أدبشخصيات

عُيُونٌ مَقْدِسِيَّةُ! نَصٌّ نَثْرِيٌّ للشاعرة رشا الحسيني، مصر

فلسطين، قصيدة كل يوم

عُيُونٌ مَقْدِسِيَّةُ!

نَصٌّ نَثْرِيٌّ للشاعرة رشا الحسيني

أَرَى الْقُدْسَ فِي عَيْنَيْكَ أَخِي الْمَقْدِسِي.
فِي الْحَقِيقَةِ لَا أَدْرِي كَيْفَ الشُّعُورُ وَوَطَنُكَ مُحْتَلْ؟!
كَيْفَ الْحَيَاةُ وَالْقُبَّةُ الذَّهَبِيَّةُ تَاجُ الْعَرَبِ يُوَارِيهَا ذَاكَ الظِّلْ؟!
وَالشَّوْكَةُ الْمُسْمُومَةُ تُغْرَسُ فِي قَدَمِ الْعُرُوبَة كَيْ تَضِلّ
كَيْفَ يَا أَخِي الْحَياةُ فِي وَطَنِكَ الْمُحْتَلْ؟
وَالْأَرْضُ ذَاتَ قِبَابٍ وَالْأَعْيُنُ أَمْعَنَتْ فِي الذُّلْ!
كَيْفَ يَا أَخِي الْحَيَاةُ وَوَطَنُكَ مَحْتَلْ؟!
أَرَى النُّورَ فِي عَيْنَيْكَ يُنِيرُ الطَّرِيقَ لِمَنْ يَسْأَلُ أَيْنَ الْحَلْ؟
وَفِي يَدَيْكَ يُضِيءُ الزَّيْتُ لِمَنْ يَرَى الْقُدْسَ مُغْتَصَبَةً مِنْ ذَلِكَ الْمُنْحَلْ!
تُرَى هَلْ يَكْفِي أَنْ تَقُولَ لَهُ ارْحَلْ.. لَنْ يَرْحَلْ!
هَلْ يَكْفِي شَجْبًا وَإِنْكَارًا أَلَا يُلْقِي الْفِرْعَوْنُ الطِّفْلَ فِي الْمِرْجَلْ!
لَا يَكْفِي! فَالسُّقُوطُ فِي الْجُبِّ لَمْ يَكُنْ لِلْقَبْرِ أَوَّلَ مَنْزِلْ!
بَلْ وَعْدًا بِالنَّصْرِ وَلَوْ كَانَ مَنْ فِي الظُّلْمَةِ صَغِيرًا أَعْزَلْ!
هَذِهِ الْقُدْسُ وَهَذِي جِرَاحُنَا وَتِلْكَ مَوَائِدُ عَلَيْهَا لُحُومُنَا تُؤْكَلْ..
وَهَلْ سَيُفْدِينَا صِغَارُ السِّنِّ ؟ وَالْعَرَبُ عَلَى صَرْحٍ كَاشِفُو الْأَرْجُلْ..
هَذِي فِلَسْطِينُ.. وَتِلْكَ السَّاحَةُ الْعَصْمَاءُ هُنَا الْقُدْسُ لَنْ يُذَلْ
هُنَا صَبِيحَةُ اسْتِشْهَادٍ وَلَيْلَةُ اسْتِعْبَادٍ.. هُنَا قَضِيَّةٌ لَا تُؤَجَّلْ….
هُنَا دَمْعَةُ جَدٍّ حَزِينٍ جَنَّتُهُ فِلَسْطِينُ يَقُولُ رَبِّ بِالسَّاعَةِ لَا تُعَجِّلْ…
*
هُنَا مَوْلِدُ الْأَدْيَانِ وَنُورٌ مِنَ الرَّحْمَنِ وَخَبَزْنَا الْمَنْزِلْ…
هُنَا الزَّيْتُ وَالزَّيْتُونُ وَمَسْرَى الْخَاتَمِ الْمُرْسَلْ…
هُنَا رَمْيَةُ الصِّبْيَانِ نَاقُوسٌ وَفِي قَلْبِي غَدَتْ مَشْعَلْ…
هُنَا ثَوْرَةُ الْغَضَبِ وَأَسْتَارُ الْوَغَى تُسْدَلْ…
هُنَا حِطِّينُ وَفِلَسْطِينُ.. هُنَا أَرْوَاحُنَا تُبْذَلْ..
هُنَا الْأَقْدَاسُ لَنْ تَنْدَاسَ مَادُمْنَا لَهَا نُقْتَلْ…
هُنَا دَرْوِيشُ.. أَنَا الْقُدْسُ.. أَنَا عَرَبِيٌّ..هُنَا سُجِّلْ..
هُنَا الشُّعَرَاءُ فِي الْأَكْفَانِ.. هُنَا الْمَسْرَى.. هُنَا الْهَيْكَلْ…
هُنَا شُهَدَاؤُنَا زُمَرًا.. عَلَى عِلْمِي يَسِيلُ الدَّمُّ يَسْتَبْسِلْ..
عَلَى عُشْبٍ هُنَا فِي يَمِينِي يَنْمُو الْحَقْلُ يَسْتَرْسِلْ..
عَلَى قَلْبِي وَظِلِّ جُفُونِي يَسِيرُ طِفْلِي يَسْتَقْتِلْ..
لِيَعْلُو الْقُدْسَ أَعْلَامٌ وَأَيْتَامٌ وَآيَاتٌ بِهَا صَدِّقْ بِهَا رَتِّلْ..
بِأَنَّ اللهَ أَوْعَدَنَا بِنَصْرٍ مُذْ قُرْآنِهِ أُنْزِلْ..

رشا الحسيني شاعرة فصحى وكاتبة مسرح شعري من جمهورية مصر العربية وعضو اتحاد كتاب مصر. حاصلة على ليسانس في اللغات الأوروبية والترجمة من قسم اللغة الألمانية، كما حصلت على دبلوم الترجمة الصحفية والأدبية من الجامعة الأميركية، بالإضافة إلى دبلوم تدريس اللغة الألمانية من المعهد النمساوي بالقاهرة. فازت بجائزة اتحاد كتاب مصر “جائزة الكاتب محمد سلماوي” فرع المسرح عن مسرحيتها الشعرية “محاكمة كيوبيد”.

أصدرت ديوانها الأول “خفقات قلب” عام 2005، وتلاه ديوان العامية “حالك يا مصر” عام 2011، كما أصدرت رواية للأطفال بعنوان “الأميرة والشيطان” ضمن سلسلة ألف ليلة وليلة في العام نفسه. ثم صدر لها ديوان “جدار الشوق والأمنيات” عام 2017، ومجموعة قصصية بعنوان “الحب نبض البنفسج”، وديوان “توق وطوق”.

قدمت أيضًا أعمالًا شعرية وإذاعية بالعامية من بينها “غناوي المسحراتي”، و”فوازير ست الستات”، و”فوازير ست الستات وسيد الرجالة”، وقد بُثت جميعها على موجات إذاعة القاهرة الكبرى في أعوام 2018، 2019، و2023 على التوالي.

في مجال المسرح الشعري، أنجزت عددًا من المسرحيات الشعرية من فصل واحد خلال الفترة من 2018 حتى 2023، ومنها: “بيكاسو وأحاديث الظلال”، “الوارثون”، “محاكمة كيوبيد”، “الشرنقة – غشاء العميان”، و”فاكهة أشجار الجحيم”. تتميز أعمالها بمزج اللغة الشاعرية بالدراما والتناول الإنساني العميق، وقد تركت بصمة واضحة في المشهد الأدبي والمسرحي المعاصر في مصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى