جاليريشخصيات

التشكيلي خالد عبدالرحمن : تجريد المعمار المديني

بقلم الفنان والناقد كمال هاشم، السودان

 

التشكيلي خالد عبدالرحمن : تجريد المعمار المديني والمناظر الجمالية بألوان ساحرة وإختزال مدهش

أعمال الفنان التشكيلي السوداني الشاب خالد عبد الرحمن تُظهر حساً بحثياً وتعبيرياً بارزاً في المشهد التشكيلي السوداني المعاصر، يجمع بين عناصر اللون، التكوين، وارتباطه بالبيئة المدينية والمناظر الطبيعية السودانية.

تظهر في الأعمال المرفقة هنا قدرة واضحة على معالجة المساحات باستقلالية لونية وجرأة في تقسيم اللوحة، مع ميلٍ للاختزال والتلخيص دون فقدان روح المكان والضوء. اللوحات تتنوع بين التجريد والتلميح للمعمار السوداني وظلال الأشجار، مستخدماً خامات وألوان قوية لإبراز الجو المحلي.

يتسم أسلوب خالد عبد الرحمن باستخدامه المتنوع للألوان: الأزرق، الأصفر، الأحمر، والبنفسجي التي نجد فيها تفاعلات ضوئية وتوليفات لونية تجذب العين وتتشئ عمقاً بصرياً. تظهر أعماله مرونة في الانتقال بين التجريد والتعبير، حيث يركز على التفاصيل المعمارية والحضرية للمدن السودانية، ويبرز العلاقات البصرية بين الفضاءات والنوافذ والأشجار، إضافةً إلى تبسيط المنظر الطبيعي في مربعات لونية ساحرة. لوحاته غالباً ما تعكس لحظات الشروق والغروب، تغيرات الجو، وتلك اللحظات البصرية العابرة التي يلتقطها الفنان بحس شاعري.

تعتمد أعمال خالد على الوسائط التقليدية في الرسم، إلا أن هناك حسا حداثيا في توظيف الخامات والتعامل مع الحواف والتكوينات الهندسية، مع حضور لافت لتقنيات التلطيخ والتجريد التي تمنح اللوحة طاقة وحيوية. بصمته تتضح في التوازن بين الخشونة والشفافية، بحيث تحافظ كل لوحة على هويتها المحلية مع لمسة وجدانية صادقة، وهو يقيم علاقة فريدة بين المتلقي والعمل، داعياً للتأمل في تفاصيل الحي السوداني وجماليات الفراغ الحضري.

شارك خالد عبد الرحمن في معارض جماعية وفردية في الخرطوم ونيروبي والقاهرة ونيو أورليانز وغيرها، وحظيت أعماله بتقدير كبير في أوساط النقد والتجريب الفني السوداني. فنه يعكس مدرسة متجددة في الحركة الفنية السودانية، ويعتبر إضافة هامة لجيل التشكيليين الشباب الذين يعبرون عن تجربة حضرية معاصرة بوسائط بصرية متنوعة.

يقدم خالد عبد الرحمن في أعماله تجربة تشكيلية معاصرة تستحق التقدير، حيث يستحضر مناخاً بصرياً فريداً يتجاوز التوصيف المباشر إلى فضاء من التأمل البصري والوجداني، ويرسّخ حضوره كشاب مؤثر في مسار الفن التشكيلي السوداني اليوم.

كمال هاشم. اكتوبر 2025

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى