أدبرحلاتشخصيات

التجربة الشعرية عند أشرف أبو اليزيد في مجلة كاليكوت الهندية

مقال بقلم عالم البحث عبد الناظر كى بي، نشر تحت إشراف: د/ ح. محبوب علي خان، أستاذ مساعد ، قسم اللغة العربية، كلية جمال محمد ،تيروتشيرابالي، تاميلناد، الهند في العدد الأحدث من مجلة (كاليكوت)

 

  • أشرف الدالي (أشرف أبو اليزيد)

أشرف الدالي (أشرف أبو اليزيد) شاعر وروائي وصحفي من مصري. ولد في بنها بمصر في 13 مارس 1963. وهو الأمين العام لمؤتمر الصحفيين الأفارقة، والرئس السابق لجمعية الصحفيين الآسيويين (2016-2024). فاز أشرف دالي بجائزة مانهاي في الأدب عام 2014. منذ عام 1989، عندما صدر ديوانه الشعري الأول، حرص أشرف أبو اليزيد (أشرف دالي) على تقديم نفسه كرجل الكلمة. حصل على جائزة الصحافة العربية في الثقافة لعام 2015، التي يمنحها نادي دبي للصحافة بدولة الإمارات العربية المتحدة، عن عمله المنشور في مجلة العربي، فن المنمنمات في الأدب والتاريخ والأسطورة.

تُرجمت بعض أعماله الأدبية إلى الإسبانية والكورية والتركية والإنجليزية والفارسية. كما تُرجمت قصائد مختارة إلى الروسية والإيطالية. وقد نشر رحلاته إلى أكثر من 33 دولة في مجلة العربي، ودوريات ثقافية أخرى.شارك في المؤتمرات الثقافية الدولية التي عقدت في مصر وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا وروسيا وكوستاريكا وسوريا واليمن والإمارات العربية المتحدة والكويت والمغرب والمملكة العربية السعودية وعمان وجمهورية كوريا وغيرها.

قدم بعض الشخصيات الأدبية من كوريا الجنوبية وروسيا والهند للقراء العرب، وكانت آخر ترجماته مجلدين من الشعر الكوري؛ “ألف حياة وحياة، مختارات من القصائد المختارة” للشاعر الكوري كو أون ، و”قديس يحلق بعيدا”، قصائد مترجمة” للشاعر الكوري تشو أوه-هيون. في مارس 2009، قام بكتابة مغامرات أسبوعية لتعريف الأطفال العرب بمدن وحضارات طريق الحرير الآسيوي على مدى 4 سنوات.

مساهماته الغالية  في مختلف الأنواع الأدبية، بما في ذلك الشعر والرواية والنقد والترجمة. ولد في القاهرة، وبدأ رحلته الأدبية بمجموعات شعرية مثل “همسات البحر” (1989) و”الأصداف” (1996)، التي أظهرت أسلوبه الشعري المؤثر. رواياته، بما في ذلك “شموس” (2008) و”الحديقة الخلفية” (2011)، تعكس قدرته على حبك القصص المعقدة ببراعة. بالإضافة إلى الأدب والشعر، كتب أبو اليزيد أعمالاً نقدية وسير ذاتية، مثل “سيرة اللون” (2003)، التي تتناول النقد الفني، و”مذكرات المسافر” (2004)، التي توثق رحلات الشيخ مصطفى عبد الرازق إلى فرنسا.

تمتد مرونة أبو اليزيد إلى أدب الأطفال، مع أعمال مثل “قصة فنان عاش خمسة آلاف عام” (2006) و”الرحالة العرب” (2009)، التي تثري فهم القراء الصغار للتاريخ والثقافة. يتضح التزامه بالتبادل الثقافي في ترجماته للحكايات الشعبية الكورية وأعمال سلفادور دالي والشعراء الكوريين المعاصرين، التي قدمت أصواتًا أدبية عالمية للقراء العرب.

في مسيرته المهنية، شغل أبو اليزيد أدوارًا تحريرية بارزة، بما في ذلك رئيس تحرير النسخة العربية من “آسيان” منذ عام 2012 وكبير المحررين بمجلة “العربي” في الكويت. برنامجه التلفزيوني “الآخر”، الذي عُرض بين عامي 2010 و2012، تضمن مقابلات مع أكثر من 90 شخصية أدبية وفنية من جميع أنحاء العالم، مما أسهم في سد الفجوات الثقافية. تركت مساهمات أبو اليزيد المتعددة بصمة لا تُمحى على المشهد الأدبي والثقافي، تعكس التزامه بالتميز الفني والحوار الثقافي العابر للحدود.

  • الإبداع الخيالي في أشعاره

أشرف الدالي، شاعر ذو نكهة خاصة ومتميزة، يحمل في قصائده رؤى فريدة تتجاوز الأذواق التقليدية لمحبي الشعر. ينبع شعره من مشاعر عميقة ومستقلة، تُنقل إلى القارئ من خلال لذة الإحساس، وتعبر عنها لغة العواطف والقلوب. تتميز قصائده بترجمة هذه  المشاعر إلى واقع ملموس، متجاوزة السمو التقليدي لتخلق تجربة شعرية فريدة.

كل معنى في قصائده يُعبر بطريقة تُخاطب الخيال، متحررة من قيود الواقع، مستخدمًا لغة الشعراء التي قد تكون معقدة للفهم على غير أهلها. يُبدع أشرف الدالي في نقله لمشاعره وأفكاره، مما يجعل القارئ يقف أمام قصائده مرات ومرات، مُتأملًا في الصور التي يرسمها، والتجسيدات التي يخلقها، والحكمة التي تتسم بها كلماته.

تتصف أشعاره بالدقة والجاذبية، حيث يزينها بخياله الواسع وصياغة متقنة تأخذ بالقارئ إلى عالم مختلف. إن قوة شعره تكمن في قدرته على تحويل المشاعر إلى صور نابضة بالحياة، تاركًا في ذهن القارئ انطباعًا دائمًا، ومستحضرًا تأملات عميقة حول مشاكل الحياة وتجاربها.

كل قصيدة من قصائده تعتبر رحلة فريدة تأخذ القارئ في مغامرة عقلية وعاطفية، حيث يتنقل بين الصور الشعرية بأسلوبه الفريد، مستشعرًا عمق المشاعر التي يعبّر عنها. إن أشعار أشرف الدالي ليست مجرد كلمات، بل هي تجارب ومشاعر تتجاوز الحدود التقليدية للشعر، لتخلق في القارئ تجربة لا تُنسى، تظل محفورة في ذاكرته وتأخذه في تأملات عميقة ومتجددة مع كل قراءة جديدة. دعونا نلقي نظرة على موضوعات خمس قصائد بارزة لأشرف الدالي.

  • أشعاره المنشورة باللغة العربية
  •  إهداء (وشوشة البحر) القاهرة 1989.

“وشوشة البحر، القاهرة، طبعة خاصة، 1989” هو إهداء مفعم بالعاطفة والجمال الأدبي، يعبر عن تفاعل عميق مع عناصر الطبيعة وقيم الإنسانية. تبدأ الكلمات بإهداء الطيور أجنحتها، والبحر موجًا هادرًا، ما يعكس رغبة الكاتب في منح الحرية والحيوية للطبيعة. إن تصوير السماء كسياج قطني يُغزل ويفك إلى مطر يطرز الأرض، ينقل صورة شاعرية تتشابك فيها الطبيعة مع الفصول والمواسم، حيث تأتي ثمار الحصاد كنتاج لهذا التفاعل الخصب.

تستمر الصور في الإهداء لتجمع بين عناصر الطبيعة والروح الإنسانية. تقديم الأوعية والأدعية مع شال من زهور السوسنات مع الندى، يعبر عن تقديم هدايا الطبيعة والنقاء الروحي. وفيما تمتد الأشرعة نحو مواقد التنور، تتجلى صورة البراءة والطهارة، بالإضافة إلى عناصر الفجاءة والجسارة، التي تعكس القوة والعزم. الكاتب هنا يشعر بالارتواء من هذا التفاعل الروحي والمادي مع العالم المحيط.

ويختتم الإهداء بفك طلسم الحجارة حين يتلو: “إن في رحم الحقيقة توأما وإن حطين الكرامة أول!”، مشيرًا إلى أن الحقيقة تحمل في رحمها ازدواجية ومعاني متعددة، وأن معركة حطين ترمز إلى الكرامة والنضال. هذه النهاية تعكس تأملًا عميقًا في معاني الحياة والكرامة والحقائق الكامنة في أعماق الوجود.

إن هذا الإهداء ليس مجرد كلمات تُكتب في مقدمة كتاب، بل هو قصيدة مصغرة تجمع بين جمال الطبيعة وعمق التجربة الإنسانية. يعبر عن رؤية شاملة تربط بين الجمال الطبيعي والقيم الإنسانية، مقدمة تجربة قراءة غنية بالمعاني والدلالات، تجعل من هذا الإهداء مدخلاً مؤثرًا ورائعًا لكتاب “وشوشة البحر”.

في الختام، تُجسِّد الإهداء في “وشوشة البحر” جوهر الفن الشعري، حيث تمزج بسلاسة بين صور الطبيعة وعمق التجربة الإنسانية. تعكس الاستعارات الحية واللغة المثيرة مشاعر عميقة وجمالًا أدبيًا يلامسان القارئ بعمق. هذا الإهداء ليس مجرد مقدمة، بل هو شهادة على قدرة المؤلف في التقاط ونقل المواضيع العالمية للحياة والحقيقة والشجاعة بمهارة رائعة وعمق لافت.

 

  •   هو البحر (الاصداف)، شعر ،القاهرة، 1996.

قصيدة “هو البحر” التي أُدرجت في مجموعة “الأصداف” تعكس بشكل عميق العلاقة المتوترة بين الإنسان وقوى الطبيعة التي يمثلها

البحر. الشاعر يعرض البحر كرمز للغضب والعاطفة المتأججة، ويستعمله للتعبير عن الصراعات الداخلية التي يعيشها الإنسان. البحر هنا يمثل دوامة من المشاعر، من التمرد إلى الرغبة في الخلاص، مما يبرز التوتر بين القوة الطبيعية والتحديات الشخصية.

من خلال تصوير البحر كبركان شوق وطوفان عشق وشلال شك، يستعرض الشاعر الانفعالات القوية التي قد تهيمن على الإنسان، ويعكس من خلالها الصراع بين الرغبة والقلق. القصيدة تستعير رموزًا دينية من قصص النبي يونس والنبي موسى، مما يضفي بعدًا

روحانيًا على النص ويعزز الصلة بين القوى الإلهية والتجربة الإنسانية.

العلاقة بين الشاعر والمخاطب تُظهر التعاون والتحدي المشترك، حيث تُصوَّر الحبيبة كرمز للقوة والإلهام، بينما يصبح الشاعر جزيرة الأمان لها. هذا التصوير يشير إلى التحالف والتفاني في مواجهة الصعوبات، مع التذكير بقصص نوح والسفينة كرموز للأمل والخلاص.

القصيدة تنتهي بذكر البحر ككيان قوي يحتاج إلى التحكم، وتدعو الحبيبة إلى كسر الغفلة والسيطرة على التحديات. هذا الختام يعكس القوة الروحية والإرادة البشرية في مواجهة المصاعب.

بالمجمل، قصيدة “هو البحر” من مجموعة “الأصداف” تقدم رؤية عميقة للعواطف الإنسانية، القوة الروحية، والتحديات الداخلية، معبرة عن تفاعل معقد بين الإنسان والعناصر الطبيعية.

ن قصيدة “هو البحر” من مجموعة “الأصداف” هي تعبير رائع عن قوة البحر وعلاقته بالإنسان، وعمق المشاعر والتجارب التي يمر بها. من خلال استخدام رموز دينية وأساطير، يخلق الشاعر صورة حية تعكس الصراع الداخلي والتحديات. إن هذه القصيدة لا تكتفي بالاحتفاء بجمال اللغة والتصوير الشعري فحسب، بل تسهم أيضًا في استكشاف البُعد الروحي والتأملي في علاقة الإنسان بالقوى الطبيعية، مما يبرز تألقها وجاذبيتها الأدبية.

 

  •   حب (ذاكرة الصمت) شعر ، بيروت، 2000.

قصيدة “حب” من مجموعة “ذاكرة الصمت” التي نشرت في دار الجديد عام 2000، تتألق بلحظاتها الحميمة وتفاصيلها اللمسية. عبر الشاعر بأسلوبه البسيط والعميق عن تجربة شخصية تحمل طابعاً إنسانياً خالصاً، حيث يصف زيارته إلى مدرسته القديمة. في تلك الزيارة، يجد الشاعر نفسه أمام مشهد من الماضي، حيث يجلس صبي على مقعده القديم. وعلى الرغم من أن هذا الصبي لا يشبهه إطلاقاً، إلا أن الشاعر يكتشف مشاعر عميقة من الحب تجاهه.

تعكس هذه القصيدة جمالية الحب البسيط والحنين إلى الماضي، وتبرز كيف يمكن أن تؤثر الذكريات في مشاعرنا حتى عندما نرى أشخاصاً أو أماكن لا تشبهنا. الشاعر يستخدم لغة واضحة وصوراً نابضة، مما يجعل القارئ يشعر بعمق الانفعالات والذكريات التي يمر بها.

المفاجأة هنا تكمن في الطريقة التي يستطيع بها الشاعر نقل مشاعره بشكل متجدد وبسيط، مما يجسد جوهر الإنسان وأحاسيسه الأكثر أصالة. “حب” ليست مجرد قصيدة عن الذكريات، بل هي تأمل في الروابط الإنسانية والتقدير العميق لمواقف قد تكون بسيطة ولكنها ذات تأثير كبير على النفس. هذه القصيدة تذكرنا بأهمية الحب الحقيقي والحنين، وأنه في بعض الأحيان، يمكن لمكان أو لحظة بسيطة أن تحمل معنا الكثير من المشاعر والذكريات الجميلة التي تشكل جزءاً أساسياً من هويتنا.

  • بنها (فوق صراط الموت)، شعر، القاهرة، 2001.

قصيدة “بنها” تأخذنا في رحلة شاعرية إلى قلب الدلتا المصرية، حيث يتجلى الحب والانتماء للمكان. يبدأ الشاعر بوصف بنها بطريقة حسية، مشبهاً إياها بالحلمة في نهد الدلتا، مما يضفي على المدينة جمالاً وأنوثة وحناناً. تستحضر القصيدة بنها كحلم جميل يسكب في ذاكرة الشاعر عسلاً شهياً، يعكس الحلاوة واللذة التي يجلبها المكان إلى حياته.

عندما يتساءل الشاعر عما إذا كان سيذكر كل الطرقات عند عودته، فإنه يعبر عن قلقه من تغير الزمن وتأثيره على الأماكن التي أحبها. هذا التساؤل يبرز حالة الحنين والشوق التي يشعر بها الشاعر تجاه بنها، كما يعكس خوفه من فقدان الاتصال بذكرياته العزيزة.

ينتهي الشاعر بسؤال آخر: “أتراها تذكر ـ رغم حداثة طرقات الزمن عليه ـ هذا الوجه المكدود؟” هنا، يظهر التناقض بين التغير الذي يطرأ على الأماكن والوجوه التي تظل متعبة ومرهقة بفعل الزمن. يعبر الشاعر عن أمله في أن تظل بنها تتذكره رغم مرور الزمن، تماماً كما يتذكرها هو.في المجمل، القصيدة تبرز حب الشاعر العميق وانتماءه للمكان، وتسلط الضوء على تأثير الزمن على الذكريات والأماكن التي نحبها. “بنها” قصيدة تعبر عن الحنين والشوق، وتحاكي مشاعر العودة إلى الجذور واستعادة اللحظات الجميلة التي خلدتها الذاكرة.

  • مطر (ذاكرة الفراشات)، شعر، القاهرة 2005.

قصيدة “مطر” تلتقط جوهر الوحدة والشعور بالتلاشي في بحر من الأحداث المتكررة. في السطر البسيط “في المطر المنهمر لا يشعر أحد بقطرة وحيدة”، يتمثل مفهوم الفقدان والانفراد في سياق أوسع. الشاعر هنا يعبر عن كيف يمكن للفرد أن يشعر بعدم الوجود أو القيمة في مواجهة العالم المتسارع والضخم.

المطر، الذي يعتبر غالباً رمزًا للتجدد والنقاء، يصبح هنا تشبيهًا للأحداث الكبيرة التي تغمر التفاصيل الصغيرة. القطرات الفردية التي تسقط وتختفي في الأمطار الغزيرة تمثل الأشخاص أو اللحظات التي تضيع في دوامة الحياة اليومية. من خلال هذا التصوير، يعبر الشاعر عن حالة من الانفراد والضياع الذي قد يشعر به الإنسان وسط الزحام والضوضاء.

هذا النص البسيط ولكن العميق يعكس قدرة الشاعر على التقاط اللحظات الصغيرة وتحويلها إلى معاني أوسع وأعمق. إنها تذكير بالقيمة الفردية التي قد تُفقد في الزخم الجماعي، والدعوة للاهتمام بالتفاصيل الصغيرة التي تشكل نسيج حياتنا. تعبر القصيدة عن مشاعر الإنسانية المشتركة وتجسد الروح الفردية التي تكافح من أجل أن تكون مرئية ومسموعة في عالم مليء بالضوضاء والحركة المستمرة.

ختاماً، تقدم “مطر” تأملًا في الإنسان والمجتمع، وتدعونا للتفكر في كيفية الحفاظ على هويتنا وقيمتنا الشخصية في وسط التغيرات الهائلة التي تواجهنا.

  • معان مستوحاة من عالم الرحلات.

الأسفار قيثارة شاعر” (الماكنة في خطابه الشاعر والروائي والرحالة أشرف أبو اليزيد جزء من روحه الشاعرة وروحه الشاعر). جزء من المكان يقول في مطلع كتابه قائلاً حكايات مغربية: “أيا جدةَ ابن بطوطة لأقطري خطواتك في المملكة المغربية التي في رقعة يسطع فيها البصر يعلو أطرافه عن شواطئ البحر وعند أقدام أطلس” وفي كلماتك أركن فيه مجالي أسطورة وأسفار. نلتقياً فإننا نستأنس الحاضر بشغف التاريخ، ونكفي في مرات أسابيع على مائدة سفر، حتى نبدأ بكتابة السفر، وتسجل الكلمات أنغامنا كالماكينة، وحتى نتنقل بين أجنحتها وجنوبها، في ثبات يخفق القلب معها حتى يسطر القلم من يدما خطيئاً يستقر في المستقبل.

لقد أورقت السياحات الفكرية في خيال الشاعر روحاً جديدة رسمت له بنية الشعرية، ونسجت له صيغة جديدة لتصبح أقربية عليه نبضة بالحياة، ومكانة تبحث في قوة الانبعاث والهوية. فكانت التجارب أغلى شيء وجده في حياته، من حب البلد والعز، وضوء الطبيعة، وغناء الدنيا الشقيقة، ووجد من خلال رحلاته عالمًا مواجها كان فيه حالما مفتخرا بذاته.وروايته “قافلة حكايات مغربية” أغرب دليل على ذلك، لما تحمله من هذه الصياغة الأنيقة، التي تختار من وحي الأسفار بإنزامية الأطراف. فكان يرى أن نفسه أخرى أن تحمل مشاق السفر، إلا أن المشاق أصبحت في طريقة سهلة، وكل ضواها أصبحت متعامرة في إنباته الشعرية. فكانت زيارته للهند وإعجابه بتعددتها وجمالها أعلى دليل على ذلك.

تقول الناقدة والبلدية “منار حسن فتح باب”، في مراجعة لها لكتاب أشرف أبو اليزيد “قافلة حكايات مغربية”، والتي نشر بها في مجلة “التراث” العروبة: “حين يكتب شاعرها مدينة وتفاصيلها وشوارعها وكل ما حولها فإنه يشعر كأنها مرآة لروحه الشاعرة فإن المكان لديه يرى فيه صورة متكسمة متسكة ونصب بان الحياة معها من نور في سفر ينتظر اللحظة التالية كي يشتعل… ستنطق أشرف أبو اليزيد العروسة مدينة وجعلها له مدينة حورية وجوهية وعالم يتكلم عن وجوده ووصف له كيان موجود وفكونه مدينة متحبة تتوشح داخل المدينة وخارجها. ثم يتوجها ثم يزينها له إلى التواجد. فهو علاقة خية من السر والبوح. ومن خلال كل هذا يتوجها داخلها كاتبها داخل مجالها وكل تفاصيلها أسوارها وبنيانها منازلها أسقفها وأعلاها فمتثلها فيها شعورها وأفعالها صلابة في حركة وقتها ضاحة في حرية وتحرر. تنجح البراعة وتنجح في البشر البسيط والشاعر البسيط وجموعهم جتمع. له حطبها عليه والكاتب بينهم ناجي الطبيعة الحديثة ويستمر الرحلة القافلة حتى دون توقف. وركبت القافلة وقلبتها على عكس. في حين بداخلها خطأاً تفورياً يهدف إلى التغيير بشتى الجمال والبهاء… يحرك تراب المدينة تحركها إلينا في موكب قافلة مهمة.

  • الملخص

أشرف الدالي يتميز بأسلوبه الشعري الفريد والمتميز، حيث ينبع شعره من مشاعر عميقة ومستقلة تُنقل إلى القارئ من خلال لذة الإحساس، وتُعبّر عنها لغة العواطف والقلوب. تتسم قصائده بالدقة والجاذبية، وتستخدم لغة الشعراء التي قد تكون معقدة للفهم على غير أهلها، مما يجعل القارئ يقف أمام قصائده مرات عديدة مُتأملاً في الصور التي يرسمها والتجسيدات التي يخلقها.

 

تُعد روايته “قافلة حكايات مغربية” مثالاً على أسلوبه الفريد، حيث يُقدّم فيها تجربة أدبية غنية بوصف المدن والشوارع وتفاصيل الحياة اليومية، مما يعكس رؤيته الشعرية وروحه الشاعرة. تُظهر رحلاته إلى الهند وإعجابه بتعدد ثقافاتها وجمالها جانبًا آخر من موهبته في نقل تجاربه الشخصية إلى نصوص أدبية تُحاكي الواقع والخيال في آن واحد.

أشرف دالي يحرص على تعريف الأطفال العرب بمدن وحضارات طريق الحرير الآسيوي، كما أنه يترجم الحكايات الشعبية الكورية وأعمال سلفادور دالي والشعراء الكوريين المعاصرين، مما يساهم في تعزيز التبادل الثقافي. في مسيرته المهنية، شغل مناصب تحريرية بارزة وقدم برنامجًا تلفزيونيًا “الآخر” الذي تضمن مقابلات مع أكثر من 90 شخصية أدبية وفنية، مما أسهم في سد الفجوات الثقافية بين الشعوب.

إبداع أشرف دالي يكمن في قدرته على تحويل مشاعره إلى صور نابضة بالحياة، مما يترك في ذهن القارئ انطباعًا دائمًا ويُحضر تأملات عميقة حول مشاكل الحياة وتجاربها. قصائده هي تجارب ومشاعر تتجاوز الحدود التقليدية للشعر، لتخلق في القارئ تجربة لا تُنسى تظل محفورة في ذاكرته وتأخذه في تأملات عميقة ومتجددة مع كل قراءة جديدة.

 

 

 

  • مراجع
  1. أشرف الدالي. قصائد مختارات أشرف أبو اليزيد. استلم في [01-07-2024]. يحتوي الملف على [لفة مجموعة بخمسة اشعاره].
  2. ^ “جريدة نادرة لبيرم التونسي تجسد معاناته في المنفى و«نزقه الفني»”. com. مؤرشف من الأصل في 2020-09-25. اطلع عليه بتاريخ 2020-09-25. {{استشهاد ويب}}: |archive-date= / |archive-url= timestamp mismatch (مساعدة)
  3. ^ “يكشف حالات الجنون سلفادور دالي”. com. مؤرشف من الأصل في 2020-09-25. اطلع عليه بتاريخ 2020-09-25. {{استشهاد ويب}}: |archive-date= / |archive-url= timestamp mismatch (مساعدة)
  4. ^ “بعد فوزه بجائزة «مانهي» العالمية في الآداب”. com. مؤرشف من الأصل في 2020-09-25. اطلع عليه بتاريخ 2020-09-25. {{استشهاد ويب}}: |archive-date= / |archive-url= timestamp mismatch (مساعدة)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى