أحداثأدبإعلام

المسابقة الدولية الرابعة “آسيا الأدبية” تقام في أستانا

بقلم: فيكتور كلياكوف، شاعر روسي، النمسا

أقيمت المسابقة الدولية “آسيا الأدبية” للمرة الرابعة في العاصمة الكازاخية أستانا، بتنظيم من الجمعية العامة “الاتحاد الدولي للدبلوماسية الشعبية” (ОО-МСНД). وبالنظر إلى نطاق المشروع الواسع وأهميته في الحركة الأدبية العالمية، أودّ أن أستعرض بإيجاز تاريخ هذه المسابقة.

استُلهمت فكرة إطلاق المسابقة من قبل الشخصية العامة الكازاخية والكاتب المعروف بخيت رستموف، مؤسس “الاتحاد الدولي للدبلوماسية الشعبية”. ففي عام 2020، نظمت الجمعية أول مسابقة أدبية دولية في كازاخستان مخصصة للشعر، احتفاءً بالذكرى الـ175 لميلاد الشاعر الكازاخي العالمي “أباي”. وقد شهدت تلك المسابقة قراءات لقصائد أباي بلغات متعددة، مما ساهم بشكل كبير في تعزيز حضوره العالمي، خصوصًا بين الأطفال والشباب. وكانت تلك أول فعالية أدبية دولية بهذا الحجم في تاريخ الثقافة الكازاخية، بمشاركة أكثر من 20 شاعرًا من أكثر من 10 دول، كما ساهمت تغطيتها عبر يوتيوب وفيسبوك وفي أوساط متابعي الجمعية في توسيع نطاق تأثيرها.

في عام 2021، نُظمت الدورة الثانية تحت عنوان “آسيا الأدبية – 2021”. وبفضل جهود الجمعية ورئيسها بخيت رستموف، شارك ما يقارب 200 كاتب وشاعر من 20 دولة، من بينها أذربيجان، روسيا البيضاء، بلغاريا، ألمانيا، داغستان، إسرائيل، كاباردينو – بلقاريا، كازاخستان، كالميكيا، قيرغيزستان، ترانسنيستريا، سلوفينيا، روسيا، أوزبكستان، أوكرانيا، تتارستان، وغيرها. وتابعت نتائجها أوساط أدبية واسعة حول العالم.

تهدف المسابقة إلى اكتشاف المواهب الأدبية من كتّاب وشعراء وروائيين يبدعون في اللغة الكازاخية والروسية وغيرها من اللغات العالمية، وجرى تنظيمها ضمن احتفالات الذكرى الـ750 لتأسيس القبيلة الذهبية، والذكرى الـ30 لاستقلال كازاخستان. كما تسعى للحفاظ على التقاليد الثقافية للجمهورية وتطويرها، والترويج لأعمال الكتّاب من مختلف الدول، وتعزيز الصداقة الدولية، وتقديم كازاخستان كدولة ذات ثقافة عالمية رفيعة.

في عام 2023، خُصصت الدورة الثالثة “آسيا الأدبية – 2023” للاحتفال بالذكرى الثلاثين للعلاقات الدبلوماسية بين كازاخستان ومصر، والذكرى الـ800 لميلاد السلطان بيبرس، الحاكم الكازاخي الأصل لمصر وسوريا. شارك في هذه الدورة أكثر من 400 كاتب من 60 دولة.

أما الدورة الرابعة، “آسيا الأدبية – 2024″، فقد خُصصت للفيلسوف الإسلامي الكبير أبو نصر الفارابي، بمناسبة مرور 1155 عامًا على ميلاده في عام 2025. شارك فيها أكثر من 600 شاعر وكاتب من 72 دولة، مما يعكس الأهمية المتنامية لهذا الحدث في الساحة الأدبية العالمية.

ويُظهر هذا المسار الموجز تزايد أهمية مسابقة “آسيا الأدبية” الدولية، بوصفها مشروعًا مميزًا في الحركة الأدبية العالمية. فمهمتها هي التعريف بتاريخ وثقافة الشعب الكازاخي وشعوب آسيا الوسطى الذين يشتركون في تاريخ مشترك يمتد من العصور القديمة حتى استقلالهم الوطني الحديث.

وقد ارتبطت كل دورة بتاريخ وثقافة الشعب الكازاخي، وتعمّق كل إصدار جديد هذا التركيز، سعيًا إلى تعزيز التقارب الثقافي وتبادل الإرث الإنساني. ووفقًا لشهادات المشاركين من مختلف أنحاء العالم، فقد منحت هذه المسابقات المجتمع الأدبي العالمي فهمًا أعمق لشعب كازاخستان وجيرانه.

ومنذ انطلاقها، شارك في المسابقة أكثر من 1000 كاتب وصحفي وشاعر وروائي من أكثر من 100 دولة. ويعكس هذا التنوع الكبير في المشاركين مدى تفاعل الأدباء حول العالم مع موضوعات المسابقة، التي فتحت أمامهم نافذة جديدة على عالم الكازاخ وشعوب آسيا الوسطى مثل أوزبكستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان، وهي دول لم تكن موجودة على الخريطة السياسية قبل 35 أو 40 عامًا.

وفي الوقت نفسه، أتيحت لكُتّاب آسيا الوسطى، ولأول مرة، فرصة التعرّف العميق على الأدب العالمي المعاصر.

تقول الكاتبة أوليسيا كيم من أوزبكستان:

“كنت أظن أن الأدب عالم خيالي منفصل عن الواقع، شيء ليس ضروريًا للبشر مثل الخبز. ولكن حين يكون علينا أن نفهم بعضنا البعض على المستوى العالمي — حين نحتاج إلى الحوار والتواصل — تصبح الكلمات أداة رئيسية، وغالبًا لا تكفي الكلمات العادية. عندما يتكلم الشعراء والكتّاب، يتضح أننا جميعًا نتقاسم قيماً مشتركة. لهذا السبب من المهم المشاركة في هذه المسابقات وحضور فعالياتها — فهي ليست مملة أبدًا. الأدب هو شكل رائع من أشكال الدبلوماسية اللاعنفية. الحب والجمال والفن هم من سينقذون العالم.”

لقد انطلق هذا المشروع الأدبي من دولة آسيوية صغيرة عام 2020، وفي غضون عامين فقط أصبح مشروعًا دوليًا يمنح الأدباء من مختلف الأمم منصة جديدة. وقد شارك فيه العديد من الكُتّاب البارزين، بمن فيهم من يحملون ألقاب “شاعر الشعب” و”كاتب الشعب”. ورغم أن كازاخستان تُصنف ضمن الدول النامية، إلا أنها أصبحت اليوم في طليعة الحركة الأدبية العالمية. ولا شك أن اليوم الذي تصبح فيه قائدًا حقيقيًا في المجال الثقافي والأدبي العالمي ليس ببعيد. وهذه مساهمة كبيرة من كازاخستان في مجال الدبلوماسية الشعبية الدولية.

ولا شك في أن مسابقة عام 2025 ستُقام بمستوى أعلى، وستمنح العالم فهمًا أعمق لتاريخ وثقافة كازاخستان العريقة.

كما كتب الشاعر البيلاروسي ألكسندر راتكيفيتش، رئيس مسابقة “مركز أوروبا”:

“كازاخستان هي قائدة الحركة الأدبية العالمية! هذه المسابقة الكازاخية العابرة للقارات تروّج لشعبها وترتقي بمكانة كازاخستان في الفضاء الثقافي العالمي.”

إنها مسابقة من نوع خاص، تُنظم لأول مرة عالميًا من قِبل كُتّاب كازاخ، وبأسلوب إبداعي غير مسبوق في أي مسابقة أدبية دولية أخرى. هذه الابتكار يُعد إنجازًا فريدًا للمثقفين الكازاخ، وأحد أضخم المشاريع وأصعبها تنظيمًا، ولا يمكن أن يتحقق إلا بجهود شخصيات أدبية ذات مكانة مرموقة، وعلى رأسهم بخيت رستموف، مؤسس المشروع، ومنظّمه الرئيسي، وشاعر، وأمينه العام، وشخصية عامة معروفة.

يمتلك رستموف خبرة واسعة في المجال الأدبي الدولي، فقد شارك في لجان التحكيم لمسابقة في روسيا وبيلاروس وأوكرانيا وأوزبكستان وقيرغيزستان وكازاخستان. كما حضر مهرجانات أدبية فيتنام (مرتين)، وسوتشي، وأذربيجان، وتركيا، ومصر، وإسبانيا. وبحسب علمي، فهو الكاتب الكازاخي الوحيد الذي مثّل أدب وثقافة بلاده على الصعيدين الإقليمي والدولي لعقود.

وكتبت الكاتبة الأمريكية تاتيانا سيندييفا-بروفا عن المسابقة:

“ما زلت لا أصدق أن قصتي القصيرة فازت بالمركز الثاني في هذه المسابقة الأدبية المرموقة. المركز الثاني بين أساتذة القلم! إنها فرحة لا توصف. لم أستطع التعبير عن مشاعري في تلك اللحظة. يا له من مفاجأة جميلة وسعيدة!”

وما يجعل هذه المسابقة الكازاخية فريدة هو أنها تتيح للكتّاب المشاركة بلغاتهم الأم، بخلاف كثير من المسابقات التي تُلزِم باستخدام لغة الدولة المضيفة. وقد نجح منظموها في تشكيل لجنة تحكيم دولية تضم أكثر من 100 شاعر وكاتب من أكثر من 50 دولة — وهو إنجاز غير مسبوق في الحركة الأدبية العالمية.

إن هذا الإنجاز تطلّب جهدًا تنظيميًا هائلًا، وفهمًا دقيقًا للشخصيات والثقافات وعقليات الأدباء من مختلف أنحاء العالم. وعلى مدى سنوات عملي في لجان تحكيم المسابقات الدولية، لم أرَ شيئًا كهذا من قبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى