أدبجاليريشخصيات

د. حســن قجّـة: تحية الحكمة والجمال

قصيدتان للشاعرين توفيق زياد ونزار قباني

د. حســن قجّـة كاتب ومحاضر في مجالَي التراث الثقافي والتواصل المؤسسي، سوري من حلب، يقيم في هولندا منذ عشرة أعوام ويحمل جنسيتها، وله مؤلفات في مجالات الإبداع الأدبي والتراث والتنمية، بين مطبوعة ومخطوطة ومشتركة، وأهم أعماله هو موسوعة (حلب الشهباء في عيون الشعراء) في أربعة مجلدات وكتاب (حلب في كتابات المؤرّخين والباحثين والزوّار والأدباء)، وقد صدروا عن دار بريل الهولندية العريقة.

عمله الأكاديمي الرئيسي في جامعتين هولنديتين في أمستردام وتيلبورغ، بالإضافة لكونه محاضراً زائراً في جامعات أوروبية في بريطانيا وألمانيا، وعمله في تدريب الإدارات المؤسسية تجاوز عشرين عاماً في بلاد عديدة.

في قناته المصورة على منصة يوتيوب يواصل د. حســن قجّـة مسيرة الحفاظ على التراث الأدبي، وهو هنا يقدم بصوته عملين شعريين، تحية الحكمة والجمال..

 

توفيق زَيَّاد

كلمات عن العدوان

 

 

 

مِن هنا مَرُّوا إلى الشرقِ غماماً أسودا

يَقتلونُ الزهرَ والأطفالَ والقمحَ وحبَّاتِ الندى

ويَبِيْضُون عداواتٍ وحِقداً وقبوراً ومُدَى

مِن هنا سوفَ يعودون، وإِن طالَ المَدى..

 

هكذا ماتَ، بلا نَعْي ٍعلى الرملِ شهيدْ

طَلْقَة ٌفي رأسه، صيحة ُقهر ٍووعيدْ

حَفَرَ القاتل ُفي مدفعِهِ رقماً جديداً

ومضى يبحثُ، مثلَ الذئب، عن رقمٍ جديدْ

 

وعلى بضعةِ أمتار ٍبكى طفل ٌوليدْ

عندما مَرَّ على جبهته السمراءِ جِنزيرُ حديدْ..

 

لا تقولوا لي (انتصرنا)!

إِن َّهذا النصرَ شرُّ مِن هزيمهْ

نحنُ لا ننظرُ للسطحِ، ولكنَّا نرى عُمْقَ الجريمهْ.

 

لا تقولوا لي (انتصرنا)!

إِننا نعرفُها هذي الشطارْه

إِننا نعرفُه الحاوي الذي يُعطي الإشارهْ!

إِنه سَيِّدُكُمْ يلهثُ في النَّزع ِالأَخيرِ

إِننا نَسْحَبُهُ مِن أَنفِهِ سَحْباً إلى القبرِ الحقيرِ.

 

ما الذي خَبَّأتُمُوهُ ُلِغَدٍ؟!

يا مَن سَفَكْتُم لي دمي

وأَخذتُم ضوء َعيني، وصَلَبْتُم قلمي

واغتصبتُم حَق َّشعبٍ آمن ٍلم يُجرِمِ؟

 

ما الذي خَبَّأتُمُوهُ لِغَدٍ؟!

يا مَن أَهنتم عَلَمي

وفَتَحتُم في جراحاتي جراحاً وطعنتم حُلُمي؟

ما الذي خَبَّأتُمُوهُ لِغَدٍ؟!

إن َّغداً لم يُهْزَمِ!

 

إِنكم تَحْيَون مِن عشرين عاماً حُلْم َصيف ٍذا رُواءْ

وتَصيدون، لأِمر ِالغيرِ في بحر ِدموع ٍودماءْ

إِنكم تَبْنُون لليومِ، وإنَّا لِغدٍ نُعْلِي البناءْ

 

إِننا أَعمق ُمن بحرٍ، وأَعلى مِن مصابيح ِالسماءْ

إنَّ فينا نَفَسَاً أطول َمن هذا المدى

المُمتدِّ في قلبِ الفضاءْ

 

ثم ماذا بَعْدُ؟

لا أَدري، ولكنْ:

كُل ُّما أَدريْهِ أَنّ الأَرضَ حُبلى والسنينْ

كُل ُّما أَدريهِ أَنّ الحقَّ لا يفنى

ولا يقوى عليه الغاصبونْ

 

فارفعوا أيدِيَكُمْ عن شعبنا

لا تُطْعِموا النارَ حَطَبْ

كيف تَحْيَون على ظهر ِسفينةْ

وتُعادون محيطاً من لَهَبْ؟!

فارفعوا أَيدِيَكُمْ عن شعبنا

يا أَيُّها الصُم ُّالذين مَلَؤوا آذانَهم قُطْناً وطينْ

إِننا للمرةِ الألف نقولُ:

نحنُ لا نأكلُ لحمَ الآخرينْ

نحنُ لا نذبحُ أطفالاً، ولا نَصْرعُ ناساً آمِنينْ

 

نحنُ لا نَنْهَبُ بيتاً، أو جَنى حقلٍ، ولا نُطْفِي عُيونْ

نحنُ لا نسِرقُ آثاراً قديمهْ

نحنُ لا نعرفُ ما طعمُ الجريمهْ

نحنُ لا نَحْرِقُ أسْفاراً، ولا نَكْسِرُ أقلاماً،

ولا نَبْتَزُّ ضَعْفَ الآخرينْ

 

فارفعوا أيدِيَكُمْ عن شعبنا

يا أيُّها الصم ُّالذين مَلَؤوا آذانَهم قُطْناً وطينْ

إننا للمرةِ الألفِ نقولُ:

 

لا! وَحقِّ الضوءِ

مِن هذا التراب ِالحُرِّ لن نَفْقِدَ ذرّهْ!

إِننا لن ننحني للنار والفولاذِ يوماً..

قَيْدَ شَعْرَهْ!

 

نزار قبّاني

أبيات من قصيدة “ترصيع بالذهب على سيف دمشقي”

ما وقُوفي في الديارِ وقلبي

كجبيني قد طرَّزَتْه الغصونُ؟

 

لا ظِباءُ الحِمى رَدَدْنَ سلامي

والخلاخيلُ ما لَهُنَّ رنينُ

 

يا زواريبَ حارَتي خبِّئيني

بين جَفْنيكِ، فالزمانُ ضَنِينُ

واعذريني إذا بَدَوْتُ حزيناً

إنَّ وجهَ المحبِّ وجهٌ حزينُ

 

سامحيني إذا اضطربتُ فإنّي

لا مُقَفّىً حبّي ولا مَوْزونُ

 

وازرعيني تحتَ الضفائرِ مِشْطاً

فأُريكِ الغرامَ كيفَ يكونُ

 

يا ابنـةَ العمِّ، والهوى أُمَوِيٌّ

كيف أُخْفِي الهوى وكيف أُبِيْنُ؟

 

كم قُتِلنا في عِشْقِنا وبُعِثْن

بعد موتٍ، وما علينا يمينُ

 

قادمٌ مِن مدائنِ الريح وَحـدي

لم أحدّثكِ، والحديثُ شُجُونُ

 

سَنَواتٌ سَبْعٌ من الحُزْنِ مرَّتْ

ماتَ فيها الصَفـْصَافُ والزيتُونُ

 

سنواتٌ فيها استقلتُ من الحبِّ

وجفَّتْ على شفاهي اللحُونُ

 

لا تـَقـُولي “نسيتَ”، لم أنـْسَ شيئاً

كيف تنسى أهْدَابَهـُنَّ الجُفـُونُ؟

 

غير أنَّ الهوى يصيرُ ذليلاً

كُلمَّا ذَلَّ للرجالِ جبينُ

 

يا الهي، جعلتَ عشقيَ بَحراً

أحرامٌ على البحارِ السُكُونُ؟

 

يا الهي، هل الكتابةُ جرحٌ

ليس يُشفى؟ أم ماردٌ ملعونُ؟

 

كم أعاني في الشعرِ موتاً جميلاً

وتُعاني من الرياحِ السفينُ

 

أوقِدي النارَ، فالحديثُ طويلٌ

وطويلٌ لمن نحبُّ الحنينُ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى