
في عدد أكتوبر 2025 المجلة الدولية لمؤتمر الصحفيين الأفارقة (CAJ) ، تتحول الكلمات إلى صور نابضة بالحياة — عميقة الطبقات، إنسانية الجوهر. هذا الإصدار ليس مجرد مجلة، بل أطلس بصري للروح الإفريقية، قارة تتحدث بعشرة أصوات آسرة تمزج بين التحقيق الصحفي والتأمل والنهضة.
تبدأ الرحلة من قصة الغلاف “شعور بالغرق – التعرية والفيضانات تجتاح أوبادا أوكو”، حيث تفتح العدسة نافذتها على بلدة نيجيرية تقاوم المدّين الطبيعي والتاريخي. من خلال وجوه أهلها نرى أرضًا تتآكل تحت ضغط التغير المناخي، لكنها لا تفقد جذورها، إذ يتحول يوم أوبادا أوكو إلى أكثر من احتفال — إلى إعلان للحياة. تحمل الصور القادمة من ولاية أوجون لون الطين الأحمر، وثقل الذاكرة، ونبض الكبرياء المحلي.
ثم تمضي الصفحات إلى نهضة النفط النيجيرية، مشهد من فولاذ ولهب وطموح. مشروع مصفاة «دانغوتي» العملاق يُرسم هنا كرمز وصراع في آن — بريق ازدهارٍ يوازيه وجع السلطة وأسئلة البيئة. بين أنابيب النفط ووجوه العمّال، تتشكل حكاية واقعية بعمق الفيلم السينمائي، لوحة لأفريقيا الحديثة وهي تعيد اختراع ذاتها.
وفي إثيوبيا، تكتب تيبليتس تسفاي دجيني في «إريتشا: عيد الشكر الحي» ملحمة ألوان وروح، حيث الماء والسماء والبشرية يلتقون في نسيجٍ من الوحدة. نصّها وصورها يبعثان الحقيقة المقدسة: أن سواد أفريقيا كان دومًا لون الخلق، لا العدم.
ويجد التعبير السياسي صوته البصري في مادة دونالد تلاكا “أفريقيا في الأمم المتحدة”، حيث تُلتقط لحظات الزعماء الأفارقة تحت شعار المنظمة الدولية، بين دبلوماسية وتمرّد. سؤال يبقى معلقًا في أفق الصفحات: هل ما زالت أفريقيا تؤدي دورها أمام الجمهور، أم بدأت تكتب نصها بنفسها؟
من بنين إلى السنغال، يوثّق ديلا أهياوور في “تعزيز شمول الطاقة في غرب أفريقيا” الشمسَ كطوق نجاة. الألواح الشمسية اللامعة فوق السافانا ليست مجرّد تقنية، بل مرايا أمل تعكس قارة تتجه نحو مستقبلٍ أنظف وأكثر عدلًا.
وفي فاصل شعريّ وفلسفي الطابع، تأتي مقالة ألكسندرا أوتشيروفا “التحديث الإنساني” لتعيد سفيرة اليونسكو للنوايا الحسنة تعريف الاستدامة من منظورٍ روحي، مرفقة بصور لوجوه تتجاوز حدود الإحصاءات لتجسد عمق الإنسان في قلب التنمية.
أما الملف الثقافي فيزدهر في السينما والفن والجمال الدبلوماسي؛ من خلال مقالة المخرجة التلفزيونية والكاتبة فاطمة الزهراء حسن وعنوانها “أميرة هوليوود تتوج في موناكو”، وموضوع خالد سليمان “جسور بين مصر وتونس: احتفاء بالفن والتاريخ والصداقة”. كلا النصّين يصوّران الحركة — في السينما، وفي الفن، وفي الحوار الحضاري — ليؤكدا أن أفريقيا لا تنعزل، بل تتحاور مع العالم.
حول المنضدة المستديرة التي أدارها أشرف أبو اليزيد عن الإعلام والمجلات الأدبية، ، تتقاطع العقول من الإمارات، وروسيا والجزائر، وسلطنة عُمان، ومملكة البحرين، وسريلانكا في جلسة مصوّرة تنطق بما تعجز عنه الكلمات: الأدب العالمي أصبح نبضًا مشتركًا واحدًا.
وتختتم إينا ناتشاروفا العدد بمقالها “كليوباترا… بعيون روسية”! حيث تعيد رسم ملكة مصر الخالدة في إطار أدبي معاصر، لتجعل من التاريخ مرآةً للسرد الحديث، تجمع بين الحقيقة والعاطفة والدهشة.
في هذا الإصدار، تتحوّل صحافة CAJ إلى فنّ بصري وإنساني. كل تقرير لوحة، وكل صورة نبضة. عبر عشرة ملفات، تتجلّى أفريقيا لا كخلفية، بل كالبطلة — متعددة الملامح، شامخة، ومضيئة. هذه صحافة ترى… لا بعدسة الكاميرا فقط، بل بعين التعاطف.
في عام 2025، لا تكتفي CAJ بنقل صورة أفريقيا — بل تعيد تخيلها: قصةً بعد قصة، وصورةً بعد صورة، وحقيقةً تلو أخرى. يضم مجلس تحرير المجلة الاعلامي مايكل أديبويي من نيجيريا، رئيس التحرير ورئيس مؤتمر الصحفيين الأفارقة (CAJ) ، وأشرف أبو اليزيد من مصر، الأمين العام للمؤتمر.