
في عام 2024، قدّم مسرح أغدام الحكومي للدراما المسرحية “تور“، من تأليف الكاتبة الأذربيجانية ترانة محمد. جاء هذا العرض ضمنمشروع “المسرح الضيف” الذي تنظمه وزارة الثقافة الأذربيجانية بالتعاون مع اتحاد عُمّال المسرح في أذربيجان. قام بإخراج المسرحيةكريم حسنوف، وهو المخرج الفني الرئيسي لمسرح أغدام الحكومي للدراما. وبعد العرض، تم تكريم كل من ترانة محمد، وكريم حسنوف،ومدير المسرح محمد حسينوف بمنحهم شهادات شرف، تقديرًا لمساهماتهم في إثراء المسرح الأذربيجاني. يُذكر أن محمد حسينوف يشغلمنصب مدير مسرح أغدام الحكومي للدراما، الذي يحمل اسم عبد الرحيم بيك حقوردييف. وقد كان له دور بارز في إحياء نشاطات المسرح،خاصة بعد تحرير مدينة أغدام، حيث يعمل حاليًا على إعادة ترسيخ حضور المسرح في المدينة التي تشهد عملية إعادة بناء شاملة. حينذاككتبت المؤلفة المرموقة ترانة محمد، التي ترجمت مؤخرا ديوان أشرف أبو اليزيد (شارع في القاهرة) إلى اللغة الأذرية، هذه الرسالة:
بعد ثلاثة أيام…
عادةً ما أُفَضِّل أن أكتب عن حدثٍ مهمّ في الحياة بعد مرور بعض الوقت. أعتقد أنّ الكتابة الفورية قد تجعلني أغفل عن شيءٍ ما، أو أنسىتفصيلاً صغيرًا، فقط لأنّني لم أُمنَح الوقت الكافي للتفكير بعمق.
بطبيعة الحال، ما أعتبره حدثًا مهمًا قد لا يعني الشيء نفسه للآخرين، وهذا أمر طبيعي ومقبول.

مؤخرًا، عُرِضَت المسرحية “تور” في مبنى اتحاد خَدَمَة المسرح الأذربيجاني، وهي مستوحاة من روايتي التي تحمل الاسم ذاته، من إعدادوإخراج كريم خان تشوبان حسنوف، المدير الفني لمسرح أغدام الحكومي للدراما.
لقد كانت بالفعل مناسبةً مميزةً بالنسبة لي، إذ كانت المرة الأولى التي أشارك فيها كمؤلفة في تواصل مباشر مع عالم المسرح. وبصراحة، لمأكن أعلم أنني محبوبة إلى هذا الحد.
الأصدقاء، والمعارف، والأقارب، وكل من حضر العرض، قدّموا لي دعمًا صادقًا شعرت به من أعماقي. وبهذه المناسبة، أود أن أعبّر عنامتناني العميق لكل من حضر العرض.
وأتذكّر أن أحد الكتّاب المسرحيين المعروفين، أثناء مشاهدته النسخة المسرحية من العمل، قال مازحًا: “لقد كان عرضًا رائعًا، تمنيت لو كانعملي!” وبالطبع كانت مزحة، لكنها في الوقت نفسه تعكس حقيقة: أحيانًا يتمكن المخرج من إعادة تشكيل العمل، وتقديمه من زاوية مختلفةتمامًا، لدرجة تجعل الكاتب نفسه يُفاجأ من حجم التحوّل الذي طرأ على نصه الأصلي. نعم، هذه إحدى خصائص المسرح.
فمن مدير المسرح، إلى عامل الإضاءة، يتوحد الجميع، ويُسَخِّرون جهودهم لتقديم عملٍ جديد كليًا للجمهور. والمُلفت أن تقييم العرض يُقدَّمفورًا من قِبل المشاهد. نعم، في التو واللحظة! فالمسرح فنٌّ يسمح للجمهور أن يقيّم على الفور أداء المخرج، وتمثيل الممثل، وتوزيع الموسيقى،والرسم، والمكياج، والأزياء… كل شيء.
ولا بد أن أذكر هنا أن القاعة كانت مكتظّة بالكامل، ولم يكن هناك مقعدٌ شاغر. وبلا شك، كانت هذه لحظة مرضية جدًا. كان الجميع ينتظرشيئًا ما، وكان ذلك الانتظار بحد ذاته دليلًا على وجود اهتمام حقيقي. أما عن النتيجة، فمن الصعب إصدار حكمٍ قاطع.
إنّ مسرح أغدام الحكومي للدراما ظلّ لسنوات طويلة يحمل صفة “مسرح اللاجئين“. وليس كل الممثلين فيه من المحترفين. وكان من المعروفسلفًا أنّ جهود كريم، المخرج الذي كرّس 36 عامًا من حياته في خدمة هذا المسرح، ونال خلالها جوائز عديدة، ستواجه تحديات جمّة فيتقديم عمل جديد في ظل ظروف مالية صعبة. ومع ذلك، يمكن القول إن المسرحية تمّ عرضها، وتلقّاها جزء من الجمهور بقبول طيب.
وقد حضر العرض عددٌ من رموز المسرح المعروفين، وممثلون عن وزارة الثقافة، وممثلون كبار، ونقّاد، وخبراء في هذا المجال، وكان لكلٍّ منهمرأيه الخاص في الأداء.
حتى أنا، كمؤلفة تخوض للمرة الأولى تجربة التفاعل المباشر مع المسرح، كانت لي أفكاري المتباينة عن العرض. ورغم كل شيء، أودّ أنأتقدّم بجزيل الشكر لممثلي مسرح أغدام الحكومي، الذين قدّم كلٌّ منهم جهده وفق مستواه، وبذلوا ما في وسعهم ليمنحوا عملي حياةً علىالخشبة رغم كل التحديات.
مرة أخرى، هذه أول تجربة لي مع المسرح، وقد تكون لم تحقق النجاح الكامل، لكنني سعيدة جدًا أنّ ذوي الخبرة في هذا المجال كانوامتفهمين، كريمين في ملاحظاتهم، وسخيين في دعمهم.
ومن الجدير بالذكر أنّ الكاتب والمخرج والممثل والصحفي المعروف، أغالار إدريس أوغلو، وهو من حاملي أوسمة الجمهورية الأذربيجانية،أبلغني برغبته في مشاركة خبرته معي، ومساعدتي في هذا العمل الصعب والدقيق. وأعتبر ذلك موقفًا عظيمًا، وتجسيدًا حقيقيًا للنُبل فيرأيي. أشكر المعلم أغالار، وأعده بأنني سأستفيد من علمه وخبرته ما استطعت.
أشعر بالامتنان لكل من شاركني فرحة هذا اليوم، وتوتره، وتحدياته. إنه يومٌ مهمٌ ومميز جدًا بالنسبة لي. ويُقال إنّ أثمن هدية يقدمهاالصديق لصديقه هي “وقته“. أيها الأصدقاء الأعزاء، شكرًا لكم مجددًا… على حضوركم، وعلى بقائكم حتى نهاية العرض، وعلى دعمكم لي!
نحن محظوظون جدًا بوجودكم في حياتنا
بقلم: ترانة محمد