الماراثية. أحدث أعماله بارانويا، الذي نال جائزة “كافي كيشافسوت” من حكومة ولاية مهاراشترا. وقد تُرجمت قصائده إلى أكثر من 36 لغة عالمية. وله كتب مترجمة إلى الإسبانية، الأيرلندية، العربية، الألمانية، الإستونية، والكانادا، فضلًا عن خمسة كتب بالإنجليزية. كما ظهرت قصائده في العديد من المختارات الشعرية بالماراثية، والإنجليزية، والسلوفينية.
أسّس هيمانت وأدار المجلة الأدبية الماراثية أبهدها نانتر، التي منحت منصة متينة للشعراء الجدد وأسهمت في إثراء المشهد الأدبي الماراثي بعد التسعينيات. ويُنسب إليه تغيير المشهد الأدبي الماراثي من خلال أبهدها نانتر، وكذلك المشهد الشعري بالإنجليزية الهندية عبر بصمته بويتريوالا.
شارك ديفاتي في العديد من المهرجانات الشعرية والأدبية الدولية حول العالم. وأصدرَت دار نشره Paperwall Publishing تحت بصمة Poetrywala أكثر من 200 ديوان شعري. كما أسس وأدار مهرجان مومباي للشعر. ويقيم هيمانت حاليًا في مومباي.
خلال اللقاء، كانت هناك جولتان لقراءات شعرية من قصائد ديفاتي: ألقاها بلغته الأم (الماراثية)، فيما قرأتها بالعربية، وألقاها صديقنا المعماري والشاعر والمترجم مستنصر دالفي بالإنجليزية.
يتوجه هيمانت ديفاتي إلى اللحظات المنسية ويجبرها على الكلام، لتصبح، بعد التأمل، أكثر لحظات الحياة جوهرية—في حلاوتها ومرارتها، في نقائها وقذارتها، في سموّها ودنوّها. وهكذا تغمرنا القصيدة في رحلة مع الشاعر، الذي اعترف لي يومًا بأن هذا الديوان كان الأصعب بالنسبة له. لكنني لم أعترف له بأنه أيضًا الأكثر حميمية مع الآخر، فالعولمة—التي باغتت الهند بعد انفتاحها المتأخر نسبيًا—هزّت العالم، وهزّتنا نحن أيضًا. ما يتحدث عنه أصبح مفهومًا لنا: قد تختلف الأسماء، لكن المعاناة واحدة.
Modern poems from India, by HEMANT DIVATE, for the first time in Arabic, his volume; A Depressingly Monotonous Landscape, that I enjoyed translating it, to be published in a totally new line entitled the Silk Road Literature, Al-Mashareq Publishing House
قصائد هِمانت ديفاتي تبدو وكأنها مراثٍ؛ مراثٍ لتاريخ اندثر، لأحلام تحطّمت، ولصور ذهنية تشوّهت، خصوصًا منذ حقبة ما بعد استقلال الهند قبل أكثر من سبعين عامًا. ففي العقود الأخيرة فقد كل شيء معناه، حتى حكايات الطفولة التي كانت تلوّن الأمسيات في غياب الكتب. واليوم، رغم جبال الكتب، فقد تلاشت.
إن العلامات التجارية هي الأثر الأوضح للعولمة التي تلتهم كل شيء، تمامًا كما التهمت نجومية أميتاب باتشان في إعلان لحساء رأيته يومًا وسط صخب مومباي. لقد تسلّلت العولمة إلى أكثر المشاهد إخلاصًا في المعابد، وهيمنت على أخصّ اللحظات في البيوت، وسيطرت على أبسط المشاهد في الأسواق.
لقد سقط كل شيء تحت سطوة العلامات التجارية، حتى بدا الإنسان نفسه وكأنه لم يعد سوى سلعة محكمة الإغلاق في علبة معدنية موضوعة على رفوف كوكب الأرض، تحمل شعارًا تسويقيًا، وبطاقة سعر، وطريقة حياة مفروضة.
سألت نفسي: هل يقتصر هذا على الهند وحدها؟ هل أراه فقط في مومباي؟ أم أنّ المدن التاريخية كلها قد غدت فريسة مشوّهة لوحش العولمة؟
كما ألقى الشاعر قصيدته “الفراشات”:
“بينما كنت أتجوّل في حديقة المجمع السكني الذي أقطنه، ومن دون مناسبة، قلت لصديق: أتدري؟ في هذه الأيام لم نعد نرى تلك الفراشات الصغيرة، الصفراء الشائعة. فأجابني بلا اكتراث: لقد توقّف إنتاج ذلك النوع!”
تواصلت الأمسية مع تشاو شوي (الصين) ومشروعه الضخم “ملحمة أوراسيا”، وهو مشروع أدبي طموح من المقرر أن تنشره العام المقبل دار الناشر – القاهرة، التي أسسها الشاعر المصري مجدي أبو الخير.
يُعد تشاو شوي شاعرًا وروائيًا وكاتب سيناريو ومترجمًا، وأحد أبرز الأصوات في الأدب الصيني المعاصر. لقبه الأدبي ياو (الأوراسي)، وكنيته الإبداعية سيد برج بابل. وهو مؤسس حركة الشعر العظيم التي تسعى إلى وصل المقدّس بالدنيوي، والشرق بالغرب، والقديم بالحديث. أصدر أكثر من 46 كتابًا، من بينها ملحمة أوراسيا، وثلاثية سرّ السماء، والطاووس الملك. تُرجمت أعماله إلى 26 لغة، وتستشرف إنسانية حرّة. يعيش في بكين حيث يشغل منصب رئيس تحرير مجلة القصيدة العظمى، ونائب رئيس تحرير مجلة شعر العالم.
Photo and video by Cao Shui
قال تشاو شوي في كلمة بعنوان “أوراسيا، مهد الحضارات السبع الكبرى للبشرية”:
“منذ نحو 100000 عام، وصل الإنسان العاقل من إفريقيا إلى بلاد الرافدين، وانطلق شرقًا وغربًا من هنا، من بابل شرقًا إلى فارس والهند والصين، وغربًا إلى كنعان ومصر واليونان، فشكّل المراكز السبعة للحضارة. إن أوراسيا هي مهد الحضارة الإنسانية. لقد نشأ البشر من مكان واحد، وسيتجهون حتمًا إلى المكان نفسه. وهذا هو الموضوع الذي أريد أن أكتبه في ملحمتي عن القارة الأوراسية.
في التاريخ، كان لكل أمة ملحمتها القومية، أشهرها ملحمة جلجامش، وملحمة هوميروس، وملحمة الهند، وهو العصر الأول للملحمة. لاحقًا بدأ الأدباء في محاكاة الملاحم، مثل الإنيادة لفرجيل، والكوميديا الإلهية لدانتي، والفردوس المفقود لميلتون، وكتاب الملوك للفردوسي. نحن الآن في عصر الملحمة الثالثة، عصر “الشعر العظيم”.
إذن، في عصرنا الراهن، عصر الشعر الحر الخالي من الغموض والإيقاع، في أي حالة يمكن أن توجد «الملحمة الثالثة» أو «القصيدة العظمى»؟ أعتقد أنها لا يمكن أن تكون إلا تأملًا داخليًا لبناء شكل العالم، وغنائية خارجية لحفظ جوهر الشعر، وهو أيضًا الطابع الرئيس لملحمة القارة الأوراسية. ففي مواجهة عالمنا المعولم، ينبغي لنا أن ندمج الثقافات المقدسة والدنيوية، القديمة والحديثة، الشرقية والغربية، لنستخلص عناصر من حضارات مختلفة لبناء عالم رمزي جديد.
لقد تأسست حركة الشعر العظيم بدمج تيارات التطور الأدبي الصيني والدولي. ففي عام 2007، حين كنت في الرابعة والعشرين، كتبتُ «بيان الشعر العظيم»، الذي عرض بشكل منهجي ملامح السعي الأدبي. ونحن نعلم أن الشاعر الألماني الكبير غوته اقترح مفهوم «الأدب العالمي» عام 1827، لكنه ظل يتطور في إطار الأمة الواحدة أو اللغة الواحدة. أما حركة الشعر العالمية التي أطلقها فرناندو ريندون عام 2011، فهي قوة ثورية أدبية جديدة. وقد تجاوزت حركة الشعر العظيم حدود الدول وأصبحت تيارًا عالميًا، إذ ينتشر شعراء نالوا «وسام الشعر العظيم» في آسيا وأوروبا وإفريقيا والأميركتين.
وهذه المرة، أقام الشاعر المصري البارز أشرف أبو اليزيد لقاء «سلسلة إبداعات طريق الحرير – اللقاء الإبداعي للقارات الثلاث»، ليكون رمزًا لواقع الكوكب المثالي المشترك للإنسانية. وقد ترجم أشرف أيضًا ملحمتي عن أوراسيا إلى العربية، وإنني أعتز بانضمامي إلى سلسلة إبداعات طريق الحرير. وقد تُرجمت هذه الملحمة إلى الإيطالية على يد الشاعر الإيطالي الشهير لامبرتو غارسيا، وإلى الإنجليزية على يد الشاعر الأميركي جورج والاس، وكلا الإصدارين سيُنشر هذا العام. وهناك خطط لترجمتها كذلك إلى الإسبانية والروسية والفرنسية. نحن جميعًا نعرف استعارة برج بابل: فإذا تحدّث البشر لغة واحدة، فسيُبنى البرج. إن الترجمة قادرة إلى حد كبير على تشييد برج بابل مشترك للإنسانية.
ممثلة تايوان، شاركت الشاعرة والفنانة مياو-يي تو بقصيدتها “هُنَّ بنات سِّرايا، باللغتين الإنجليزية والتايوانية. وقد قُدِّم هذا الديوان مترجمًا إلى العربية، كما عُرض في مهرجان كاوهسيونغ العالمي للشعر 2023 في تايوان.
مياو-يي تو كاتبة وشاعرة ورسّامة. تحمل إجازة في الأدب من جامعة تشونغ-هسينغ الوطنية في تايتشونغ (تايوان)، وماجستير من جامعة دارما ريلم البوذية في كاليفورنيا (الولايات المتحدة). نشرت مقالات مثل: الأرض ما تزال هي الجنّة، ودواوين شعرية مثل: الحنين، الانخطاف القائم، والشبح الأسود، وأفلامًا وثائقية مثل: روبي الساكورا والخفاش الذهبي.
تنحدر الكاتبة من شعب السِّرايا، وهم سكان أصليون في تايوان. وهي ناشطة بيئية بارزة ناضلت لحماية محمية جبل تاكاو الطبيعية في كاوهسيونغ، تايوان. وقد كرّست أكثر من ثلاثة عقود من حياتها لدراسة ثقافة شعبها، في بحث واعٍ عن ذاتها عبر معرفة جذورها.
مياو وأشرف، مهرجان كاوسيونج الدولي للشعر، 2023
في سردها، يلتقي القارئ بأرواح وكائنات أسطورية أسلافية، تكشف له تاريخ أرضها، في مزيج بين الأسطورة والواقع.
وباللغتين التايوانية والإنجليزية، قرأت مياو قصيدتها التي تحمل عنوان الديوان نفسه: “هُنَّ بنات سِّرايا”.
هُنَّ بناتُ سِّرايا / لا يَدرِين / عيونُهُنَّ جوفاء / حتّى إذا التقينَ أرواحَ الأسلافِ تحت شجرةِ المرجان / لا يستطعنَ التحاورَ فيما بينهُنّ / الجدّةُ الكبرى لا تتكلّمُ إلا لغةَ السِّرايا / أمّا هُنَّ فيتكلّمن اليابانيةَ، التايوانيةَ، الصينيةَ، الإنجليزيةَ / لكن لا يستطعنَ البتّةَ الكلامَ بلغةِ سِّرايا / يحدّقنَ في بعضهنّ / ولا يتحاورنَ / عاشت الجدّةُ الكبرى في عصرٍ كانت فيه قطعانُ الغزلان تجري حرّةً / كانت تحبّ الغناءَ ورعيَ الغنم على التلال / اعتادت أن تضعَ الأزهارَ على رأسها / كانت تغرسُ البطاطا في الحقول / أنجبت وربّت أبناءَها وبناتها في أكواخٍ من القش / وماتت في غابةٍ موحشةٍ خاليةٍ من قطعانِ الغزلان / قبرُها صار اليومَ بناءً فخمًا عظيمًا / الفتاةُ التي كانت ترعى الغنم لم تَعُد تُغنّي بعد موتها / لم يَعُد أحدٌ يفهمُ أغنيتَها / حتى أحفادُها لا يفهمونها / ابنةُ السِّرايا التي فقدت لغتَها / ترقصُ رقصاتِ المستعمِرين في الساحة / وتشربُ الخمرَ بجهلٍ.
كما قرأتُ قصيدةً بالعربية، وعرضتُ بعض اللوحات التي رسمتها الكاتبة لترافق كلماتها الشعرية.
ثم انتقلت الكلمة إلى إيستير أديلانا (نيجيريا) التي قدّمت مسرحيتها ذات الفصول السبعة إيبالي: الجرة المكسورة، وهي استكشافٌ قويّ للهوية ومقاومة للتميز بين الجنسين.
وقد سألتني الصحفية الفنية تشينيلو تشيكيلو من صحيفة ليدرشيب النيجيرية عن مسرحية إستير إيبالي: “هل تعتقد أنها بدت قريبة من القرّاء العرب والغربيين على حدّ سواء؟” فأجبت: “لقد أدهشني أن بعض تفاصيل عادات الزواج عند اليوروبا تكاد تتطابق مع التقاليد الريفية في مصر، مثل إعلان عذرية العروس أمام الملأ والإشهار العلني لاكتمال الزواج. والأكثر إثارة هو حضور الأسطورة في هذه الطقوس، بما يتجاوز اللغة والحدود الثقافية. هذا التشابه يبرهن على صدى محلّي قوي في مصر مع نص مسرحي أفريقي من نيجيريا.”
وبالعربية، قرأت مقدمة الكتاب التي كتبتها البروفيسورة ماريا أجيما، أستاذة الأدب في جامعة ولاية بينو، ماكوردي:
“إيبالي مسرحية مُنعشة في سبعة فصول وعدّة مشاهد، تجري أحداثها في مجتمعين تقليديين من اليوروبا هما إيلووبي وإيلوكورو. مليئة بالتحولات والمفاجآت، وبامتزاج الآلهة بالشخصيات البشرية. أديولا، فتاة مراهقة حسنة الخلق، نشأت متشبّعة بتقاليد شعبها وتؤمن بمصيرها كعروسٍ لأمير من المجتمع المجاور إيلووبي، كما نطق بذلك وحي العائلة: وحي الإيفا. وفي الوقت نفسه، يُعجب بها صديق طفولتها أديو الذي يحبّها بشدّة ويريد الزواج منها. وعندما يصل الأمير أدييمي من إيلووبي ليأخذ عروسه، تكون الكارثة قد وقعت: أديولا تعرّضت للاغتصاب على يد أديو. والعقوبة لعدم العذرية عند الزواج هي الرجم حتى الموت بتهمة الفجور، أو إعلانها «جرة مكسورة» وإعادتها إلى أبيها الذي يُعيد بدوره مهر العروس. علاوة على ذلك، لا يتزوّج من هو من سلالة ملكية «جرة مكسورة»، ومن يخالف التقاليد يجلب لعنةً على الأرض. ومع ذلك، فإن أدييمي، لأنه يحبّ أديولا، يتحدى التقاليد ويحاول حمايتها. ومع تطوّر الأحداث، تتكشّف دسائس بشرية، وأسرار قديمة، وصفقات ماكرة، ومؤامرات سياسية.”
وقد لاقى الاحتفاء بكتاب إيستر أدي لانا صداه، إذ هنّأ فرع جمعية الكتّاب النيجيريين في أبوجا الكاتبة على صدور عملها البارز إيبالي باللغة العربية في القاهرة، مصر. وكتب المهندس المعماري شوكوودي إيزه رئيس الفرع:
“نحتفي بدفعك نحو التميّز، وأنت تحطّمين الحدود وتفتحين آفاقًا جديدة في الدراسات الأدبية. إنكِ تجسّدين جوهر هذه القيادة بما تصعدين إليه من قمم جديدة. مباركٌ لكِ مجدّدًا، ونحن بانتظار الخبر الكبير التالي.”
كما قدّم اللقاء الكاتب ميخوش عبد الله (أذربيجان) ومجموعته القصصية الآسرة الطابق السادس، التي تُقدّم لوحات حادّة وحيوية عن الحياة الحديثة.
وُلِد ميخوش عبد الله في 2 فبراير 1962 في قرية خليل أباد، منطقة جليل أباد في أذربيجان. وهو اقتصاديّ المهنة، عمل طويلًا في الكتابة. وهو عضو في اتحاد كتّاب أذربيجان منذ عام 2002، وحائز على «جائزة الرئيس». ألّف كتبًا منها: الدكتور غازنفر، الأرواح القلقة، ألاغوز، ضحك الشيطان، صيد الأناكوندا، عصر قيز، والمرأة التي طرقت الباب ليلًا. وقد تُرجمت أعماله إلى الروسية والتركية والعربية والفارسية والقرغيزية والمولدوفية والتترية والتركمانية. وقد قُدّم جزء من قصته (الطابق السادس) بالعربية والأذربيجانية.
في القصة، تموت الأم، ويشتاق إليها ابنها. وعندما يقرر الأب مغادرة البلدة إلى العاصمة باكو، يقرر الصبي الصغير أن يكتب رسالة إلى أمه، لأنه سيشتاق إليها. بدافع الفضول، يقرأ الأب الرسالة، ويكتشف أن الابن كتب العنوان الجديد للمنزل بتفاصيل كاملة، حتى تتمكن الأم من زيارته كما اعتادت في أحلامه. لكن الأب يضيف سطرًا ناقصًا إلى العنوان: الطابق السادس.
من روسيا، قدّمت إينا ناتشاروفا عملها “أنا كليوباترا”، وهو فانتازيا تاريخية ـ أدبية غنية بالخيال، مزيّنة برسومها المصغّرة الخاصة لكليوباترا. وبسبب مشاكل تقنية، جرى التواصل عبر مكالمة واتساب، حيث عرض المضيف أيضًا اللوحات المصغّرة التي رسمتها المؤلفة لكليوباترا.
وُلدت إينا فلاديميروفنا ناتشاروفا في مدينة أوفا سنة 1966. عملت طويلًا في الهيئات التنفيذية والتشريعية. وهي تكتب الكتب منذ خمسةٍ وعشرين عامًا. تُرجم العديد من أعمالها إلى البلغارية والصربية، ونُشرت في الصحافة الروسية والأوروبية والأمريكية. وهي حائزة على جائزة الأورال «الجناح الأبيض» والجائزة الأدبية الروسية العامة «اللوح الأبيض». كما حصلت على دبلوم في فئة «التمكّن» في المسابقة الدولية الثالثة في دوسلدورف (ألمانيا). وفي الفولكلوريادا العالمية عام 2021، قدّم وزير ثقافة جمهورية باشكورتوستان كتابها «ديڤا» إلى المخرج الشهير أمير كوستوريكا.
كانت «رئيسة» حملة «الإملاء الشامل» عام 2018 في أحد مقارها، والنجمة الرئيسية لمعرض الكتاب «كتاب-بايرام» عام 2024. حصلت على دبلوم وشارة تذكارية من «روسوترودنيتشيستفو» في بلغاريا تقديرًا لمساهمتها في حفظ الأدب الروسي ودورها في «الأدب كوسيلة دبلوماسية» (2019). كما مُنحت وسام جائزة «أبطال النصر العظيم» الأدبية السنوية (2020). وتحمل دبلوم رابطة الكومنولث الدولية للدبلوماسية الشعبية تقديرًا لإسهامها الكبير في تطوير الأدب وتعزيز الروابط الإبداعية الدولية (كازاخستان، 2022). وهي الفائزة بمسابقة القصة القصيرة الدولية لجائزة إذاعة «غوميل بلس» (بيلاروس، 2022).
أسست المشروع الإبداعي الخيري الدولي “أهدِ العالم حكاية”، الذي صدر ضمنه عدد من كتب الأطفال مرفقة برسوم لفنانين مشهورين من روسيا وبلغاريا وإستونيا. وهي عضو في اتحادي كتّاب صربيا وروسيا (SKOR)، ومنذ عام 2011 تتولى رئاسة الجمعية الدولية للكتّاب “سودروژستفو”.
من كتابها: “أنا كليوباترا ـ الملكة الإلهية لمصر. حين سقط قيصر مضرجًا بالطعان، استبدّ بي الحزن، لكن سرعان ما احترق الأسى نارًا من الغضب. إذ كيف يغفلني قيصر في وصيته… ويغفل ابننا بطليموس قيصر؟ كل سلطانه، كل ممالكه، أورثها لابن أخيه البارد القلب أوكتافيان. وهكذا اندلعت عاصفة الحرب الأهلية، ووجدتُ نفسي، أنا كليوباترا، على حافة السكين. كلا الفريقين ناشدني دعمه ورعايتي، ولكن كيف أختار؟ فلو وقفت مع المهزومين، لكان ذلك جالبًا لمصر سخط المنتصر، وظل روما سيخيّم إلى الأبد على عرشي. فقررت أن أتصرف سريعًا. فالجحافل التي تركها قيصر وراءه خناجر مسلّطة إلى صدري، يمكن أن تنقلب عليّ في أي لحظة. لذا أبعدتهم، وأرسلتهم إلى القتال ضد دولابيلا، القيصري المزعوم. كان صهر ذلك الأفعى شيشرون، الذي كرهته، وكان من أولئك الذين لبسوا ألوان قيصر ثم خانوه إلى موت وحشي. وأنا، كليوباترا، تهللتُ حين خانت تلك الجحافل، التي كانت يومًا لقيصر، دولابيلا، وانضمت إلى صف عدوه. ففي خيانتهم ذقت طعم الانتصار، وفي انشقاقهم رأيت روما نفسها ترتجف.“
إن هذه الأصوات مجتمعة تؤكد رسالة سلسلة «إبداعات طريق الحرير» في مدّ الجسور بين الثقافات عبر الترجمة والإبداع المشترك، حيث وجد المؤلفون الستة مترجمهم!