أبي رسام خرائط …. رواية للأديب الكبير الصديق أشرف أبو اليزيد
أهنيء الأديب الكبير أشرف أبو اليزيد لهذا الاصدار المهم لجيل الناشئة، وهي رواية تتلمس فيها ابداع خاص، يأخذك الى بناء مفهوم خاص للخارطة والهوية الوطنية ، ويحلق بك الى محطات تاريخية عالمية هامة، والتي أثرت فكرة التشكل النوعي الأدائي بأهمية التعمق بقيمة الخارطة التي ترسم حدود الوطن وحدود الروح، لتظل علامة فارقة في كيفية صياغة الوعي المتجدد ، وخاصة في أيامنا هذه، وما نواجهه من كوارث.
والعنوان بالغ الدلالة، محمل بالدلالات السياسية، الجغرافية والمعرفية، والتي تشكل رسالة استكمال للوجود الكوني، والبعد الجغرافي في تشكل حدود الدول، وأهمية تصويب فكر الشباب الى نصوص المعلومات التاريخية الهامة.
ومحاور الرواية تدور حول رشيد الشاب الذي يتلمس خطى والده، ويردد عباراته، ويراقب انغماسه في ترتيب الخرائط والاحتفاظ بها، رغم محاولات زملائه بتوجيه النقد الحاد لمهنة والده.
تبدأ الرواية بهذه الفقرة ” لن يبدأ النهار دون ضوء، ولن نعرف الطريق بلا خريطة ، واذا كانت الشمس ترسل الضوء للنار، فان خطواتنا هي التي ترسم الخرائط”.
تشعر هنا في هذا الوصف الابداعي التصويري لماهية الوجود والخارطة في التقاط أنفاس الوجود في رحلة البقاء الحر، وتعبر تعابير أخرى هي الأجمل، حين يرسم معالم الشجرة لتكون علامة وعنوان، مع اختلاف المفاهيم والتوقعات التي ترد.. فكما يقول: “اذا قطعت الشجرة سأخسر كثيرا، وستفقد خريطة الشارع كاننا حيا وجميلا، وعلامة أيضا.
وهنا تبدأ رحلة رشيد من خرائط الأرض والسماء الى جوجل. من خلال هذه العبارة تعبر الحكاية أزمنة متعددة، وتبرز أسماء وازنة شكلت حضورا معرفيا في فعل نص التطور الحضاري، واستعراض الخرائط النادرة والمدن التي تظهرها الخرائط.
ويستعرض تاريخ اكتشاف الأرض، والكرات الأرضية، ما بين العالم الواقعي والخيالي، وديمومة البحث عن الخرائط وراسميها الى أن يولد أطلس الخرائط (الكوزوموغرافيا). وفي سرد رشيد نعبر آفاقا متعددة ، يعبر التاريخ من خلالها ليكون علامة كاشفة لتطور الوعي والحضارات، مرورا بالمحطات القديمة الى الحاضرة. وحين يؤكد الأستاذ حنفي ان الخرائط أهم ما يملك الانسان . ص 11″
تتشكل الخرائط لتكون حامية الحدود، ومصدر التخطيط، وهي أهم أدوات التاريخ. ويرد ما بين السطور صور للطيور والحمام الزاجل ضمن هوايات أصدقاء رشيد ، وقدرة الحمام الزاجل على رسم خريطة المجال المغناطيسي في الأرض. كما يورد تصويرا خاصا لأهمية المكتبة وهي الحديقة الورقية، وأهمية الكتاب أن يكون في موضعه المعد له، لأنه كنز كبير..
والعلاقة ما بين الخارطة والكتاب علاقة تنويرية في البعد الأسمى للماهوية التاريخية، وحدود الدولة التي يعيش بها وكيفية الحفاظ عليها، والتي من خلالها كرم والد رشيد لأنه أدرك سر الوجود والحضور الأزلي، واستبق المفاهيم في رسم مرسوم لا يقبل التأويل في أهمية الخرائط، وقيمة الانسان الذي يحافظ عليها.
ثانية، وفي معلقات الروح في الكلمة، اقدر عاليا هذه الرواية التي تصطف حروفها في شموخ الوطن، وحماية خارطته الخالدة.
