أروى بن ضياء: بين العلم والشعر
بورتريه لصوتٍ ملتزم: مسيرة أدبية شغوفة وإنسانية

بقلم: أمل بوعوني – نُشر في 9 سبتمبر 2025
تؤكد أروى بن ضياء أنها ستواصل كتابة وترجمة قصائد عن فظائع الحروب، لا سيما ما يتعلق بالإبادة الجماعية في غزة. وتقول: «في حالة العجز، هذه طريقتي للاحتجاج على الفظائع والدفاع عن القضية الفلسطينية من بعيد».
الصحافة – الشاعرة الفرنسية – التونسية الشابة أروى بن ضياء حصلت، في يونيو 2025، على لقب سفيرة السلام الفخري، الذي منحته لها الجمعية الدولية المستقلة «الدائرة العالمية لسفراء السلام». وقد توّج هذا التكريم مسيرة أدبية شغوفة وإنسانية امتدت لسنوات طويلة، تزامنت مع مسار علمي لافت في ميدانه.

من الصرامة العلمية إلى الحرية الشعرية، يتجلى هنا بورتريه لامرأة مناضلة وملهمة. بأربعة دواوين كبرى وعدة إصدارات أخرى في مجلات مرموقة، تميّزت أروى بن ضياء بقوة شعرها الاستحضارية، التي تمزج بين البُعد الحميمي والبعد الكوني. تكتب أساسًا بالفرنسية، ولكن أيضًا بالإنجليزية والإسبانية، لتدين الجرائم المرتكبة ضد الطبيعة والإنسانية، واغتراب الفكر، وكل أشكال الخضوع الفكري.
في عام 2014، نشرت لدى منشورات تسامح ديوانها الأول «الحب في زمن الويب». ضمّ الديوان قصائد وقصصًا قصيرة وهايكو – وهو جنس أدبي ياباني يمتاز بالقِصر والبناء المعقد – يروي قصة حب تتحدى المسافة والعمر والزمن، مرتبة وفق تسلسل كتابتها. النصوص الأصلية بالإنجليزية والإسبانية تضمنها أيضًا ترجمة فرنسية قامت بها المؤلفة.
وفي 2015، أصدرت ديوانها الثاني «رحلة عطور» لدى الدار نفسها. ثم جُمِع الديوانان في مجلد فاخر بعنوان «عطر الحب».
في عام 2023، صدر ديوانها الثالث «صمت برتقالي» عن دار مايندسِت، وفاز بجائزة المجلة الشعرية النسوية «Orientales» الدولية للشعر والفن. أما ديوانها الرابع «أربعة فصول وفصل» فقد نُشر في أكتوبر 2024، بشراكة بين دار Le Cygne في فرنسا ودار النقوش العربية في تونس. وقد لاقى نجاحًا كبيرًا لدى القراء والنقاد، وحصد العديد من الجوائز، منها إدراجه في قائمة الفائزين بمسابقة «جمعية الشعراء الفرنسيين» وحصوله على دبلوم شرف، إضافة إلى جائزة دينا صهيوني الأدبية من الجمعية الدولية لدراسات المرأة ودراسات الجندر في الشعر.
وقد نُسخ كل من «صمت برتقالي» و«الفصول الأربع وواحدة» بطريقة بريل على يد جمعية بريل في تونس.
إلى جانب دواوينها، ساهمت أروى بن ضياء في العديد من المؤلفات التي تنادي بالسلام. كتبت مقدمات لعدة كتب، منها «عاريًا» لجينيكا مارس، الذي يندد بالتمييز الجنسي والعنف ضد المرأة في هايتي. وهي أيضًا شريكة لجمعية Ekri الشعرية الهايتية. كما شاركت في مختارات شعرية منها: «الشعر: نضالات ومعارك» (منشورات ميلو)، «جزر غامضة» (منشورات لي زومبرين)، و**«شعر المنفى»** (منشورات كونستلاسيون). كما أدارت وأسهمت في مختارات «ما تقوله الجدران».
تهوى أروى الترجمة بين الفرنسية والعربية والإنجليزية. ترجمت قصائد مقاومة منها نصوص الناشطة السياسية والثقافية ألكسندرا كريتيه لمجلة Planetariat التابعة لـ«الحركة العالمية للشعر»، كما شاركت في مبادرة «فلسطين، قصيدة كل يوم» التي أطلقها جريدة «طريق الحرير اليوم» المصرية. وهي تعمل حاليًا على ترجمة ديوان «فلسطينيادا» للشاعر الفلسطيني الكبير علي العامري إلى الفرنسية.
تقول:
«في عالم ممزق بالحروب، يجب أن يكون الشعراء صوت الحكمة، الذي يرشد خطوات الإنسانية نحو النور في ظلامها». هذا المسار الثري أهّلها للقب «سفيرة السلام»، وهو مصطلح ترى أنه يتسع ليشمل مهمة أوسع: «رسالتي أن أواصل العمل من أجل السلام بقلمي، وأن أشارك شعري مع الآخرين لتوعيتهم بهذا الموضوع، وأن أكون نموذجًا للسلم في حياتي اليومية، مواطنة وشخصية ومهنية وجمعوية».
تشمل هذه «المسؤولية الأخلاقية» التزامًا تجاه الكائنات الحية أيضًا، سواء كانت حيوانات أو نباتات. تقول: «أحاول عبر قلمي أن أوقظ الوعي بأهمية السلام البيئي من خلال قصائد تدعو إلى احترام الطبيعة، والاستدامة البيئية، والمصالحة بين الإنسان وكوكبه». وتضيف: «إلى جانب ذلك، يميل شعري إلى الطابع الروحي، داعيًا إلى التأمل والسلام الداخلي».
أما مسارها الأدبي الغني فيتوازي مع مسار علمي رفيع. فبعد أن ناقشت أطروحة دكتوراه في الإلكترونيات بـ Télécom Paris وحصلت على تأهيل كمحاضِرة، تابعت دراستها في مركز الدراسات الدولية للملكية الفكرية (CEIPI) بجامعة ستراسبورغ، تخصص براءات اختراع.
ومنذ 2021 أصبحت وكيلة معتمدة لدى المكتب الأوروبي للبراءات (OEB)، وحصلت في 2022 على صفة مستشارة في الملكية الصناعية، تخصص براءات اختراع، لدى المعهد الوطني للملكية الصناعية (INPI). كما ألفت كتابًا علميًا بعنوان:
“Designing a Robust Mesh of Clusters FPGA: Hardening basic blocks” صدر عام 2015 عن دار لامبرت.
من المعادلات العلمية إلى الحساسية الشعرية، رسمت أروى بن ضياء مسارًا فريدًا يجمع بين المنهج التحليلي والإلهام، بين المنطق والحدس، وهو ما سيكفل لها – بلا شك – نجاحات قادمة عديدة.
✍️ أمل بوعوني – فريق تحرير جريدة «الصحافة» التونسية
https://lapresse.tn/2025/09/09/arwa-ben-dhia-entre-science-et-poesie-portrait-dune-voix-engagee-un-parcours-litteraire-passionne-et-humaniste/