حكاية مصر الجديدة: حين تتحول المدينة إلى نص حي


صدر حديثًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ضمن سلسلة “ذاكرة الكتابة”، الكتاب الجديد للأديب فؤاد مرسي بعنوان “حكاية مصر الجديدة”، الذي يأخذ القارئ في رحلة سردية ممتعة تجمع بين التوثيق الأدبي والتأمل الثقافي والاجتماعي.
يأتي الكتاب كنافذة على واحدة من أكثر ضواحي القاهرة تميزًا، حيث يقدّم الكاتب بانوراما غنية لمدينة مصر الجديدة، منذ نشأتها وتطورها العمراني والمعماري، مرورًا بثرائها الثقافي والاجتماعي، وصولًا إلى حاضرها الذي لا يزال يحتفظ بجاذبيته الخاصة رغم تقلبات الزمن.
يمزج فؤاد مرسي في سرده بين الدقة التوثيقية والحس الإبداعي؛ فيرصد ملامح المكان بما يحمله من شوارع وساحات وعمارة فريدة، ويضيء على حكايات الناس الذين شكّلوا ذاكرة الحي وصاغوا روحه. ولعل ما يميز الكتاب هو قدرته على الجمع بين العمق التاريخي والبعد الإنساني، ليجعل من “مصر الجديدة” أكثر من مجرد حي؛ إنها كيان نابض بالحياة يختزن طبقات من الذاكرة الوطنية والثقافية.

كما يقدّم المؤلف قراءة متأنية في العناصر المعمارية التي منحت مصر الجديدة شخصيتها المميزة، رابطًا بينها وبين فلسفة المكان في الحفاظ على التناغم بين الأصالة والحداثة. وفي الوقت ذاته، يطرح الكتاب تساؤلات حول مستقبل هذا الحي، وكيفية صون ملامحه وسط زحف التغيرات العمرانية والاجتماعية.
“حكاية مصر الجديدة” ليس مجرد كتاب في التاريخ أو العمارة أو الجغرافيا، بل هو عمل أدبي توثيقي يعيد تعريف العلاقة بين الإنسان والمكان، ويذكّر القارئ بأن المدن العريقة تحمل في جدرانها وأزقتها قصصًا لا تنتهي، وأن الذاكرة الجمعية لا تكتمل إلا حين نقرأها في وجوه الشوارع كما في كتب الأدباء.