


في بعض الأعمال، يبدو اللون كأنه يخرج من عمق النار والوهج، بينما في أخرى يهدأ إلى نغمة سماوية من الأزرق والبنفسجي، فتتأسس ثنائية بين التجلي والغياب، بين الاحتراق والنور. الخطوط المنحنية والمتداخلة لا تعمل على مستوى الزخرفة فحسب، بل تشكّل طاقة روحية، مثل قصائد صوفية تُكتب على القماش لتعلن عن صلة الفنان بما هو مقدس وخالد.
تجاورُ الكتل والأقنعة والوجوه الشبحية في بعض اللوحات يعكس ذاكرة مكانية وشخصية، كأنها تحفر في تاريخ المدن السودانية وطقوسها الشعبية، بينما تظل الحروف العربية والرموز الصوفية هي البوصلة التي تمنح العمل عمقه الروحي. إن تعدد الطبقات اللونية والنصية يُدخل المتلقي في عملية قراءة مستمرة، حيث اللوحة كتاب مفتوح لا تُقرأ دفعة واحدة، بل عبر تراكم النظر والانغماس في أسرارها.


كمال هاشم