أحداثأدب

نبضات الطبيعة | حديث الطبيعة والدروس التربوية

 بقلم: طارق العمراوي، تونس

“نبضات الطبيعة” قصة من تأليف القاصة ماجدة مازن دراوشه واشتغلت على المتن المصور والمعبر الفنانة التشكيلية نسرين ابو إعليا  عبر رسوماتها والغرافيك المصاحب وقدمت خلال نصها معجما طبيعيا بيئيا لتتقاطع مع كل أدباء الأرض المحتلة  في استحضار النبات والأشجار والأزهار والزيتون في شعرهم وقصصهم الموجهة للطفولة واليافعين وفي الروايات بهدف تجذير الطفل في تربته وموطنه المغتصب.

وهنا حضرت الأشجار الباسقة وأوراقها وتيجان الأزهار الزاهية والصخور ونسيم الصباح العليل وخيوط الشمس الذهبية وقطرات الندى والربيع المشرق اليانع والقمر المنير والمرج الأخضر والفراشات والزعفران وزهرة النرجس وعصا الراعي وشقيقة النعمان وزهرة الأقحوان.

هذه الثروة الطبيعية توجب الحفاظ عليها عبر عدة طرق  وأهمها ذكرها للطفولة  في القصص والحكايات كي يتربى معها محبا لها متمتعا بها ومحافظا عليها  عبر ثقافة بيئية تبدأ من المعرفة وتنتهي بالمحافظة وهذا النص يلامس هذا الهدف بحرفية سردية مميزة ومعها مررت الكاتبة رسائلها  الأخلاقية والتربوية  بأن جعلت الزهور والورود هي شخصياتها  التي سيتفاعل  معها الطفل تفاعلا ايجابيا بعد أن تفاعلت معه هذه الكائنات الهشة والجميلة والتي تزين حقولنا ومزارعنا وحدائقنا إذ قالت زهرة الأقحوان :”من أجمل من الأطفال؟ هم رمز البراءة والصفاء”مذكرة بالتفاعل بينهما  في مثالين اثنين هما لعبة العدد الفردي والزوجي إذ تقول الزهرة” فهم يجدون بي تسلية عند عد أوراق زهراتي لأكون كتحد لهم عند معرفة عددها إن كانت فردية أو زوجية ” أو وضع التيجان من الزهرة  ليصبحن كالأميرات وهن الفتيات اليانعات” وهي فرصة للتذكير بألعاب الأجيال السابقة ولما لا تتواصل هذه الألعاب اليدوية و المحسوسة بعيدا عن ألعاب الحواسيب والهواتف الذكية عبر الخروج إلى الحدائق خاصة في فصل الربيع للتمتع  بالمناظر الخلابة والتفاعل  معها عبر هذه الألعاب التي تكون ذات طابع حركي- تفاعلي مع الطبيعة. كما اشتغلت الكاتبة  في متنها  على نقد التصرفات الموصوفة بالتعالي والعجرفة  والتباهي بالذات وحب النفس والضحك والسخرية والقهر والحسد والغضب والامتغاص والقهقهة والتبختر والتفاخر  والحنق مقابل الأخلاق الحميدة والمطلوبة وأهمها القناعة ككنز لا يفنى والرضا بالنصيب وقبول الاختلاف ومزيته والذي يجب أن لا يحدث خلافا  بل هو عنصر إثراء وتكامل  والحب المتبادل  بين الأم – الطبيعة وأزهارها والذي عبر عنه النص بالكلمات مثل أمنا الغالية والحبيبة وبالأفعال كالاحتضان بدفء ولكل زهرة ووردة دورها ومكانتها لتكتمل الصورة  في مجملها مع التذكير بالخالق المبدع غذ تقول الكاتبة  وكل مخلوق على هذه الأرض لد دوره وأهميته التي اختارها الله بحكمته وقدرته “.

لكن التباهي والتفاخر  سبق تدخل الأم- الطبيعة وقدمت الزهرات عرضا لخصائصها ونقاط قوتها وتميزها كاللون والطول والرشاقة لتعترفن بعد ذلك بأهمية الاختلاف خاصة في المثال الدامغ الذي حدثت  به الأم زهراتها قائلة” تخيلوا ألوان جميع الأزهار يجمعهن لوم واحد وشكل واحد  فهل ستكون  الطبيعة خلابة” .ومن نتائج الحديث الأخير الاعتراف بالخطأ والجهل وعدم  الشروع في الأحكام والتصرفات  إذ قالت زهرة الأقحوان ” نحن آسفات يا أمنا الغالية سامحينا إن أخطأنا وتسرعنا بحكمنا وتصرفنا لازلنا جاهلات وأنت لنا أفضل الناصحات” ولتشجيع الأطفال الانخراط في  هذا العالم الجميل  كما انخرط قبلهم الشعراء والأمراء وكيف استغل بعضهم أجزاء من الورود والأزهار في أشعارهم والقصص التي  تذكر  ببعض الورود كشقائق النعمان وملك الحيرة وحكاية النرجسية وغرق الطفل في البحيرة لتمرر أهم رسالة تقاطعت  فيها مع عديد الحكماء والفلاسفة والمحدثين وهي “أزهر أينما حللت” وأهمية إسعاد من حولنا لتنتهي الأزهار والورود إلى أهمية الزمن والأيام عبر استغلاله ليكون أهم من المعارك الهامشية إذ قلن”دعونا  نفرح ونمرح فوقتنا قصير لنستغل لحظاتنا الجميلة معا قبل أن يداهمنا الوقت لتنتهي رحلتنا فهي ليست أبدية” وكالقصص التي تحكي استغلال الأيام لدى الفراشات .

إن نص ” نبضات الطبيعة” لكاتبته ماجدة مازن دراوشه انطلق من الطبيعة مذكرا بجمالها  وتكاملها وتقديمها كلوحة متعددة الأشكال والألوان لكن بعد درس قاس قدمته الأم –الطبيعة للزهرات والورود  اللواتي   حضر بينهن تنافس   أظهر مساوئه وتبخترنا  وساد بينهن الحسد والعجرفة وغيرها ليحضر الاعتذار والتكامل وقبول الآخر وإسعاد الآخرين و…..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى